ترجمات عبرية

معاريف: كيف نضمن صدق بايدن إزاء “النووي الإيراني”؟

بقلم: زلمان شوفال، معاريف 19/7/2022

زيارة الرئيس جو بايدن إلى إسرائيل، وبعدها إلى جدة، كانت استعراضاً لمحبة كاملة الأوصاف من الطرفين، بما في ذلك لقاءات مع رئيس الوزراء البديل يئير لبيد والمرشح لرئاسة الوزراء بنيامين نتنياهو. لسان بايدن وقلبه متساويان، وصداقته لإسرائيل حقيقية ومثبتة، وإن كانت هناك خلافات في الرأي حول الموضوع الفلسطيني، والبناء خلف الخط الأخضر. المحطة الانتقالية وإن شكلت لبايدن حجة لطمس النقد ضده من قبل الجمهور الأمريكي، وبخاصة حزبه، على قراره أن لقائه بن سلمان واجب الواقعية السياسية، إلا أن هذا لا يقلل في شيء من نيته جعل تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية رافعة سياسية وأمنية من ناحية دولة إسرائيل أيضاً.

أهداف الأطراف واضحة تماماً؛ أمريكا اكتشفت فجأة، بخلاف معتقداتها السابقة، بأنها بحاجة للنفط السعودي في محاولة لإنقاذها وإنقاذ باقي العالم الغربي من آثار حرب أوكرانيا، ومن دوامة التضخم المالي، ومن تهديد أزمة اقتصادية عالمية. أما السعودية والإمارات فتتطلعان إلى تسويات سياسية وأمنية شاملة، بتعاون من الولايات المتحدة نفسها، ضد التهديد الإيراني.

بايدن لا يعمل في فراغ، إذ إن اتفاقات إبراهيم التي قادها نتنياهو وترامب شقت الطريق للخطوات الحالية، بما في ذلك خطوات معينة، سواء كانت علنية أم سرية، في المجال الأمني. وثمة نتيجة مرافقة أخرى، لا تنعدم المفارقة فيها، وهي أنه في أعقاب الواقع الجديد، لطفت إدارة بايدن سياسة سلفيها أوباما وترامب للانسحاب من الشرق الأوسط ونقل أساس محور العمل الاستراتيجي للولايات المتحدة إلى الشرق الأقصى. ومع ذلك، ورغم أنه اتجاه إيجابي، فهي تحتمل تأخيرات أخرى في تحقيق الأهداف المرجوة، سواء لأمريكا أم لإسرائيل. فلا يوجد مثلاً يقين بأن تتمكن السعودية أو ترغب بزيادة إنتاجها من النفط. أما في الموضوع الإسرائيلي، ورغم بضعة تسهيلات مهمة سبق أن أقرت مثل الطيران في المجال الجوي السعودي، فلا ضمانة باعتزام الرياض أخذ خطوة أخرى في تطبيع كامل للعلاقات في المستقبل القريب.

وعودة إلى زيارة بايدن لإسرائيل: الرئيس بايدن ورئيس الوزراء لبيد وقعا على “إعلان القدس”، وثيقة تعنى بالعلاقات بين الدولتين. في الدبلوماسية “اتفاقات مهمة غير مهمة”، و”إعلان القدس” إحداها. وإن كان لا ينبغي الاستخفاف برمزيته، خصوصاً أن الرمزية لا تسير على الأقدام، وبخاصة في الشرق الأوسط، إلا أن كل ما تضمنه بدا الآن قائماً– أو العكس، لن يكون ممكناً تحقيقه في الزمن القريب، خصوصاً إزاء المسألة الفلسطينية. إيهود باراك كان قد وقع هو الآخر، في زيارته الأولى إلى واشنطن كرئيس وزراء، مع الرئيس كلينتون على وثيقة عظمى، كثير من بنودها عكست واقعاً قائماً وأخرى بقيت على الورق.

بند واحد في “إعلان القدس” فيه -ظاهراً- أهمية ملموسة أكثر، وتشدد على “التزام الولايات المتحدة بعدم السماح لإيران أبداً بنيل سلاح نووي”. ويعتقد بأنها “مستعدة لاستخدام عناصر قوتها القومية كي تضمن هذه النتيجة”، ولكن دون ذكر صريح للخيار العسكري، كما اقترح نتنياهو في حديثه مع الرئيس. مهما يكن من أمر، كان يمكن للتعهد آنف الذكر أن يكون مقنعاً أكثر لو لم يكن واضحاً أن أمريكا تواصل الآن أيضاً جهودها لاستئناف الاتفاق النووي مع إيران. بالمقابل، هناك أهمية للوعد “بالعمل مع شركاء آخرين لمواجهة عدوان إيران ووكلائها مثل “حزب الله” وحماس والجهاد الإسلامي وأعمالهم التي تضعضع الاستقرار”، وبخاصة إذا ما فسرته واشنطن كإعطاء ظهر دبلوماسي وعملي لإسرائيل في أعمالها ضد إيران ومنظمات إرهابية.

لعل أحد الجوانب المهمة في رحلة بايدن الحالية هي الصفعة التي وجهها للجناح اليساري، المناهض لإسرائيل ولشطره اللاسامي في الحزب الديمقراطي الذي يتبنى الـ BDS، الذي يعارض كل مساعدة أمنية لإسرائيل ويدعو إلى العقوبات عليها. هذا مهم أيضاً في ضوء احتمال أن يصعد وزن اليسار المتطرف في الانتخابات النصفية وإمكانية استغلال تفوقه النسبي في حينه كي يؤثر على موقف حزبه تجاه إسرائيل. الأقوال التي أطلقها بايدن في القدس استهدفت الإشارة إلى العصبة آنفة الذكر بأن الأغلبية في الحزب الديمقراطي لا تزال ثابتة على دعمها لإسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى