ترجمات عبرية

معاريف: لحظة تأسيسية

معاريف – نداف تمير – 5/8/2025 لحظة تأسيسية

حظيت الصهيونية لأول مرة باعتراف دولي في 2 تشرين الثاني 1917، عندما نشرت حكومة بريطانيا تصريح بلفور وفي تأييد لحق الشعب اليهودي في وطن قومي في بلاد إسرائيل. بعد 108 سنوات من ذلك أعلن رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر بانه اذا لم توافق حكومة نتنياهو على وقف القتال في غزة والعمل على حل الدولتين، فان بريطانيا سترتبط بفرنسا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول. 

لا يجب التقليل من الأهمية التاريخية للاعتراف بدولة فلسطينية الذي عمل عليه الرئيس الفرنسي ماكرون في خطوة تشارك فيها السعودية ومعظم الدول العربية. فرنسا وبريطانيا هما عضوان في مجلس الامن وفي G7، مجموعة الاقتصادات المتطورة في العالم. اعترافهما بدولة فلسطينية يمكن ان يجلب معه أيضا تغييرا أوسع، ذا معان سياسية، اقتصادية وقانونية. لكن الأهم من كل ذلك، مثلما في حالة تصريح بلفور، فان الاعتراف الدولي هو حجر الأساس لتنفيذ حق تقرير المصير للفلسطينيين الذي سينقذ إسرائيل من “مسار الذبح” الذي يقودنا الى كارثة ثنائية القومية دامية او الى دولة أبرتهايد – في الحالتين، نهاية الصهيونية.

ان الرؤيا الصهيونية للشعب اليهودي بحاجة ماسة لدولة فلسطينية ولم يعد يمكنها أن توجد لزمن طويل بدونها. مذبحة 7 أكتوبر فتحت جرحا عميقا في المجتمع الإسرائيلي. حرب غزة عظمت أيضا إحساس الضحية لدى الفلسطينيين. لكن بعد نحو سنتين من ذلك نحن نعود الى نقطة البداية: لن تكون قائمة للصهيونية بلا دولة فلسطينية لم تقبل بها الدول العربية في قرار التقسيم. لكن الان يوجد لذلك اجماع جارف في اوساطها. 

حكومة نتنياهو الافشل في تاريخ حكومات إسرائيل، تسعى لان تقودنا الى واقع دولة واحدة – فروعها العنيفة في الضفة الغربية سرعوا الخطى في دحر السكان الفلسطينيين، الحرب االابدية في غزة تتواصل بلا امل وبلا هدف وتخلق مأساة إنسانية بحجوم تاريخية. نتنياهو نفسه، في محاولة لمصالحة مسيحانيي حكومته يسعى منذ الان لان يضم أجزاء من قطاع غزة في الطريق الى حكم عسكري.

امام هذا الواقع علينا أن نعانق محاولات أصدقائنا في العالم العمل على واقع آخر يقوم على أساسا الحل الوحيد القابل للتحقق في شكل دولتين للشعبين، كجزء من ائتلاف إقليمي. 48 سنة من الحكم على شعب آخر أدت بدولة إسرائيل الى نقطة الانكسار القيمي الأكبر في تاريخها. نحن نوجد في لحظة تأسيسية في تاريخ الحركة الصهيونية. اما الطريق بلا مخرج الذي تقودنا فيه حكومة سكرى القوة وتتحكم فيها المحافل الأكثر خطورة وتطرفا ينبغي طرح بديل سياسي يقوم على أساس تسوية بين كيانين سياديين بعد قيام الدولة الفلسطينية يتوصلان الى فصل تام، كونفدرالية او بكيانين سياسيين في المنطقة التي بين البحر والنهر، بلا حدود متصلبة، اذا كان هذا ما يتفق عليه.

المجتمع الإسرائيلي جريح ومصاب وبالذات الان على المعارضة أن تعرض بديلا للثأر، للمسيحانية ولحكم شعب آخر. بدلا من شجب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ينبغي تشجيعه والاستعانة به لاجل العمل معه الاسرة الدولية على واقع افضل لنا جميعا. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى