ترجمات عبرية

هآرتس: الردود في إسرائيل على مبادرة ترامب انفعالية غاب التطرق الى العامل الأخلاقي

هآرتس 7/2/2025، عاموس هرئيل: الردود في إسرائيل على مبادرة ترامب انفعالية غاب التطرق الى العامل الأخلاقي
خلال فترة الحرب طلب ممثلو إدارة جو بايدن اكثر من مرة زيارة غزة، من اجل الاطلاع على حجم الدمار الذي تسبب به الجيش الإسرائيلي هناك، والاطلاع على الصعوبات في توفير المساعدات الإنسانية. الدمار في غزة، يقول رجال استخبارات في اسرائيل، هو من الاخطر، اذا لم يكن الأكبر، من حيث قوته وحجمه، الذي تمت مشاهدته في حروب العقود الأخيرة في العالم.
عندما وصلت الطلبات في القنوات الدبلوماسية، اعتاد الجيش الإسرائيلي بتوجيه من المستوى السياسي على التهرب والتأجيل. في النهاية، عندما لم يبق أي خيار، تم نقل الأمريكيين في سيارات مصفحة وبدون نوافذ، من اجل رؤية اقل قدر من التدمير. في نهاية الشهر الماضي، بعد أن استدعى ستيف ويتكوف نفسه، مبعوث الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط، لجولة مشابهة، كانت هناك تعليمات مختلفة كليا. الضباط اخذوه الى مناطق فيها الدمار واضح تقريبا بشكل مطلق. عندما يقول ترامب، بدرجة من الصدق، بأن القطاع في الوضع الحالي غير قابل لسكن البشر، أيضا رسائل إسرائيل حثته على التوصل الى هذه النتيجة. 
الفجوة بين الزيارات في الفترتين تعكس القليل من التناقض في السياسة الخارجية الامريكية. الإدارة السابقة عرضت اكثر من مرة أفكار اعتبرت منطقية، مع إمكانية كامنة مفيدة. ولكن قدرتها على فرضها على الطرفين كانت ضئيلة. وزير الدفاع السابق يوآف غالنت قدر في الربيع الماضي أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يلعب على الوقت ويقوم بتأخير كل عملية سياسية هامة، في انتظار قدوم ترامب. الرئيس الأمريكي الحالي عند عودته الى البيت الأبيض يبدو كصاحب قدرة على المساومة اكثر من سلفه. الموضوع هو أنه باستثناء نجاحه الجدير بالثناء في المصادقة على صفقة المخطوفين، فانه يطرح بالأساس أفكار متطرفة بعيدة المدى، التي خطرها كبير. 
المؤتمر الصحفي الذي عقده ترامب مع نتنياهو في مساء يوم الثلاثاء كان مؤتمر استثنائي حتى بمفاهيم المستضيف. سلسلة القنابل التي القاها الرئيس، على رأسها اقتراح التهجير الشامل والى الأبد للغزيين وتولي أمريكا المسؤولية عن القطاع اثارت الانفعال الإعلامي الكبير واستقبلت بنشوة صبيانية بدرجة معينة في الحكومة وفي الأحزاب اليمينية في إسرائيل. أيضا نتنياهو نفسه ظهر متفاجيء من بعض تصريحات ترامب. ولكن عمليا هذا كان تهديد مخطط له جيدا. ترامب بعودته الى البيت الأبيض يفعل ما فعله دائما، ولكن بصورة اكبر. يقوم بالقاء مواد متفجرة في غرفة مكتظة وينتظر رؤية ماذا سيحدث. المتحدثة بلسانه اضطرت الى الاعتراف بعد ذلك بأن الخطة كان يتم كتابتها في الوقت الذي كان يتحدث فيه. من يدري، ربما احد ما في المكتب كان يلعب بالضبط في “تشات جي.بي.تي”.
منذ اللحظة التي طرح فيها فكرة متطرفة وصعبة على التنفيذ، ويبدو أنها غير قابلة للهضم من قبل العالم العربي، فان الرئيس الأمريكي أمل في اجبار الفلسطينيين والدول العربية على الخروج عن اطوارهم لطرح شيء ما يكون مقبول عليه. عمليا، يبدو من المعقول أن النقاش سيعود في النهاية الى الأفكار الاصلية التي نوقشت في فترة بايدن: إعادة اعمار القطاع، حيث معظم السكان يبقون فيه، وتدخل مالي عميق من دول الخليج وإيجاد تسوية سياسية فلسطينية تمكن ترامب ونتنياهو من الادعاء بأن حماس تم ابعادها عن دفة القيادة في القطاع.
في اجمالي الردود في إسرائيل، المتحمسة في معظمها، غاب تقريبا التطرق الى العامل الأخلاقي – الطرد الفعلي لمليوني شخص، الذين اجدادهم وآباءهم عاشوا هنا – ليس في دولة وصاية في شرق افريقيا. اليمين تحمس من إمكانية أن الفلسطينيين سيختفون فجأة من افق القطاع. الوسط في إسرائيل، بقدر ما بقي منه، غير بعيد عنه. يصعب التفريق بين رد نتنياهو ورد رئيس المعسكر الرسمي، عضو الكنيست بني غانتس، على اقتراح ترامب. هذا جزء من الصدمة التي تسببت بها فظائع المذبحة في 7 أكتوبر، لكن الردود تعكس أيضا انغلاق متزايد للرأي العام هنا تجاه خطوات جارفة تريد تغيير حياة الملايين بشكل قسري. 
الرئيس بمنطق العقارات يعرف أنه فقط اخلاء الأنقاض سيستغرق عقد على الأقل، ناهيك عن الحاجة الى تحييد مئات القنابل الاسرائيلية التي لم تنفجر. البنى التحتية التي بقيت في القطاع لا تسمح بحياة سليمة. في القطاع انتظروا بصبر اخلاء إسرائيل لممر نتساريم بهدف السماح لمئات آلاف السكان بالعودة من الجنوب الى الشمال، الى بلداتهم المدمرة. ولكن عندما تم اخلاء الممر فان كثيرين عادوا الى الجنوب بعد بضعة أيام بعد أن تبين لهم بأنه لا يوجد في الشمال حتى تزويد معقول لمياه الشرب. مع ذلك، ادعاء نتنياهو وترامب بأن الحل البديل يوجد في افريقيا، هو ادعاء غير منطقي في أي حال من الأحوال. الفلسطينيون سيكونون هناك نبتة غريبة، حتى لو كانوا يعتنقون الدين الإسلامي الذي يعتنقه سكان تلك الدولة التي لم يسمع أي أحد عنها، الصومال. 
الشريك المطلوب لخطوة ترامب، السعودية، سارعت الى اصدار بيان يتحفظ من وهم التهجير والتأكيد على الحاجة الى إقامة الدولة الفلسطينية. الأردن ومصر، التي تم ذكرها في البداية كهدف محتمل لاستيعاب المهاجرين من غزة، مذهولة. أيضا النظام في عمان متأرجح والحكومة المصرية تناضل من اجل اطعام كل يوم مليون فم جائع. 
وزير الدفاع يسرائيل كاتس أمر امس الجيش الإسرائيلي باعداد خطة لخروج سكان غزة. وهو أيضا اهتم باتهام مسبقا دول مثل فرنسا، ايرلندا والنرويج، التي انتقدت خطوات إسرائيل في الحرب، بالنفاق، اذا لم توافق على استيعاب المهاجرين الفلسطينيين. حتى الآن احتمالية تطبيق فكرة ترامب الجديد ضعيفة جدا. المعنى الفوري والاساسي للعملية يمكن الشعور به بالذات في الملعب البيتي. ليس عبثا أنه تم ارسال ويتكوف للتحدث لساعات مع الوزير بتسلئيل سموتريتش. الامريكيون يريدون تعزيز ائتلاف نتنياهو قبيل الخطوات القادمة. الامر الهام والمستعجل من بينها هو بالذات ما يعارضه اليمين المتطرف وهو استكمال المرحلة الأولى في صفقة المخطوفين (التي ستتم إعادة فيها 12 مخطوف احياء و8 جثامين)، والانتقال الى المرحلة الثانية التي ستتم فيها إعادة 59 مخطوف، اقل من نصفهم على قيد الحياة. 
إن وهم الطرد هو قطعة حلوى مغرية جدا بالنسبة لسموتريتش كي لا ينسحب الآن؛ صحيح أن ايتمار بن غفير أيضا يريد العودة. ترامب في الواقع تحدث عن إمكانية ضم الضفة الغربية (هو يقلق من الحجم المتواضع لإسرائيل، التي قارنها بـ “هذا القلم المدهش”، والشرق الأوسط بـ “طاولة الكتابة الكبيرة التي توجد في مكتبه). عندما وعد بمناقشة الضم في غضون شهر فان التوقيت لا يبدو صدفيا، بل هو مندمج مع المرحلة الثانية في صفقة التبادل. المانحة المليارديرة ماريام ادلسون تستمر في الضغط على ترامب من اجل إعادة آخر المخطوفين الى البيت، ويبدو أن ويتكوف على الأقل يلتزم بذلك، أخلاقيا وعاطفيا. 
ربما أن العائق الكبير الآن هو مرة أخرى حماس. اذا اعلن ترامب بأن حماس لن تحكم في قطاع غزة، واقترح هجرة واسعة منه، فهل يبقى أي دافع لحماس للتقدم في الصفقة، وحتى تنفيذ المرحلة الأولى؟ في هذه الاثناء حماس ما زالت تتمسك بالصفقة، وحتى أنها تفحص اظهار مرونة ما لصالح نبضات اكبر، التي في اطارها سيتم تحرير عدد اكبر من المخطوفين. ولكن مشكوك فيه اذا كانت تصريحات ترامب تشجعها على التقدم اكثر من ذلك. الاجندة التي تم تحديدها في الصفقة تصعب اكثر على الحكومة، بدون صلة بحلم ترامب. لقد بقيت ثلاثة أسابيع تقريبا على انتهاء المرحلة الأولى. بعد ذلك، في ظل غياب الاتفاق، فان الطرفين يمكنهما الاستمرار في مناقشة الحل خلال وقف اطلاق النار. محيط نتنياهو اصبح يسرب الآن بأنه سيطلب تمديد المرحلة الأولى بواسطة نبضات اطلاق سراح صغيرة أخرى، كما يبدو من اجل عدم الوصول الى المرحلة الثانية التي تنص على اطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين مقابل المخطوفين الباقين واخلاء محور فيلادلفيا والانسحاب الشامل من القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى