معاريف: هذه هي الجماهير التي ينوي نتنياهو التقرب منها

معاريف 9-11-2022م، بقلم افرايم غانور : هذه هي الجماهير التي ينوي نتنياهو التقرب منها
السطور التالية صورة للواقع السياسي المتشكل أمام ناظرينا، وهي مخصصة لأعضاء المعسكر الكبير “فقط ليس بيبي” أولئك الذين لا يزالون يجدون صعوبة في قبول عودة بنيامين نتنياهو إلى مكتب رئيس الوزراء الذي غادره قبل نحو سنة ونصف.
ثمة مواساة صغيرة لاستيائهم وخيبة أملهم الكبرى، إذ إن بيبي القادم، بيبي الفصل الثالث في تاريخ حكومات إسرائيل، سيكون بيبي آخر، مختلفاً، سيفاجئ الكثيرين في المعسكرين، سواء المؤيدين المتحمسين أم المعارضين.
لو كان رد لبيد أو غانتس بالإيجاب على الرسائل التي نقلت إليهما في الأيام الأخيرة بشكل علني أو سري، بعضها من خلال الرئيس إسحق هرتسوغ، لإقامة حكومة وحدة واسعة وبراغماتية، لكنّا شهوداً اليوم على إقامة حكومة مختلفة تماماً عن الحكومة التي تتجسد في هذه الساعات.
مهمة تشكيل هذه الحكومة التي فرضت على نتنياهو، ليست سهلة أو بسيطة. قد نتساءل: ما الأصعب عليه، أن يصل إلى تشكيل الحكومة أم يشكلها؟ نتنياهو بلا شك هو السياسي الأفضل والأكثر تجربة في الخريطة السياسية داخل إسرائيل، ويعرف كيف ينظر إلى الأفق ويرى المرغوب فيه والمتوقع.
إن نتنياهو الفصل الثالث، الذي تلقى حقناً زائدة من الهجمات والانتقادات القاسية على سلوكه طوال سنوات ولاياته الطويلة رئيساً للوزراء، سيدخل هذه المرة إلى مكتب رئيس الوزراء بخطى متوازنة، مقنونة ومعتدلة.
وعليه، من توقع ويتوقع رؤية نتنياهو والحكومة الأكثر يمينية تنفذ ثورات وإصلاحات في جهاز القضاء كما سمعنا عنها في الزمن الأخير، سيفاجئه الأمر. سيحافظ نتنياهو على الوضع الراهن في جهاز القضاء. وفقرة التغلب التي حولها شبه إجماع كامل في كتلته، سيحاول نتنياهو تلطيف حدتها كي لا يمس بحجارة أساس الديمقراطية. حقائق نراها الآن في هذه الساعات حين لا يسارع إلى التوقيع على ذلك في المفاوضات مع أحزاب الائتلاف.
في الوقت نفسه، قد نضيف بأن نتنياهو لن يسمح لسموتريتش و بن غفير أن يجسدا أخيلتهم المختلفة، التي نراها بالجملة على مؤيديهما في السنة الأخيرة في كل ما يتعلق بالصلاة داخل الحرم، والبناء في “يهودا والسامرة”، وضم الضفة الغربية، وحكم الإعدام للمخربين وغيرهم.
نتنياهو الفصل الثالث سيفعل كل شيء ليقرب معسكر “فقط لا بيبي” إليه، وذلك بسلوك مختلف ومعتدل عن ذاك الذي عرفناه، مثلما عبر عن ذلك في خطابه في الذكرى لاغتيال إسحق رابين في الكنيست. “بعد أن انتهت حملة الانتخابات، وبعد أن ترسب غبار المناكفة بين المعسكرين، ينبغي الخروج من ذلك ومعرفة كيف العمل معاً، يجب إدارة الجدالات بمسؤولية وبتفكر”، قال. منذ زمن بعيد لم نسمع نتنياهو متوازناً ومعتدلاً هكذا؛ لا يطلق السهام نحو معارضيه.
نتنياهو على علم بحقيقة أن فصله الثالث سيكون فصل النهاية في أوديسته، فصل يفترض أن يجمل ولاية من شغل منصب رئيس وزراء إسرائيل لأطول السنين وخلف فيه ختمه أكثر من أي رئيس وزراء آخر على مدى السنين. كابن لمؤرخ، نتنياهو على وعي جيد لمعنى وأهمية هذا الفصل.
فضلاً عن ذلك، نتنياهو حساس جداً لصورة حكومته المتشكلة، ولم تغب عن عينيه حقيقة أن بايدن، ومصر، والمغرب والعالم الإسلامي بعامة، قلقون ويتابعون توزيع المناصب في حكومته. تتابع واشنطن وأوروبا هذه الأيام كل خطوة للحكومة التي على الطريق.
سيجتهد نتنياهو لتحري إصلاحاً يكون فيه ولياً أكثر من البابا في كل ما يتعلق بالسلوك الداخلي وبسياسة حكومته الخارجية. وسيبحث عن سبل ضم لبيد وغانتس إليه. لا شك أنه في أوضاع الطوارئ والتهديدات الوجودية على إسرائيل مثلما أيضاً في المشاكل الاقتصادية القاسية، كفيلة بأن تجسد لنتنياهو أمنيته هذه.



