أقلام وأراء

نبيل فهمي: العلاقات الأميركية الصينية: أين هي وأين تتجه؟

نبيل فهمي 11-11-2025: العلاقات الأميركية الصينية: أين هي وأين تتجه؟

هناك اهتمام واسع بنتائج اجتماع دونالد ترمب مع شي جينبينغ في كوريا الجنوبية في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع تأثيرها المحتمل على العلاقات الصينية- الأميركية في الأقل خلال الأعوام المتبقية من ولاية ترمب، المؤشرات تعكس رغبة الجانبين في ضبط الأمور بتخفيف التوتر والمضي قدماً بحساب.

يتم تسليط الأضواء على نقاط القوة والضعف الآنية للطرفين، خصوصاً بعد توسع ترمب في استخدام سلاح الجمارك والضرائب، ومنها وقف الصين شراء فول الصويا الأميركي، وسيطرتها على المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، والأساسية في إنتاج أشباه الموصلات، وأنظمة الأسلحة، والسيارات، وحتى الهواتف الذكية، في حين يدرك ترمب أن الصين تواجه تحديات اقتصادية دولية ومحلية متزامنة من شأنها أن تضعف رغبتها في خوض معركة اقتصادية واسعة، خصوصاً إذا استؤنف تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وتراجعت أميركا عن دعمها العسكري لتايوان.

قمت بزيارة الصين بانتظام على مدار العقد الماضي تقريباً، باستثناء فترة جائحة “كوفيد-19″، بما في ذلك ثلاث مرات منذ أوائل صيف عام 2025. كانت المناقشات ذات طابع جيوسياسي عالمي، وانصبت مساهماتي بشكل رئيس على النظام العالمي والشرق الأوسط، لكن العلاقات مع الولايات المتحدة كانت محل اهتمام كبير بين الصينيين والأميركيين. ومن ثم، شعرت بضرورة التعمق في العلاقات الصينية- الأميركية.

العلاقات الأميركية- الصينية: “عدائية أم تنافسية؟” مما يختلف إلى حد كبير على المجال الذي يدرس الأمن أو الاقتصاد أو التكنولوجيا أو الأيديولوجيا. في الواقع الإغلاقات بين البلدين مزيج معقد من الاثنين: تنافسي في جوهره، ولكنه غالباً ما يتحول إلى سلوك عدائي عندما يكون الأمن القومي والهوية السياسية على المحك.

تعرف “الاستراتيجية الأمنية” الوطنية للولايات المتحدة لعام 2022 الصين بأنها “المنافس الوحيد الذي يمتلك النية، وبشكل متزايد، القدرة على إعادة تشكيل النظام الدولي”. يمثل هذا تطوراً حاسماً عن الصياغات السابقة التي ركزت على المشاركة والتكامل. تؤكد الاستراتيجية ضرورة “التفوق على الصين” في التكنولوجيا، والنفوذ الاقتصادي، والاستعداد العسكري.

وتكرر استراتيجية الدفاع الوطني لـ”البنتاغون” هذا، حيث تسمي الصين “تحدي تحديد وتيرة التقدم” لأميركا، معيار التحديث العسكري والتخطيط الاستراتيجي. لقد اتفقت الإدارات الأميركية المتعاقبة -من “التوجه نحو آسيا” لأوباما إلى “المنافسة الاستراتيجية” لترمب ودعوة بايدن إلى “تخفيف الأخطار، وليس فك الارتباط”، على إجماع أساسي: لم تعد الصين شريكاً في العولمة، بل منافساً منهجياً.

لغة بكين الرسمية أكثر دبلوماسية ولكنها بالقدر نفسه من الوضوح في النية. تؤكد الأوراق البيضاء الصينية “للأمن” والدفاع الوطني على حماية السيادة والسلامة الإقليمية و”التجديد الكبير للأمة الصينية”. تصور هذه الأوراق الولايات المتحدة على أنها تحاول احتواء صعود الصين، والتدخل في الشؤون الداخلية (بخاصة تايوان وهونغ كونغ وبحر الصين الجنوبي)، مما يؤدي إلى إدامة عقلية الحرب الباردة. ومع ذلك تصر هذه الوثائق أيضاً على أن الصين “لا تسعى إلى الهيمنة” وتدعم “مجتمعاً ذا مستقبل مشترك للبشرية”، مما يعكس النية السلمية مع تبرير الحزم الاستراتيجي.

منذ تسعينيات القرن الماضي، اتسمت العلاقات الأميركية- الصينية إلى حد كبير بالمشاركة والاعتماد المتبادل. رحبت واشنطن بانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية (2001) وافترضت أن التكامل الاقتصادي يشجع الاعتدال السياسي. بدأت الأزمة المالية العالمية عام 2008، وتصاعد القومية الصينية، وتزايد قلق الولايات المتحدة بشأن سرقة الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا في تغيير النبرة.

وخلال العقد الأول من القرن الـ21، جسدت النزاعات التجارية والعقوبات والجدل حول هواوي انعدام ثقة أعمق، كما أدت جائحة “كوفيد-19” والاتهامات المتبادلة بالتضليل إلى تصلب المواقف. واليوم، تشمل الأجندة الثنائية المنافسة في جميع المجالات الاستراتيجية، الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والأيديولوجية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى