هآرتس: اضمحلال القوة، السلطة وفساد القلب – ثلاث صور للشر الاسرائيلي

هآرتس – يوعانا جونين – 2/9/2025 اضمحلال القوة، السلطة وفساد القلب – ثلاث صور للشر الاسرائيلي
1- في الصورة التي نشرها “حاخامات من اجل حقوق الانسان” يظهر جندي يعتمر خوذة، ودرع واقي ونظارات شمسية فسفورية، وقناع لجمجمة تغطي وجهه. هويته محيت، وانسانيته انتزعت، وهو اخذ على عاتقه صورة الموت. الصورة تم تصويرها في الاسبوع الماضي في منطقة الخضر في الضفة الغربية، حيث وصل الى هناك النشطاء من اجل مساعدة سكان القرية في قطف العنب. مهمة الجندي المستعار: مساعدة المستوطنين في ابعاد النشطاء. هذه ارض خاصة، ويوجد للمزارعين تصريح، ولكن جيش الموت خبير في اختراع خدع والاعيب، والتي استهدفت تنغيص حياة الفلسطينيين ومصادرة اراضيهم.
الجندي يلبس وجه هيكل عظمي من اجل اثارة الرعب لدى المواطنين الخاضعين لامرته. هذا ليس فقط نزوة خاصة، هذا رمز. القناع الحقيقي يمزق القناع من على روتين الاحتلال: هدف الجيش ليس الحفاظ على النظام بل ان يزرع الدمار، ويحول الامر اليومي الى امر مهدد – بواسطة تنكيل ممنهج، وحواجز خانقة، واقتحامات ليلية، ودعم المشاغبين اليهود. ازاء هذه الصورة المزعجة يصعب الّا نتذكر الفيزيائي روبرت اوبنهايمر، والذي عند رؤيته اول انفجار نووي اقتبس من كتاب “البهاجافد جيتا” (وهو احد الكتب المقدسة الهندوسية المعروفة – المترجم): “الان انا الموت، مدمر العوالم”. الجندي المجهول تحول الى تجسيد لقوة التدمير، والى سفير شبحي لمجتمع كامل تخلى عن انسانيته.
2- بعد عدة ايام من ذلك نشر فيلم فيه تم توثيق والد الوزيرة عيديت سلمان وهو يهزأ بامرأة مسنة تعاني من ارتجافات في جسدها. المراة تقف بالقرب من بيت سلمان تحمل يافطة تدعو لوقف كل شيء من اجل المخطوفين. الوالد – يحمل كيس لسوبر ماركت “يوحاني نوف” مع نظرة جامدة – وهو يتشاجر مع مجموعة من المتظاهرين. “الا تخجل من بنتك؟” سألته المتظاهرة؟ بهدوء ردا عليها، والد سلمان يقلدها باستهزاء، ويهز جسده بطريقة غريبة من اجل اهانتها. مواطنة مسنة تحتج وهي متألمة، وتحاول التظاهر من اجل من فرطت بهم الحكومة، والتي ترتجف بسبب سنها او وضعها الصحي (وفي الواقع هل يمكن اصلا الانشغال بمثل هذه الفظائع بدون ان يرتجف القلب واليدين؟).
هذه المتعة السادية التي يحصل عليها الاب من استهزائه بامرأة ضعيفة هو جزء من نموذج ثابت لمؤيدي الحكومة، والذين حولوا متظاهرين مسنين الى هدف مفضل للاهانة. هذه ثقافة سياسية تقدس القوة وتستهين بالشفقة – وهو سمة بارزة للحركات الفاشية. ومثل الجندي صاحب وجه الجمجمة، ايضا والد سلمان يستمتع ويبتهج من شعور القوة الزائفة الذي يمنحها له عجز من يقفون امامه. كلاهما يمحوان ذاتهما – احدهما بالتنكر والاخر بالتقليد – من اجل محو انسانية الاخر.
3- في يوم الخميس نشر حانوخ داوم صورة استهدفت الاستهزاء بالدلائل والشهادات على وجود جوع في غزة. صورة ذكاء صناعي مزيفة بصورة متعمدة، والتي فيها تظهر امرأة فلسطينية مع اربعة اطفال، وزوج من القطط لهما رأس واحد وفي الخلفية يوجد ديناصور. “الجوع في غزة يواصل كونه قاسيا” كتب داوم “شخصيا انا اشفق بالاساس على الدجاجة الغريبة الموجودة في الخلف”. ومثلما كتب دكتور اساف دافيد: “الجوع والموت في غزة هما ليس دعاية. الاعتماد على صور مزيفة هنا وهناك من اجل السخرية من الجوع والموت هو ما يعتبر دعاية”.
داوم يستخدم الصور المفبركة والتي تنشر من حين لاخر في الشبكة العنكبوتية، من اجل انكار الجوع والقتل في غزة – والاسوأ من ذلك انه يعرف ان الجوع والموت حقيقية وهذا ما يفرحه. عشرات الاف الاسرائيليين اعطوا اعجابات ضاحكة للصورة. الشر ليس فقط في الهامش – هذه ثقافة كاملة للانكار، والتي اعتادت ان تستخرج تسلية من معاناة فظيعة.
اضمحلال القوة، اضمحلال السلطة وفساد القلب. هذه 3 صور للمجتمع الاسرائيلي الحالي، والذي حول الوحشية الى ايديولوجيا وغرق في هاوية مظلمة.