ترجمات عبرية

معاريف: فرصة متعددة الساحات

معاريف 31/10/2024، ميخائيل هراري: فرصة متعددة الساحات

تركزت السياسة الخارجية الإيرانية في السنوات الاخيرة على تحقيق نفوذ في عدة ساحات في المنطقة كي تكون في ايديها أوراقا عديدة ومحسنة تجاه إسرائيل. المنطق من ناحيتها اعتقد بان التهديد على إسرائيل من عدة ساحات كفيل بان يمنعها عن مهاجمة منشآت النووي. وتتوجت هذه السياسة بنجاح لا بأس به: حزب الله كان رأس الحربة، حماس تبنت “التوجه الإيراني” (وان كان اقل من نظيرها في لبنان)، الحوثيون في اليمن تبينوا كشريك مصداق. هذه السياسة تحققت في 8 أكتوبر، باشكال مختلفة في الجبهات المختلفة. ساحتان اخريتان أدتا دورا اقل مركزية: العراق وسوريا. 

في الأسابيع الأخيرة ضربت إسرائيل ضربة ذات مغزى لمعظم الساحات. ليس هذا فقط بل ان الخصمين إسرائيل وايران – انتقلا الى المواجهة المباشرة، آخرها في نهاية الأسبوع الماضي. فما الذي تغير إذن؟ 

في لبنان: تصفية قيادة حزب الله، والنشاط العسكري البري في جنوب لبنان مسا مساً شديدا في المنظمة. لبنان يحاول استغلال ضعف حزب الله لترتيب الأمور في الداخل، سواء بانتخاب رئيس لا يكون متعلقا بحزب الله ام بالعودة الى صيغة التسويات مع إسرائيل على نمط 1701. في غزة: الضربة لحماس، بما في ذلك للقيادة، قاسية وذات مغزى. الجيش الإسرائيلي بقي في المنطقة، لكن في هذه الاثناء بدون سياسة خروج منها؛ في اليمن: الحوثيون تبينوا كشريك هام من ناحية طهران. فقد نجحوا في ازعاج إسرائيل حتى الضربة الشديدة في ميناء الحديدة، لكن أساس مساهمتهم تتعلق بتشويش النقليات البحرية في بات المندب؛ في العراق: الميليشيات المؤيدة لإيران في الدولة ساهمت بنصيبها بشكل أضاف جبهة لإسرائيل؛ في سوريا: “مفاجأة السنة.  نظام الأسد أوضح بانه غير معني بالانضمام الى الاحتفال والمس بمساعيه (الناجحة) في السنوات الأخيرة في تطبيع علاقاته مع الدول العربية، بقدر معين مع الغرب.

صورة الوضع تشكل تحديا لطهران. الضربة الأشد هي لحزب الله، الذي شكل الدرة في التاج في استراتيجية “وحدة الساحات”. تسعى ايران بان تمنع ضربة إضافية لقوته ومن ناحيتها من الأفضل الدخول الى خطوة سياسية تنهي القصة في لبنان.

حماس هي قصة أخرى. التوجه الإيراني الذي تبنته سيخضع للاختبار بعد تصفية السنوار وقسم من القيادة خارج القطاع. تبقى أن نرى كيف ستصمم المنظمة طريقها. الكثير يتعلق بالطريقة التي تختار فيها إسرائيل التعاطي مع الساحة الفلسطينية بعامة. 

تحاول ايران جر العراق الى تدخل اعمق، لكنها تصطدم بانعدام الحماسة من جانب الحكم في بغداد. سوريا، كما اسلفنا توضح عدم رغبتها بان تمس بما يراه النظام طريق العودة الى الاجماع الإقليمي. 

وماذا من ناحية إسرائيل؟ الضربات العسكرية على حماس وحزب الله غيرت إيجابا صورة الوضع في الساحتين، وفتحت إمكانية لمنحى محسن، اذا ما تمكنت إسرائيل من عمل ذلك. المواجهات المباشرة مع ايران، التي تستند الى دعم امريكي اعادت إحساسا هاما بالثقة بالنفس. الاغراء الذي تقف امامه إسرائيل، وللنزاهة، يقف امامه كل لاعب في ظروف مشابهة، يتعلق بمسألة متى وكيف ينبغي ترجمة النجاح العسكري الى عملة سياسية واستراتيجية. هل ثمة حاجة “لمزيد من الضغط العسكري”، أم يكفي ما تحقق؟ العقل ولاسفنا التاريخ أيضا، يثبتان بان اللاعبين لا يصمدون امام اغراء “خطوة عسكرية اخرى”. امام إسرائيل فرصة لتصميم واقع جديد، محسن، وان لم يكن كامل الاوصاف، في ثلاث ساحات: في لبنان، السعي الى منحى معزز من 1701 وربما أيضا انتخاب رئيس مستقل؛ في غزة، “عناق” الجاهزية الدولية لاعمار القطاع واطلاق مسيرة سياسية تثبت ضعف حماس؛ وفي سوريا، تشجيع الأسد على محاولة تحرره من ايران.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى