ترجمات عبرية

هآرتس: المفاوضات تتحرك في ثلاثة مسارات متوازية ما لا يضمن ان تثمر

هآرتس 3/8/2025، تسفي برئيلالمفاوضات تتحرك في ثلاثة مسارات متوازية ما لا يضمن ان تثمر

جهود الوساطة لعقد صفقة تبادل تتحرك الآن في ثلاثة مسارات متوازية، بدون خلية تربط بينها وتستطيع ان تثمر نتائج. في المسار الاول، تواصل مصر وقطر اجراء المفاوضات مع حماس، وانضمت اليهما تركيا التي وزير خارجيتها هاكان فيدان استضاف في يوم الجمعة الماضي بعثة لحماس برئاسة رئيس مجلس القيادة محمد درويش.

في المسار الثاني الذي استانفه ستيف ويتكوف، الولايات المتحدة تحاول تحسين موقف اسرائيل وصياغة اقتراحات، التي ربما يمكن أن توافق عليها حماس. ترامب ساهم في الواقع بنصيبه من خلال تغريدة هجومية كتب فيها “الطريقة الاسرع لانهاء الازمة الانسانية في غزة هي استسلام حماس واطلاق سراح المخطوفين”. ولكن يجب الاعتراف بان هذه التغريدة مائعة بدرجة معينة مقارنة مع تحذيراته لحماس في الشهر الماضي عندما قال “يجب عليكم الاختيار بين تحرير جميع المخطوفين الآن واعادة على الفور جثامين كل الذين قمتم بقتلهم، وبين أن تكون هذه هي نهايتكم. أنا ارسل الى اسرائيل كل ما تحتاجه لانهاء المهمة”. بعد ذلك ظهر أن مسار الضغط الوحيد الذي بقي للولايات المتحدة يؤدي الى القدس، حيث ان غزة تتطور كتهديد امريكي داخلي على ترامب.

في المسار الثالث تعمل دول الخليج برئاسة السعودية مع فرنسا ودول اوروبية اخرى على بلورة حل سياسي يتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقبل ذلك اقامة جسم لادارة غزة، لا تكون حماس شريكة فيه. هذه المسارات الثلاثة يواجهها موقف متصلب لحماس، الذي عبر عنه خليل الحية، نائب يحيى السنوار. “لا توجد أي فائدة من اجراء المفاوضات في الوقت الذي تشن فيه اسرائيل حرب ابادة وتجويع في غزة”، قال الحية واوضح بانه سيوافق على العودة الى طاولة المفاوضات فقط اذا تم ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع “بشكل محترم”. ولكن ايضا العودة الى طاولة المفاوضات لا تضمن الصفقة، حيث ان الطلبات الاساسية لحماس لم تتغير. ومن غير الواضح ايضا اذا كان الحية يقصد التفاوض على صفقة جزئية أو صفقة شاملة مثل التي يتحدث عنها الآن “مصدر امني اسرائيلي”.

الصفقة الجزئية التي تم عبر المفاوضات حولها تحقيق تقدم، توجد ربما لها احتمالية اكبر مع فتح مسارات تزويد المساعدات الانسانية، لكن بقيت فيها ايضا نقاط مختلف عليها مثل عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم وحجم انسحاب الجيش الاسرائيلي. بخصوص الصفقة الشاملة الامر اصعب بكثير، لأنها تحتاج الى قرار اسرائيلي بانهاء الحرب والانسحاب من معظم مناطق القطاع واقامة فيه جسم فلسطيني أو على الاقل فلسطيني – عربي. مقابل هذه الخطوات اسرائيل تطالب بنزع سلاح حماس وأن يتم نفي قيادتها من غزة وأن لا تشارك في ادارة القطاع كمنظمة. حماس اعلنت في السابق عن استعدادها للتنازل عن دورها في حكم غزة اذا اقيم جسم اداري متفق عليه. ولكن النفي ليس جزء من المعادلة التي تطرحها، والمتحدثون بلسانها اوضحوا بانهم لن يسلموا سلاحهم “الا اذا تمت اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.

في هذه الاثناء الحية اثار عاصفة كبيرة في مصر عندما توجه الى الشعب المصري وزعماء مصر والجيش المصري والعائلات والمثقفين والكنائس والنخب قائلا: “اخوتكم في غزة يموتون بسبب الجوع وهم على حدودكم، قريبون منكم، قوموا باسماع صوتكم كي لا تموت غزة بسبب الجوع، وأن تفتح مصر معبر رفح”.

النظام المصري الذي يسيطر كليا على وسائل الاعلام ويمنع مظاهرات الدعم لغزة، اعتبر هذه الدعوة ليس فقط اتهام مباشر للقاهرة بالتجويع، بل ايضا محاولة لاثارة العصيان المدني، والردود كانت طبقا لذلك. كاتب المقالات محمد السيد صالح كتب ردا على ذلك: “نشاطات القمع الاسرائيلية وتوسيع المستوطنات التي تستهدف افشال حل الدولتين توسعت في العقود الثلاثة الاخيرة، لكن ما تسببت به حماس في “طوفان الاقصى” يشكل خطر بعشرة اضعاف هذه النشاطات. في البيان الذي نشر في صحيفة “المصري اليوم” كتب انه يعتقد ان جزء كبير من الرأي العام المصري والعربي يتفق معه في رأيه. مصر الرسمية اوضحت بانه رغم تصريحات الحية إلا انها ستواصل بذل جهود الدفع قدما بالمفاوضات، حتى لو كانت ادوات ضغطها على حماس محدودة.

يبدو ان المبادرة السياسية للسعودية وفرنسا، التي انضمت اليها دول غربية، التي اعلنت عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية (بشروط مقيدة)، يمكن ان توفر لحماس السلم الذي سيمكنها من نزع سلاحها. نظريا، حماس يمكنها الادعاء بان الحلم الوطني الفلسطيني هي التي حققته وليس م.ت.ف أو السلطة الفلسطينية. ولكن هذه المبادرة تنقصها الارجل التي تعطيها الافق الواقعي. اسرائيل تعتبرها تهديد موجه اليها وتعتبرها “هدية للارهاب”، الولايات المتحدة التي تقف من ورائها اوضحت موقفها عندما فرض ترامب عقوبات ضبابية على قيادة م.ت.ف وشخصيات رفيعة في السلطة الفلسطينية.

حماس هي شريكة فكرية في موقف اسرائيل والولايات المتحدة، لان الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيجبرها على الاعتراف باسرائيل والتنازل عن الكفاح المسلح، وبالاساس فقدان دورها في ادارة هذه الدولة وتشكيل صورتها. جهات في حماس تقول بانه لا احد سال حماس عن رأيها ولم يحاول الاستيضاح عن موقفها اذا تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي.

مصدر فلسطيني في الضفة الغربية، مقرب من حماس، قال للصحيفة بانه في السابق، في محادثات المصالحة بين فتح وحماس التي ادت الى الاعلان عن حكومة فلسطينية مشتركة، تمت مناقشة قضية طابع الدولة الفلسطينية المستقبلية. وحتى انه كانت هناك تصريحات علنية بشان التزام حماس بتبني جميع الاتفاقات التي وقعت عليها م.ت.ف، بما في ذلك اتفاق اوسلو، والسعي الى الدولة الفلسطينية، لكن “هذه التفاهمات تحطمت، والتصريحات تم نفيها أو تم تعديلها خلال فترة قصيرة”.

حسب اقوال نفس المصدر فان حماس توجد الآن في مكان آخر، ولا يوجد فيها من يتخذ قرارات سياسية مبدئية. البنية الهرمية التي ميزت في السابق حماس انهارت، ومجلس الشورى (الجسم الذي يصوغ ويملي المواقف الايديولوجية، التي تنبثق منها استراتيجية حماس) هو ضعيف، منقسم وليست له سيطرة على الارض. ومثله ايضا وضع مجلس القيادة، المسؤول عن معالجة الشؤون الجارية لحماس الذي تم تشكيله في اعقاب اغتيار اسماعيل هنية في تموز 2024، الذي يشارك في عضويته من بين آخرين خالد مشعل والحية والمسؤول عن الضفة زاهر جبارين والامين العام نزار عوض الله ودرويش الذي يترأس ايضا مجلس الشورى. الصداقة والاتفاق لا تميز هذه المجموعة، سواء على الصعيد الشخصي أو الايديولوجي أو السياسي. ويكفي التذكير بان نزار عوض الله كان الخصم السياسي ليحيى السنوار، وتنافس امامه على منصب رئيس المكتب السياسي في غزة. مشعل الذي فصل المنظمة عن سوريا في اعقاب المذبحة التي نفذها بشار الاسد ضد مواطنيه وتسبب بمقاطعة طويلة بين حماس وايران، يعتبر الآن عنصر “معتدل”، يدفع نحو تسويات ستضع نهاية للحرب. ودرويش يعتبر مقرب من بلاط خامنئي.

الخلافات الشخصية والفكرية هذه يضاف اليها حقيقة انه لا يوجد في حماس الآن أي شخص قوي وكاريزماتي يمكنه اتخاذ قرار وفرضه على اعضاء القيادة. وحسب اقوال مصادر اقتبست في صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية فان هذا الامر انعكس مؤخرا بان حماس تتشاور مع التنظيمات الفلسطينية الاخرى مثل الجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في كل مرة يتم تقديم اقتراح لها من قبل الوسطاء، في حين انه في السابق تقريبا لم تهتم حماس بمواقفهم.

يصعب التقدير كيف سيؤثر توسيع دائرة التشاور على المفاوضات، ومن غير الواضح ايضا مستوى خضوع الذين يسيطرون بالفعل على المخطوفين لقيادة حماس. الافتراض هو ان مجرد النقاش المفصل في قضايا عملية تتعلق بصيغة الصفقة يمكن ان يشير الى انه توجد لحماس قدرة على تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه، ولكن لا توجد أي ضمانة لذلك.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى