ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تطلق إشارة بأنها جاهزة لاشتعال حرب شاملة

هآرتس 1/8/2024، عاموس هرئيل: إسرائيل تطلق إشارة بأنها جاهزة لاشتعال حرب شاملة

الاغتيالات التي نفذت في اقل من سبع ساعات، في بيروت وبعد ذلك في طهران، اعادت بشكل معين صورة الردع والمبادرة الى اسرائيل، التي نسبت لها العملية الاخيرة، اذا لم تكن في نظر جيرانها فعلى الاقل في نظرها هي نفسها. دمج القدرة الاستخبارية والعملياتية الدقيقة اخترق دوائر الحماية في حزب الله وفي ايران، وأدى الى موت قادة ارهاب كبار في المنطقة، فؤاد شكر الذي وصف كرئيس اركان حزب الله واسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس. في الحالتين هما لا يستحقان ذرف الدموع عليها. فشكر هو المسؤول بشكل مباشر عن قتل عشرات الاسرائيليين والامريكيين؛ وهنية قاد كبار قادة حماس في قطر لاحتفال شكر بعد نشر الصور الاولى للمذبحة في الغلاف في 7 تشرين الاول.

لكن موتهما ايضا يقرب اكثر الشرق الاوسط من الاشتعال الاقليمي الشامل. يبدو أن اسرائيل لأخذ المخاطرة لكسر دائرة الاستنزاف التي وجدت نفسها عالقة فيها امام ايران ووكلاءها. تصفية شكر كانت رد اسرائيلي مباشر وعلني على موت الـ 12 فتى وطفل في مجدل شمس في هضبة الجولان في يوم السبت الماضي، نتيجة صاروخ اطلقه حزب الله. عملية التصفية المركزة في حي الضاحية الشيعي تدخل حزب الله الى ورطة بخصوص قوة الرد المطلوبة، اذا كان يريد المس باسرائيل وفي نفس الوقت تجنب الحرب الشاملة.

عملية الاغتيال الثانية، اسماعيل هنية، تضم الى هذا التخبط ايران، التي حدثت العملية فيها وكشفت عجزها في حماية رعاياها. في نيسان ردت ايران باطلاق 330 صاروخ ومسيرة نحو اسرائيل بعد تصفية الجنرال حسن مهداوي، قائد في حرس الثورة، في مبنى السفارة الايرانية في دمشق. الآن حزب الله وحماس وايران جميعهم يهددون برد قاس. في ايران اعلنوا بأنهم يجرون مشاورات، وهذا يمكن أن يستغرق وقت؛ يبدو أن الاغتيال في طهران فاجأهم. بالنسبة لهم توجد اهمية ايضا لشد اعصاب اسرائيل لبضعة ايام كما حدث في السابق. 

الولايات المتحدة تعهدت بالمساعدة في حماية اسرائيل، وهي تقول إنها لم تعرف مسبقا عن نية اسرائيل اغتيال هنية. من هنا يتبين ضمنيا أنها عرفت عن العملية المخطط لها ضد فؤاد شكر، ايضا قادة كبار في امريكا ناقشوا الوضع في الشمال مع نظرائهم الاسرائيليين خلال الايام الاخيرة. 

رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو سيحظى الآن بلحظة نادرة نسبيا من رضا الجمهور بعد الفشل الذريع في بداية الحرب. في بعض وسائل الاعلام التملق الآن في الذروة. ولكن نتنياهو توجد له دوافع اخرى تتجاوز وعده بالفوز على أعداء اسرائيل. واضح جدا منذ فترة طويلة بأنه يسعى الى حرب استنزاف طويلة، التي ستفشل الجهود لاسقاط الحكومة وتؤجل محاكمته وتمكن من اعادة تشريع الانقلاب النظامي من البوابة الخلفية. 

يمكن ايجاد الاشارات على ذلك ايضا في مقاربة صفقة المخطوفين مع حماس. فنتنياهو أفشل مؤخرا التوصل الى الصفقة، بما في ذلك التصلب في المواقف في المفاوضات بعد المرونة التي اظهرتها حماس. الآن حيث توجد امكانية لتحقيق حلم يحيى السنوار، حرب اقليمية يشارك فيها حزب الله، فانه يبدو ايضا أنه لا توجد لرئيس حماس في القطاع أي مصلحة في التقدم.

مشكوك فيه أن يكون السنوار في حالة حداد على موت خصمه السياسي هنية، الذي غادر القطاع ووجد ملجأ له في الفنادق الفاخرة في قطر. ولكن التصفية يمكن أن تكون من ناحية السنوار مبرر آخر للاستمرار في الحرب وعدم التوصل الى الصفقة. في اوساط عائلات المخطوفين هذا يبدو بشرى سيئة. رئيس حكومة قطر، محمد آل ثاني، تساءل أمس “كيف يمكننا النجاح في الوساطة في الوقت الذي يقوم فيه أحد الاطراف بعملية اغتيال في الطرف الثاني؟”.

