ترجمات عبرية

معهد السياسة والاستراتيجية (IPS): غياب سياسة “اليوم التالي” عائق أمام تحقيق الإنجازات العسكرية؟

معهد السياسة والاستراتيجية (IPS) 13-11-2025، اسرة المركز بقيادة اللواء عاموس جلعاد: غياب سياسة “اليوم التالي” عائق أمام تحقيق الإنجازات العسكرية؟

نجح الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن في توجيه ضربة قاصمة لتحالف الشر في جميع جبهات القتال السبعة. في الوقت نفسه، ثمة حاجة إلى استراتيجية لإرساء أمن طويل الأمد. حتى الآن، فشلت الحكومة الإسرائيلية في صياغة سياسة لما بعد “اليوم التالي”، ما أدى إلى خلق فراغ، ملأته الإدارة الأمريكية بكل قوتها. من جهة، لهذا الأمر نتائج إيجابية تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وعملية إعادة الرهائن القتلى، ووقف الحرب في غزة، وتوطيد العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، واحتمال تحقيق انفراج دبلوماسي مع الدول العربية. من جهة أخرى، قد يؤدي هذا التطور إلى أضرار جسيمة، مثل نشر قوة متعددة الجنسيات في غزة بمشاركة دول معادية، بقيادة محور تركي قطري داعم لجماعة الإخوان المسلمين، واستمرار وجود حماس بصيغة جديدة في غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال الإضرار بالتفوق النوعي للجيش الاسرائيلي، من خلال نقل قدرات عسكرية غير مسبوقة إلى الدول العربية. في الخلفية، تُبذل جهودٌ من إيران وحزب الله لاستعادة القدرات العسكرية المتضررة خلال الحرب.

على الصعيد الداخلي، تشهد إسرائيل بقيادة الحكومة الإسرائيلية سلسلةً من العمليات الهدامة التي تُلحق الضرر بالمناعة الوطنية والاجتماعية، التي يتشكل ركيزةً أساسيةً من ركائز الأمن القومي الإسرائيلي. ويشمل ذلك استمرار الانقلاب القضائي وإلحاق الضرر بالمؤسسات القضائية، والحرب على وسائل الإعلام في البلاد، والتدخل في أنشطة أجهزة الأمن وإنفاذ القانون، وغيرها.

يعني ذلك أنه بدون سياسة مُحدثة، قد تُجر إسرائيل إلى وضعٍ تُملى فيه التطورات الميدانية من الخارج، وليس بالضرورة بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية، مما يُضر بمكانتها ويُقوّض إنجازاتها العسكرية على جميع الأصعدة.

القوة متعددة الجنسيات في غزة

تبوأت القضية الفلسطينية مكانةً مركزيةً على الأجندة العالمية والإقليمية، ويتزايد تدويل أزمة غزة عمليًا. ويتم ذلك بإرسال قوة متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة، قوامها قوات إسلامية، مدعومة بقرار من مجلس الأمن. ويُخشى من أن قوةً بهذا التشكيل الناشئ لن تعمل بحزم على نزع سلاح حماس، ولن تُخرجها من القطاع. في الواقع، تُخاطر إسرائيل بتكرار نموذج اليونيفيل في لبنان، الذي غضّ الطرف عن تعزيز قوة حزب الله. إضافةً إلى ذلك، ستُقيّد حرية عمل الجيش الاسرائيلي بشدة، خاصةً مع امتناع حماس تجديد الأعمال الإرهابية وإطلاق النار على إسرائيل.

فضلا عن ذلك، من المرجح أنه بدون مشاركة السلطة الفلسطينية في عمليات إعادة الإعمار والإدارة في قطاع غزة، ستمتنع السعودية ودول الخليج عن استثمار المبالغ المالية، المُقدّرة بعشرات المليارات من الدولارات، اللازمة لإعادة إعمار القطاع. في مثل هذا السيناريو، قد تبقى لحماس بنية تحتية حاكمة في غزة، مدعومة من تركيا وقطر.

إن تفاقم الجرائم القومية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أدت حتى إلى انتقادات من وزير الخارجية الأمريكي، إلى جانب استمرار سياسة الوزير سموتريتش الأحادية الجانب في توسيع المستوطنات والإضرار بالوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية، قد يؤدي إلى تدويل الصراع في هذه المنطقة أيضًا، خاصة إذا نجح نموذج غزة. وهذا قد يُسرّع أيضًا من المطالبة في النظام الدولي والإقليمي برؤية الدولتين.

تشكيل محور سني يدعم الإخوان المسلمين

تُجسّد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي كان مطلوبًا للعدالة حتى قبل عام تقريبًا، والمعروف باسم الجولاني، إلى واشنطن أفقًا جديدًا لمحور سني، بتشجيع من الولايات المتحدة ودعم من قطر وتركيا. من ناحية أخرى، قد يؤدي تعزيز المحور التركي القطري إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، ويضع صعوبات جمة أمام جهودها لإعادة فتح سفاراتها. هذا، بطريقة قد تُهيئ حتى فرصًا لتعاون محدود بين إسرائيل وتركيا ضد إيران. من ناحية أخرى، تُظهر قطر، وخاصة تركيا، موقفًا عدائيًا تجاه إسرائيل، كما يتضح من قرار أردوغان إصدار أوامر اعتقال بحق 37 مسؤولًا إسرائيليًا رفيع المستوى لمسؤوليتهم عن الإبادة الجماعية في غزة. لذلك، فإن تعزيز نفوذ أنقرة في الشرق الأوسط، وخاصةً مشاركتها المحتملة في إعادة إعمار قطاع غزة، قد يُقيّد قدرة إسرائيل على تحقيق أحد أهدافها: أهداف الحرب المتمثلة في القضاء على حماس ونزع سلاح قطاع غزة.

إعادة بناء قدرات المحور الإيراني

على الصعيد الإقليمي، من الواضح أن المحور الإيراني يبذل جهودًا كبيرة لإعادة بناء قدراته. ومن أهم مظاهر ذلك استمرار الدعم العسكري والمالي الإيراني لحزب الله لتحقيق هدفين رئيسيين: أولًا، ضمان عدم نجاح الحكومة اللبنانية في خططها لإضعاف حزب الله سياسيًا وتفكيك قدراته العسكرية. ثانيًا، مساعدة التنظيم في عمليات إعادة الإعمار، ليتمكن من إعادة بناء نفسه وتشكيل تهديد لإسرائيل كجزء من معادلة الردع.

في المجال النووي، تشير منشورات مختلفة إلى أن إيران تسعى لإعادة تأهيل المواقع التي تعرضت للهجوم. حتى إن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، غروسي، حذّر من تجنب إيران التعاون مع مفتشي الوكالة، الذين لم يحصلوا على إذن بدخول المنشآت النووية، وأن مصير اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة لا يزال غامضًا. في الوقت نفسه، تواصل إيران رفض العودة إلى مسار التسوية مع الولايات المتحدة، وتعارض جميع المطالب بوقف التخصيب تمامًا. في مجال الإرهاب، تواصل إيران أيضًا محاولاتها لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية حول العالم، كما تجلّى في محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في المكسيك.

العلاقات الإسرائيلية الأمريكية

على الرغم من المساعدات الأمريكية الواسعة لإسرائيل والتعاون الأمني ​​والعسكري الوثيق، من المرجح أن تشهد العلاقات الثنائية توترات متزايدة في الأسابيع المقبلة. ويتجلى هذا بشكل خاص في ضوء الانتقال من إطلاق سراح الرهائن إلى المرحلة الثانية من نشر القوات الدولية، وواقع الاستيطان في قطاع غزة. يُضاف إلى ذلك رؤية حل الدولتين كشرط لتحقيق رؤية ترامب الاستراتيجية، وإمكانية زيادة التعاون العسكري بشكل كبير بين الولايات المتحدة والدول العربية.

في ظل هذه الخلفية، ثمة تحولات داخلية عميقة في الرأي العام الأمريكي تجاه إسرائيل. وينضم انتخاب ممداني عمدة لنيويورك إلى سلسلة طويلة من استطلاعات الرأي العام التي تشير بوضوح إلى تضرر كبير في مكانة إسرائيل بين مؤيدي الحزب الديمقراطي، وبين الشباب في الحزب الجمهوري. هذا الأمر قد يُشكّل تهديدًا حقيقيًا لمتانة التحالف الاستراتيجي بين البلدين على المديين المتوسط ​​والطويل. وقد يكون له تأثيرٌ بالغٌ على الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، مع بدء المناقشات العام المقبل حول تجديد اتفاقية المساعدة الأمنية متعددة السنوات، والمقرر انتهاؤها في عام 2028.

في السياق الأوسع، قد يُشجّع انتخاب ممداني التوجهات المعادية لإسرائيل، ويُعطي دفعةً لظاهرتي نزع الشرعية ومعاداة السامية في الولايات المتحدة وحول العالم، اللتين تصاعدتا بالفعل خلال العامين الماضيين، مما سيُفاقم المخاطر التي تواجه الجاليات اليهودية والتحديات التي تواجه دولة إسرائيل.

زيارة ولي العهد السعودي للولايات المتحدة

تُحمل الزيارة المُخطط لها لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن في 18 تشرين الثاني، إمكانية تعميق التعاون بين البلدين في المجالات الأمنية والعسكرية، وحتى النووية. في الواقع، تعكس الزيارة توجهًا عربيًا، بقيادة السعودية، نحو تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، متجاوزةً إسرائيل. تُعدّ هذه الدول خططًا لتعزيز قدراتها العسكرية، دون أي صلة أو شرط بالترويج لاتفاقية تطبيع أو توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم.

يُطرح على جدول الأعمال إمكانية توقيع اتفاقية دفاع، لتعزيز صفقات ضخمة لبيع أنظمة أسلحة متطورة، وفي مقدمتها طائرات F35 المقاتلة. وهذا قد يُشكّل تحديًا للتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، المُكرّس أيضًا في القانون الأمريكي. يُضاف إلى ذلك طلبات السعودية لتطوير برنامج نووي مدني بمساعدة أمريكية. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن ولي العهد السعودي سبق أن صرّح في مناسبات عديدة بأنه إذا امتلكت إيران أسلحة نووية، فإن السعودية ستسعى جاهدةً للحصول عليها.

الأهمية والتوصيات

إن الإنجازات العسكرية الباهرة التي حققها الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن تُهيئ الظروف الملائمة لوضع استراتيجية تُحوّل هذه النجاحات إلى ثمار سياسية تُعزز قوة دولة إسرائيل الشاملة. ولتحقيق ذلك، لا بد من صياغة سياسة سريعة تتضمن:

1-أولاً وقبل كل شيء، استكمال عملية إعادة جميع الأسرى القتلى، وإدراك أن حرب غزة قد انتهت فعلياً نتيجةً للقرار الأمريكي والإجماع العربي الدولي.

2-التخلي عن جميع أفكار تهجير سكان غزة، والسيطرة على الأراضي، وإقامة حكم عسكري. فهذه الأفكار قد تُفاقم العلاقات مع الدول العربية وتُلحق المزيد من الضرر بمكانة إسرائيل الدولية.

3-الاندماج في خطة الرئيس ترامب السياسية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع منع الوجود التركي والقطري في المنطقة، لأن ذلك قد يُشكل صعوبات حقيقية في عملية تفكيك قدرات حماس.

4-تعزيز حضور السعودية والإمارات ومصر في غزة، بما يُسهم في تعميق العلاقات الثنائية الاستراتيجية معها.

5-مواصلة سياسة القضاء على الإرهاب في الضفة الغربية، إلى جانب إنهاء سياسة إضعاف السلطة الفلسطينية. وهذا سيُتيح أيضًا تعزيز منظومة العلاقات مع الأردن، الذي يُشكل جبهة خلفية استراتيجية لدولة إسرائيل.

6-نشاطٌ يمنع حزب الله من استعادة قوته. يجب إيجاد آلية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، تجمع بين استمرار النشاط العسكري ونشاط الحكومة اللبنانية الحازم ضد المنظمة.

7-منع إيران من تعزيز القوة الذي تسعى إليه. ولتحقيق ذلك، من الضروري صياغة رد عسكري، إلى جانب تعميق التحالف الإقليمي مع الدول العربية بقيادة الولايات المتحدة. وقد تجلّت أهمية هذا التحالف عمليًا خلال الهجمات الإيرانية على إسرائيل.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى