ترجمات عبرية

معاريف: ساحة الغام

معاريف – آنا بيرسكي – 2/9/2025 ساحة الغام

بعد جلسة الكابنت السياسي – الأمني الأخيرة لم يبق مكان للشك. ست ساعات من المداولات، سلسلة طويلة من التصريحات – التي سرب بعضها واقتبست – وفي نهايتها استنتاج واحد، يكاد يكون موحدا: لا صفقة جزئية. لا الآن، لا في الظروف الحالية. لا توجد، انسوها. نتنياهو قال هذا بصوته، باقي الوزراء كرروه بعده بهز الرأس. بن غفير حاول الدفع الى تصويت – رئيس الوزراء حسم: لا حاجة. الصفقة شطبت من جدول الاعمال، القتال هو العمل الوحيد.

المنطق الذي يقود نتنياهو واضح: الزمن يلعب ضد إسرائيل. في الماضي غير البعيد كان لا يزال ممكنا ان نسمح لانفسنا بـ “صفقة انتقالية” – وقف نار مؤقت، تحرير جزء من المخطوفين وعودة الى ميدان القتال بعد بضعة اشهر مع اسناد من ترامب. هذه المرة في القدس يفهمون بانه لم يعد هناك ترف كهذا. معنى الصفقة الجزئية: شهران من الهدوء في غزة، إعادة بناء قوات حماس، وسيكون من الصعب على إسرائيل، حتى متعذر، استئناف الحرب. ساعة الرمل تدق والرمل آخذ في النفاد.

لكن الحسم الذي يختاره نتنياهو – مناورة واسعة لاحتلال غزة – مليء بعلامات استفهام ثقيلة. هل عربات جدعون 2، حملة برية في عمق المدينة، ستحقق ما لم يتحقق حتى الآن؟ هل ستنجح في أن تحمل حماس على الاستسلام، التفكك، الاختفاء؟ أحد لا يمكنه ان يضمن هذا، ولا حتى رئيس الأركان زمير.

في هذه اللحظة، حسب التقديرات، لا يوجد مؤشر على ان حماس تفكر بجدية بقبول شروط انهاء الحرب التي طرحتها إسرائيل. في داخل قيادة حماس لا يوجد “معسكر استسلام”، لا يوجد من يدفع نحو انهاء القصة وفقا لصورة النهاية التي يرسمها بنيامين نتنياهو. ثمن الحملة، في هذه الاثناء، موضوع على الطاولة: اخلاء اكثر من نصف مليون نسمة فلسطينيين ومعارك شوارع ضارية، مع الخسائر المتوقعة.

اكثر من معقول الافتراض بان في العالم ستكون حملة دولية هائلة، مع صيغ جديدة ومتطرفة لحملة “التجويع”. هذه المرة ستكون “اماتة، ترحيل وابادة جماعية”. حتى لو نجح نتنياهو في ان يخلق لنفسه مجال عمل، احد لا يضمن ان يحصل على ما يكفي من الوقت لانهاء المهمة. وحتى لو انهيت المناورة، وحتى لو احتلت غزة – من يضمن ان تترجم اهداف الحرب الى النصر المطلق الذي يعد به نتنياهو الأمة منذ سنتين؟.

وهنا تدخل الى المعادلة الساعة السياسية أيضا. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد الصبر على الحرب في غزة، ومشكوك فيه أن يمنح اهتماما لحملة “عربات جدعون 3”. في إسرائيل الانتخابات تقترب. اذا لم يسقط الحريديم الحكومة بسبب قانون الاعفاء من التجنيد، فان صناديق الاقتراع ستفتح بين آذار – تموز 2026. معنى الامر: ليس لنتنياهو وقت سياسي لحملة أخرى، فصل آخر، في هذه الحرب الطويلة. احتلال غزة، اذا ما وعندما ينفذ، سيتم في كل حال في موعد قريب من فتح حملة الانتخابات التالية.

في السياسة مثلما في السياسة. لا يوجد فراغ. اذا خرج بن غفير وسموتريتش مؤقتا من المعادلة (لا صفقة = لا تهديدات انسحاب)، فان التهديد الحقيقي على استقرار الحكومة يأتي في هذه اللحظة بالذات من الحريديم. قانون الاعفاء من التجنيد هو المادة المتفجرة الوحيدة التي بقيت تحت كرسي نتنياهو. اذا فشل في إيجاد صيغة ترضيهم، دون تمزيق الجمهور والائتلاف، فان العبوة التي ستنفجر أولا لن تكون عبوة غزة، بل عبوة أماكن اقرب بكثير من ديوان رئيس الوزراء.

ولا يزال يجب القول: حتى تهديد الانتخابات نفسه فقد من وزنه. في الماضي، حين كانت تكون الانتخابات تبدو بعيدة في الأفق، كان فيها ما يخيف رئيس الوزراء ويجبره على اتخاذ قرارات في صالح المهددين. أما اليوم، عشية سنة الانتخابات، فيما تكون صناديق الاقتراع على أي حال خلف الزاوية – فان قيمة الانتخابات تنخفض. الفرق بين “الصمود لسنة أخرى” وبين “لبضعة اشهر أخرى” يتشوش.

لكن نتنياهو، رجل قرون المذبح، غير مستعد لان يتخلى عن يوم واحد. من ناحيته، كل يوم إضافي في الحكم اغلى من الذهب، وكل دقيقة يمكنها ان تكون تلك التي تنقذه – أو تحسم مصيره.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى