ترجمات عبرية

هآرتس: الانتداب الامريكي

هآرتس 19/11/2025، جاكي خوريالانتداب الامريكي

قرار مجلس الامن الصادر الليلة الماضية يضع القيادة الفلسطينية مرة اخرى في موقف اشكالي. العالم في الواقع يتماهى مع الم الفلسطينيين، لكنه لا يجد عنوان على شكل قيادة وطنية متبلورة، يمكنه معها وضع سياسة. بعد سنتين من الحرب المدمرة في قطاع غزة، وبعد عقدين من الانقسام الفلسطيني الداخلي، فان الصورة التي تظهر بوضوح وكآبة هي انه لا يوجد الان زعيم فلسطيني قادر على تمثيل كل الجمهور، والتاثير على اتخاذ القرارات في الساحة الدولية. فلسطين مرة أخرى توجد تحت الانتداب، هذه المرة انتداب امريكي.

الأعضاء في مجلس الامن في الواقع يطالبون بوقف اطلاق دائم للنار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل حر، ووضع قوة متعددة الجنسيات تكون مسؤولة عن تنفيذ وقف اطلاق النار. ولكن اللغة الدبلوماسية اللطيفة تخفي خلفها عدد من المجاهيل. القرار لا يتضمن جدول زمني لانسحاب إسرائيل من القطاع. والمجلس لم يحدد تاريخ لدخول قوة فلسطينية رسمية الى المنطقة. وبشكل عام، هذا القرار يتجاهل كليا الضفة الغربية ولا يتطرق الى التصعيد واعمال العنف في المنطقة. إضافة الى ذلك لا يوجد في القرار التزام واضح بوقف خطوة الضم، في القطاع او في الضفة الغربية. أيضا الذكر الغامض لحق تقرير المصير للفلسطينيين يواصل الديناميكية المعروفة لتصريحات بدون خطة للتنفيذ ومواصلة الفصل الفعلي بين الضفة والقطاع.

في رام الله رحبوا بالقرار بدون ان يكون لديهم خيار في ذلك، واكدوا على نقاطه الإيجابية: فتح المعابر، حماية السكان المدنيين، منع تهجير سكان القطاع وإعادة اعماره، عمل فعلي لاحياء حل الدولتين. السلطة أعلنت استعدادها لتحمل المسؤولية المدنية والإدارية عن غزة، مع الالتزام باجراء إصلاحات داخلية. ولكن الفجوة بين التطلعات السياسية والازمة الشرعية العميقة للسلطة تزيد الشك بخصوص القدرة على تحمل المسؤولية في القطاع من جهة، ومن الجهة الأخرى الوقوف امام حكومة إسرائيل التي لا يتوقع ان تعطي الفلسطينيين موطيء قدم في القطاع. حماس من ناحيتها رفضت قرار مجلس الامن بذريعة انه يضر بحقوق الفلسطينيين ويخدم اهداف إسرائيل في مواصلة الاحتلال. ولكنهم أيضا في حماس يعرفون انه لا يوجد لهذا الرد وزن في الساحة الدولية.

عمليا، الواقع يؤدي الى وضع فيه إدارة ترامب لديها تفويض لادارة الفترة الانتقالية في قطاع غزة. ترامب يمكن ان ينجح في تثبيت وقف اطلاق النار وتحريك خطوة الاعمار في القطاع. ولكن هذا تفويض هش، يرتبط برغبة الرئيس النرجسي والمتقلب.

إسرائيل التي تدخل الى انتخابات ستمنع أي عملية توجد فيها حتى تلميح سياسي لصالح الفلسطينيين. هكذا فان مصلحة إسرائيل هي الحفاظ على الوضع القائم على الأقل حتى موعد الانتخابات ودحرجة غزة الى الحكومة القادمة. حتى ذلك الحين سيواصل الخصوم السياسيين التشاجر، أيضا في الساحة الفلسطينية: فتح أو حماس، من هو شرعي ومن هو لا، من سيتم تجريده من سلاحه ومن سيقوم باجراء الإصلاحات – بدون أي جواب على السؤال الأساسي المتعلق بالاحتلال.

الصورة الاخذة في التبلور، على الأقل في السنة القادمة، ستكون صورة فيها قطاع غزة مقسم بالفعل – غرب القطاع تحت نفوذ حماس مع قوة دولية محدودة، وتحرك بطيء باتجاه الاعمار، وشرق القطاع تحت سيطرة إسرائيلية وثيقة. هذه الصورة كما يبدو ستتضمن تفعيل آلية إدارة لادارة ذاتية، وتوجيه موارد لاعادة الاعمار وربما نقل سكان “معتدل” من غرب القطاع الى شرقه. في موازاة ذلك الضفة الغربية ستواصل التآكل تحت تصعيد واعتداءات المستوطنين، وترسخ نظام ابرتهايد سيزداد نيره ثقلا.

بسبب ذلك بقيت هناك حقيقة بسيطة بعد الليلة الدبلوماسية. قرار مجلس الامن هو قرار آخر، الذي تنفيذه معلق في الهواء، وبالاساس برغبة رئيس الذي بالنسبة له بيع طائرات اف35 للسعودية يساوي اكثر من كل الفلسطينيين في غزة وفي الضفة الغربية معا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى