ترجمات عبرية

هآرتس: الطريق الى هزيمة الحوثيين تمر بقطعهم عن ايران

هآرتس 22/7/2024، كسانيا سفتلوفا: الطريق الى هزيمة الحوثيين تمر بقطعهم عن ايران

هجوم اسرائيل في يوم السبت في الحديدية وجه لبنى تحتية مهمة تخدم الحوثيين مثل مخازن للنفط ومخازن للسلاح ومخازن للذخيرة. قبل سنتين، في آذار 2022، التحالف السعودي، الذي كان يحارب المتمردين في اليمن منذ العام 2015، قام بقصف مدينة الميناء الاستراتيجية ردا على مهاجمة الحوثيين في جدة. هذا الهجوم اضر بالبنى التحتية للنفط، وقلب اقتصاد السعودية. ولكنهم في الرياض عرفوا في حينه بأنهم لن ينجحوا في تحقيق الهدف الاساسي الذي يتمثل باسقاط نظام الحوثيين في اجزاء في اليمن، من اجل تمكين قوات معتدلة اكثر من اعادة السيطرة على الدولة الاكثر فقرا في العالم العربي.

الحوثيون بدأوا كقبيلة شيعية – زيدية في شمال اليمن، التي عانى ابناءها من الاضطهاد والتمييز لسنوات كثيرة. ولكن بالتدريج راكموا القوة وقاموا بتوسيع نفوذهم في مناطق واسعة في اليمن، على حساب قوى اخرى كانت لها علاقات مع دول الخليج. السعوديون راقبوا عن كثب وفقدوا الهدوء. فقد عرفوا أن كل خططهم الطموحة، مثل عدم الاعتماد على اموال النفط وتطوير السياحة والعثور على مستقبل آخر، ترتبط بالاستقرار الاقليمي. وقبل أي شيء آخر الاستقرار في منطقة الخليج. 

في الهزة التي احدثها الربيع العربي في بداية العقد السابق صعد نجم الحوثيين، الذين نقشوا على رايتهم تعبيرات الكراهية مثل “الموت لامريكا”، “الموت لاسرائيل”، “الخزي لليهود”، وقد حصلوا على احتضان دافيء ومتعاطف من ايران. السعودية ودولة الامارات راهنت على الحكومة الرسمية في اليمن، التي تم تشكيلها من الاعداء السياسيين للحوثيين. ولكن عندما دخل الحوثيون بصرخات الفرح الى العاصمة صنعاء وميناء الحديدة وسيطروا على الحكم هناك، في الرياض وفي أبو ظبي قرروا العمل.

منذ العام 2015 وحتى نهاية 2022 التحالف برئاسة السعودية حارب المتمردين الذين كانوا اضعف بكثير منه. العالم اتهم الرياض وحلفاءها بخرق حقوق الانسان والتجويع الجماعي عندما حاولوا اغلاق ميناء الحديدة ووقف ارساليات السلاح من طهران. في السعودية قالوا إنهم يحاربون بأيدي مكبلة، في حين أن منتقديهم يتهمونهم باستراتيجية فاشلة وغياب التصميم. 

في معظم ارجاء العالم لم يظهروا أي اهتمام بهذه الحرب ولم يعرفوا الكثير عن تفاصيلها. في كانون الاول الماضي تم التوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار آخر بين الطرفين، بعد اربع سنوات على انسحاب الامارات من التحالف. ولكنها استمرت في تطوير قواعد القوة في جنوب اليمن، لا سيما في جزيرة سوقطرة، بعد تسعة اشهر على توقيع السعودية وايران على اتفاق للتعاون الاستراتيجي. في الرياض قرروا التنازل عن الهدف الرئيسي الذي يتمثل بهزيمة نظام الحوثيين واعادة النظام الذي يؤيد السعودية الى الحكم في صنعاء. وقد فعلوا ذلك من اجل تحقيق الاستقرار والهدوء، وهي الامور المطلوبة من اجل تطبيق البرنامج الطموح، “السعودية 2030″، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

الاسرائيليون في معظمهم ايضا لم يظهروا أي اهتمام بالحرب في اليمن حتى فترة متأخرة. ولكن كان هناك من ادرك الامكانية التدميرية الكامنة للحركة المتطرفة التي تقف في مفترق طرق استراتيجي في البحر الاحمر. وتم بذل الجهود لكبح الحوثيين، وحتى اسقاط حكمهم، ولكن هذه الجهود فشلت. يوجد تشابه بين الوضع في اليمن والوضع في قطاع غزة، الآخذ في التدهور منذ سيطرت حماس على الحكم في القطاع في 2007.

اليمن هي دولة سيادية منذ 1962، وقطاع غزة هو جزء من حكم ذاتي فلسطيني، منطقة جغرافية ما زالت تناضل من اجل الاستقلال؛ القاسم المشترك بينهما هو سيطرة منظمات اصولية تؤيد اجندة ايديولوجية متطرفة وتحصل على الدعم من دولة تمنح الرعاية لمنظمات ارهابية في ارجاء العالم، ايران.

لاعب مارق في دول فاشلة

خلال 17 سنة حاول العالم العربي اجراء مصالحة بين حماس وفتح، لكن بدون نجاح. وخلال 17 سنة حاولت اسرائيل التخلص من حماس (بشكل رسمي على الاقل) بطرق مختلفة، بدءا بالحصار وحتى العمليات العسكرية. خلال 7 سنوات حاولت السعودية القضاء على نظام الحوثيين في اليمن (في حين كانت تحظى بمساعدة عربية وامريكية)، لكن بدون نجاح. ايضا الامم المتحدة لم تدفع قدما بتحقيق اهدافها، مثل احلال السلام ووقف دائم لاطلاق النار، سواء في غزة أو في اليمن. 

يبدو أن العالم غير قادر على مواجهة لاعب “مارق” مثل حماس، حزب الله والحوثيين، الذين يسيطرون على مناطق جغرافية أو على دول فاشلة. بسبب الشلل الفعلي للامم المتحدة فانه لا توجد تقريبا أي قدرة على اتخاذ قرارات جريئة حيوية من اجل سحب السيطرة على مجموعات سكانية في هذه المناطق من يد هؤلاء اللاعبين الخبيثين، مثلما حدث في كمبوديا في بداية التسعينيات.

في حينه قوة للامم المتحدة أخذت السيطرة من يد اللاعبين المحليين وشكلت حكومة مؤقتة لادارة الشؤون السياسية والقانونية والاقتصادية في كمبوديا. ربما أن هذا كان الحل المناسب ايضا في دول اخرى ومناطق اخرى كانت فاشلة مثل الصومال ولبنان. الامين العام للامم المتحدة السابق، بطرس بطرس غالي، كتب في بداية التسعينيات بأن النظام العالمي بدأ في تقديس مفهوم السيادة، بدون أي حاجة، حتى عندما كان واضح للجميع بأنه لا يوجد للدول والمجتمعات المدمرة القدرة على مواجهة التحديات الكثيرة وعزل الحكام الفاسدين ومنع استمرار الكارثة.

اليمن تعتبر مثال كلاسيكي على الدولة الفاشلة. الحرب الاهلية سائدة فيها منذ سنوات كثيرة، تقريبا من اللحظة التي اعلنت فيها عن استقلالها. حتى قبل صعود الحوثيين الى سدة الحكم كانت اجزاء واسعة فيها تسيطر فيها القاعدة ومنظمات جهادية اخرى. ايضا هذا كان له دور في جعل الحوثيين الشيعة يحملون السلاح ويدافعون عن انفسهم امام صعود الاسلام السني الراديكالي. 

في السابق تدخلت مصر في اليمن من جهة، والسعودية من جهة اخرى. الآن القوة الاكثر هيمنة والتي تدفع الحوثيين للمواجهة مع اسرائيل هي ايران. خلال سنوات كانت اليمن “ثقب اسود” في الشرق الاوسط، وقلائل اهتموا بما يحدث فيها. هذا الى أن أصبح الحوثيون تهديد بحجم اقليمي وحتى عالمي.

اسرائيل عانت من اعمال الحوثيين عشرة اشهر تقريبا، ومن الجيد أنها ردت على اطلاق المسيرة نحو تل ابيب. لكن قدرة اسرائيل وحدها لا تكفي لهزيمة الحوثيين. فهذه منظمة ارهابية تدعمها طهران، وهي تسيطر على سكان فقراء وجائعين، يعتمدون بصورة شبه مطلقة على المساعدات الانسانية. لا يوجد في اليمن بنى تحتية كثيرة مثل التي تم ضربها في يوم السبت. وحتى لو تم تدمير ميناء الحديدة – المجتمع الدولي بالتأكيد سيكون له ما يقوله عن ذلك كما فعل ازاء عمليات قصف التحالف السعودي – إلا أنه مشكوك فيه أن تكون هذه خطوة ستشل بشكل كامل نشاطات الحوثيين لفترة طويلة. 

من اجل هزيمة نظام رعب الحوثيين يجب ليس فقط هزيمته عسكريا، بل قطعه ايضا عن السفينة الأم، ايران، من خلال فرض الحصار البحري الوثيق وايجاد بديل للنظام. هذا لن يأتي بالضرورة من الساحة السياسية المتفككة في اليمن، بما يشبه الوضع في كمبوديا قبل ثلاثين سنة. فقط عندها سيكون بالامكان توفير الامن لمدن السعودية ومدن اسرائيل، وحماية حركة الملاحة الدولية في البحر الاحمر.

من اجل ذلك فانه مطلوب تحالف دولي يشمل اسرائيل ودول عربية ايضا. من الواضح أن ذلك لن يحدث طالما أن القتال يستمر في غزة. ايضا الحل في القطاع لن يكون بالضرورة محليا، بل ايضا دوليا واقليميا. كل من يسعى الى “النصر المطلق” في جميع الساحات يجب عليه التركيز على التساوق مع اللاعبين الاقليميين والدوليين الرائدين، من اجل بلورة بنية هندسية اقليمية جديدة ومستقرة. هكذا يمكن التغلب على اللاعبين “المارقين” وعلى من تعطيهم الرعاية الكبيرة، ايران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى