هآرتس: الجمهور مثل نتنياهو يريد استمرار الحرب

هآرتس 16-5-2024، جاكي خوري: الجمهور مثل نتنياهو يريد استمرار الحرب
الانتقاد الذي توجهه عائلات المخطوفين، التي تطالب بعقد الصفقة، لبنيامين نتنياهو وحكومته، يتركز على الادعاء بأنهم يريدون استمرار الحرب مع التضحية بالمخطوفين. ولكن الجزء الأول في هذا الانتقاد، السعي إلى استمرار الحرب، لا يقتصر عليه وعلى الكهانيين في حكومته، بل هو موقف الجمهور في اسرائيل. الاحتجاج من اجل إعادة المخطوفين يتعلق فقط بقضية تحريرهم، بكل ثمن. وكل ما تبقى غير مهم. لا يهم إذا بقيت غزة مدمرة، ولا يهم ما الذي سيحدث في اليوم التالي. غضب أو أيديولوجيا تمنع معظم الجمهور في اسرائيل من التفكير والتحدث بمفاهيم التسوية السياسية بعد انتهاء الحرب. كل ذلك خلافا للحرب في العام 1967. ففي حينه كان هناك جمهور واسع في اسرائيل اعتبر المناطق المحتلة وديعة من اجل التفاوض – الأراضي مقابل السلام. الصيغة بدأت تتسرب أيضا في أوساط التنظيمات الفلسطينية ورؤساء “م.ت.ف” في حينه، وهكذا جاءت فكرة الدولتين.
بعد حرب يوم الغفران تغير التوجه. فإسرائيل توصلت إلى اتفاق سلام مع مصر وقامت بإعادة كل شبه جزيرة سيناء، لكن في المقابل عملت على إفشال حل الدولتين بواسطة تعزيز مشروع الاستيطان. أيضا عندما قام أريئيل شارون بإدخال اسرائيل في وحل لبنان في 1982 كان لديه هدف سياسي وهو إنهاء القضية الفلسطينية.
الواقع صفعنا جميعنا. انهار من الدماء سالت، وتم تفويت فرص، والفلسطينيون لم يختفوا. وبدلا من “م.ت.ف” ظهرت “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. وفي الوقت الذي فيه رئيس “م.ت.ف”، محمود عباس، يحاول منذ ثلاثين سنة الدعوة للسلام، وقرارات المجتمع الدولي ومبادرة السلام العربية تحصل على الاهتمام بالضبط مثل فرع الهستدروت في جفعات شموئيل.
الآن، بعد مرور سبعة اشهر على يوم السبت الفظيع الذي التهم الأوراق فإن اسرائيل تقف مرة أخرى أمام نفس السؤال. المشكلة ليست “حماس” ووحشية النخبة، بل المشكلة هي الفيل الموجود في الغرفة، الذي يرغبون باستمرار في عدم رؤيته. عائلات المخطوفين والجمهور العقلاني في اسرائيل يجب عليهم قراءة الواقع وراء مشاعر الغضب والانتقام. اشهر من الحرب، معبر رفح في ايدينا، قمنا بقصف مستشفى الشفاء، المخطوفون غير موجودين، لا يوجد نصر، “حماس” لم يتم إبعادها، يوجد فقط دمار وغضب وإحباط ودماء. إذا اردنا إعادة المخطوفين فيجب الدعوة إلى إنهاء الحرب وتبني مبادرة سياسية. بني غانتس ويائير لابيد يجب عليهما عدم الخوف من أن يتم وصفهم كيساريين، وقول ما يجب أن يقال لأنه ليس هناك خيار آخر.
في الحقيقة، من وجهة نظر اسرائيل فإن التسوية السياسية هي ضفدع كبير يجب ابتلاعه. ولكن حتى نتنياهو و”حماس” أيضا يقفان أمام المعادلة نفسها. نتنياهو يمكنه النظر بشكل مباشر في عيون أبناء عائلات المخطوفين وفي عيون الجمهور الإسرائيلي، لأنهم هم أيضا لا يسعون إلى تسوية، بل إلى مواصلة السيطرة على الشعب الفلسطيني. بثمن حياة المخطوفين منعنا التسوية وقمنا بمعاقبة “حماس” وسنستمر في السيطرة لأجيال على الفلسطينيين، وهذا الأمر يعتبر تضحية مناسبة. أيضا “حماس” تدفع الثمن بعشرات آلاف القتلى وآلاف المخطوفين وبلاد مدمرة، سيحتاجون إلى عقود لإعادة إعمارها.
ولكن إذا تمكن الشعب الفلسطيني بعد انتهاء الحرب من رؤية أفق، فهذا سيكون أيضا تضحية مناسبة في نضال الشعوب من اجل الحرية. لذلك، حتى هذه المنظمة المتوحشة يجب نزع سلاحها وتجريدها من أيديولوجيتها. هذه هي المعادلة. وعدا ذلك فإنه لا توجد أي احتمالية لرؤية المخطوفين أو أسرى محررين أو أفق سياسي، فقط المزيد من سفك الدماء والثكل والبكاء.