وزير الدفاع، يوآف غالنت، قال في محادثة مع نظيره الامريكي لويد اوستن بأنه “لا سيما في هذه الاثناء اسرائيل تعمل على التوصل الى خطة تمكن من اعادة المخطوفين”. هذا يبدو كرسالة مزدوجة، أولا، للجمهور في اسرائيل وكأنه لم يتم التنازل عن اجراء المفاوضات، على الاقل فيما يتعلق بالقيادة الامنية التي تؤيد الصفقة؛ للوسطاء وكأن تصفية هنية ستمكن نتنياهو من الدفع قدما بالصفقة من موقع قوة.

في النقاشات حول رد اسرائيل على اطلاق النار نحو مجدل شمس تم طرح الادعاء بأنه احيانا توجد حاجة الى تصعيد متعمد حتى لو كان محدد زمنيا، من اجل أن يؤدي فيما بعد للتهدئة. واذا كان توجه اسرائيل ليس نحو الحرب الشاملة، فمن الواضح حاليا أن سياستها في الشمال لا تنجح في ردع حزب الله، فان هناك من يؤيدون حرب كثيفة اكثر لبضعة ايام على أمل أن يستيقظوا بسرعة في بيروت وفي طهران. المشكلة هي أنه يصعب جدا السيطرة على شدة اللهب، بالتأكيد عندما يكون هناك توجه للتصعيد. حقيقة أن ايران توجد الآن ايضا في موقع المصابين الذين يريدون الانتقام ستصعب على التوصل الى التهدئة.

خلال عقود يجري في اسرائيل نقاش حول موضوع نجاعة اغتيال شخصيات رفيعة في التنظيمات الارهابية. حماس، حزب الله وتنظيمات اخرى، فقدت عشرات من قادتها في عمليات التصفية الاسرائيلية، ومع ذلك لم تتوقف في أي وقت عن القتال. 

في المقابل، كان هناك اسهام كبير لسلسلة التصفيات لكبار قادة حماس في الاعوام 2003 – 2006، على رأسهم الشيخ احمد ياسين رئيس حماس في القطاع، في قرار حماس التوقف عن العمليات الانتحارية، وفي الواقع انهاء الانتفاضة الثانية. الآن السؤال الاساسي يتعلق باعتبارات السنوار نفسه. ففي الاستخبارات الاسرائيلية يتم وصفه وكأنه يتعرض  لنوبة مستمرة من المسيحانية منذ نجاح المذبحة. ومشكوك فيه أن تصفية اصدقاءه في القيادة ستجعله بالضرورة يفكر في قدرته على البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة. 

في نطاق التوضيحات والاعتبارات ينبغي ايضا الاخذ في الحسبان توصيات كبار قادة الاجهزة الامنية. الجين العملياتي لهم مبني على المبادرة، الهجوم والعمل. وعندما توجد فرصة تكتيكية للتصفية فعلى الاغلب الاجهزة الامنية تؤيدها، حتى لو كانت امكانية لتطور تداعيات استراتيجية مقلقة. في حالة الجيش الاسرائيلي فان الموضوع اكثر خطورة على خلفية الاحساس بالذنب في اوساط كبار الضباط والرغبة في اصلاح جزء من الاضرار الكبيرة التي حدثت تحت مسؤوليتهم في 7 تشرين الاول.

سؤال اساسي سيؤثر على الاحداث فيما بعد يتعلق بموقف الولايات المتحدة. الوزير اوستن قال أمس اثناء زيارته في الفلبين بأن بلاده ستساعد في الدفاع عن اسرائيل اذا تمت مهاجمتها. وأضاف بأن الحرب الشاملة في الشرق الاوسط ليست أمر لا يمكن منعه. ولكن ما الذي تريده اسرائيل وبحق؟.

في الاشهر الاخيرة يتعزز هنا الحوار حول خطة ايران الكبيرة، التي تطمح الى انهاك، وبعد ذلك خضوع، اسرائيل بواسطة استخدام الضغط المتزايد بواسطة “دائرة النيران” للتنظيمات الارهابية التي تعمل في محيطها. فهل ننتنياهو يفكر في جر الادارة الامريكية الى معركة مباشرة ضد ايران على خلفية التصعيد الاقليمي، حتى قبل الانتخابات للرئاسة الامريكية في تشرين الثاني؟. في هذه الاثناء يصعب تشخيص سياسة واضحة للادارة الامريكية فيما يتعلق بالشرق الاوسط في اعقاب انسحاب الرئيس جو بايدن من المنافسة واستبداله بنائبته كمالا هاريس وخوف الديمقراطيين من فوز دونالد ترامب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى