هآرتس: اسرائيل من شانها ان تبقى في الخارج

هآرتس 9/11/2025، يوئيل جوزانسكي: اسرائيل من شانها ان تبقى في الخارج
اللقاء المتوقع بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الامريكي دونالد ترامب في البيت الابيض يمكن ان يكون لحظة تاسيسية – ليس فقط في العلاقات بين الرياض وواشنطن، بل بالنسبة لكل الشرق الاوسط. هذا ليس لقاء سياسي آخر، بل الحديث هنا يدور عن حدث مع امكانية كامنة لتغيير ميزان القوة الاقليمية والتاثير مباشرة على مكانة اسرائيل.
من ناحية اسرائيل فان السعودية هي دولة رئيسية بسبب وزنها السياسي والديني والاقتصادي، ولكن ايضا بسبب موقفها من ايران ومن القضية الفلسطينية. ان تقارب السعودية من الولايات المتحدة هو امر ضروري، ليس فقط لانه يحسن امنها ومكانتها السياسية ويضعها في موقف افضل امام ايران، بل ايضا لانه يربطها بوضوح مع المعسكر الامريكي، المعارض لزيادة نفوذ الصين في الخليج. كل عملية تعزز الرياض في واشنطن هي متوافقة كما يبدو مع مصالح اسرائيل.
لكن يكمن في هذه الخطوة ايضا مخاطرة كبيرة. كلما عمقت السعودية علاقاتها مع امريكا فانه تقل دافعيتها لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل. ترامب، المعروف بالاستعداد لـ “اعطاء” شركائه في الشرق الاوسط تقريبا كل ما يطلبونه، يمكن ان يعطي ابن سلمان رزمة تسهيلات بعيدة المدى: القدرة على الوصول الى التكنولوجيا المتقدمة، المدنية والعسكرية، بما في ذلك بيع محتمل لطائرة قتالية من نوع اف35، زيادة التعاون في مجال الذرة وحتى حلف دفاع امني، يشبه الذي اعطي لقطر. قبل الحرب هذه كانت “الجزرة” التي وعدت بها السعودية مقابل التطبيع مع اسرائيل.
المعنى هنا مزدوج. اولا، السعودية ستستطيع تحقيق اهدافها السياسية والامنية بدون دفع الثمن السياسي للتطبيع مع اسرائيل – وهي خطوة استقبلت بمعارضة داخلية وانتقاد عاد في العالم العربي. ثانيا، وصول السعودية الى تكنولوجيا عسكرية متقدمة يمكن ان يعمل على تآكل التفوق النوعي للجيش الاسرائيلي في الشرق الاوسط – وهو مبدأ اساسي في السياسة الامنية لاسرائيل. وفي النهاية، اعطاء شرعية لتخصيب اليورانيوم كما تطلب السعودية، حتى مع قيود وتحت رقابة كبيرة، سيحطم الطابو حول هذا الموضوع ومن شانه ان يفتح الباب امام انتشار السلاح النووي في دول اخرى في الشرق الاوسط.
المفارقة واضحة: كلما تعززت العلاقات بين واشنطن والرياض فستبتعد احتمالية التوصل الى اتفاق بين اسرائيل والسعودية، الا اذا اظهرت اسرائيل مرونة سياسية ورؤية بعيدة المدى. في هذا الاطار الموافقة على ادخال قوات السلطة الفلسطينية على غزة وتاييد لفظي ايضا لاقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، يمكن ان تكون نقطة البداية.
اسرائيل، التي تريد ان ترى منظومة سياسية واسعة تقف امام ايران، من شانها ان تكتشف ان الشريكة المحتملة الرئيسية لها ستحصل على ما تريد من الامريكيين بدون شروط. السعوديون يريدون رؤية افق سياسي اسرائيلي – فلسطيني كشرط لاقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، حتى لو ضمن نموذج يختلف عن نموذج اتفاقات ابراهيم، وكشرط لمشاركة اكثر اهمية من ناحيتهم في قطاع غزة.
اللقاء القريب في البيت الابيض يقتضي من اسرائيل ليس فقط الرقابة عن كثب، بل ايضا كيفية الحفاظ على مكانتها المميزة في مثلث واشنطن – الرياض – القدس. اذا وقفت اسرائيل جانبا فهي ستكتشف ان محور امريكي – سعودي جديد يتم بناءه بدونها. اذا عملت بحكمة فربما تستطيع ان تستغل هذا التقارب وتحوله الى فرصة جديدة، ليس فقط للتطبيع، بل ايضا للحفاظ على تفوقها الاستراتيجي.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



