ترجمات عبرية

معاريف: خلطة اخرى

معاريف – آفي اشكنازي  – 10/8/2025 خلطة اخرى

قصة واحدة صغيرة عن هذه الوضعية، التي يكون فيها الجيش الإسرائيلي مطالبا بان يسير على أطراف الأصابع في سلوكه في القتال في قطاع غزة في الأيام والاسابيع الاخيرة. في الليلة التي بين الخميس والجمعة الأخيرة كان يفترض بالجيش ان يدخل قافلة مساعدات من بضع عشرات الشاحنات من معبر اللنبي الى معبر زيكيم. رحلة متواصلة من ساعتين على الأكثر. لكن هذه العملية استمرت لاكثر من تسع ساعات عندما كان عشرات جنود الاحتياط مطالبين بان يحرسوا الخطوة.

السبب: كمين لمتظاهري اليمين أرادوا تشويش نقل المساعدات. وحسب أحد القادة العسكريين، جند المتظاهرون سلاحا جديدا – قديما: فتيان ركضن لينبطحن امام الشاحنات ويسدن طريقها باجسادهن – في ظل خطر حقيقي على حياتهن. 

“في مثل هذا الوضع، يكون افراد الشرطة من وحدة “يسم” الخاصة والمقاتلون مقيدين، إذ محظور الإمساك بتلك الفتيات. هناك حاجة لشرطيات او مجندات لاخلائهن. هذا يحدث لنا الكثير جدا من المصاعب. بدلا من توجيه القوات الى مهام قتالية، ننشغل باعمال فرض النظام والحراسة”، روى باحباط أحد القادة. 

الان يتخذون في الجيش الإسرائيلي خطوات إبداعية لمنع تشويش حركة قوافل المؤن. مثلا، تركيز الجهد في اثناء السبت، من ليل الجمعة وحتى خروج السبت – على افتراض ان المتظاهرين يحترمون السبت. او تنفيذ عمل سري، حين يبقي الجيش في السر مواعيد حركة الشاحنات. 

الموضوع هو أن المشكلة ليست فقط في سد طريق الشاحنات، بل في شيء أوسع بكثير. في قيادة المنطقة الوسطى يبلغون في الأسابيع الأخيرة عن ميل متسع لاحداث عنف قاسية من جانب نشطاء يمين متطرف في مناطق الضفة. ويقول مصدر عسكري “هذا ليس ارتفاعا في كمية احداث الإرهاب اليهودي بل وفي ازدياد خطورته. نحن نرى حالات احراق بيوت وسيارات اكثر، رشق حجارة اكثر، اعمال عنف قاسية أكثر. يوجد فرق بين كتابة الشعارات على الحيطان وبين احراق مبنى او رشق حجارة على الجنود”.

هنا أيضا، الجيش والشباك يضطرون مؤخرا الى السير على البيض. في الجيش يلمحون بان لهذه الجماعات العنيفة ظهرا من فوق. هذا لم يعد غمزا او غض نظر، بل أكثر بكثير. وزير الدفاع إسرائيل كاتس لا يرى باحداث من هذا النوع، يقوم بها يهود، اعمال إرهاب بل جريمة فقط. وهذا هو أحد الأسباب التي جعلته يتخذ القرار موضع الخلاف – الغاء جارف للاعتقالات الإدارية للمشبوهين باعمال الإرهاب ا ليهودي. 

كما أن انشغال الجيش والشباك اليومي في ارجاء الضفة حيال اعمال العنف من جماعات اليمين المتطرف ضد السكان الفلسطينيين يجبرهم على توجيه مقدرات كثيرة ليست دوما في متناول اليد والامر يثقل أكثر فأكثر من العبء على الجيش وجهاز الامن. 

لكن كل هذا هو المقدمة للحدث الكبير: قرار الحكومة السير الى خطوة قوية أخرى في غزة. بداية طرح طلب احتلال كل القطاع. في اثناء حملة “عربات جدعون” اعطى الجيش المستوى السياسي امتنانا كبيرا للقيام بخطوة لتحرير مخطوفين في مفاوضات مع حماس. غير أن سلوك المستوى السياسي، برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير رون ديرمر أدى الى انهيار المحادثات.

مع كل الاحترام لديرمر – نوع من “سائح امريكي”، وصل الى إسرائيل والى الشرق الأوسط مؤخرا فقط – فان معرفته بالمنطقة وعقليتها بعيدة سنوات ضوء عن معرفة عديدة السنين من جانب المديرين الإسرائيليين السابقين للمفاوضات: رئيس الموساد دادي برنياع، رئيس الشباك السابق رونين بار واللواء احتياط نيتسان الون. يمكن انتقادهم، يمكن الثناء عليهم، لكن لا يمكن الجدال مع حقيقة انهم عندما اداروا المفاوضات وصلوا الى نتائج: صفقات لتحرير مخطوفين. ما لم ينجح في عمله الوزير “السائح من أمريكا” ديرمر. 

بسبب فشل ديرمر وبسبب ضغط وزراء اليمين المتطرف قرر رئيس الوزراء الخطوة الأكثر أهمية التي يمكن لإسرائيل أن تنفذها: القاء كل ذخيرة، كل القدرات العسكرية للجيش، على غزة، فيما يكون الهدف هو حسم المعركة مع حماس – بكل ثمن. وعندما نتحدث عن الاثمان، فالمقصود هو أولا وقبل كل شيء حياة المخطوفين الاحياء وإيجاد المخطوفين الأموات. الى هذا ينبغي أن يضاف المصابون في المعركة من بين جنود الجيش وانهاك قوات النظامي، الاحتياط والدائم. 

وقائمة “الاثمان” لا تزال طويلة: تآكل الأسلحة، الدبابات، الطائرات والمخزونات من القذائف وتآكل الجيش عندما لا يتدرب ولا يحرص على إنعاش القوات المناورت لنحو سنتين. إضافة الى ذلك، لا يتم الانشغال ببناء القوة للمستقبل حيال جبهات نشطة مثل إيران، سوريا، لبنان، اليمن، الضفة وغيرها. 

ان مهمة المستوى السياسي هي ان يكون الراشد المسؤول. محبط عندما يرى المرء ويحسب الخطوات للمستقبل. فالسلوك الأخير للمستوى السياسي، الذي ينجر وراء الوزراء بتسلئيل سموتريتش، اوريت ستروك وايتمار بن غفير أدى بنا الى طريق بلا مخرج – الى خطوة حماس التي خرجت في حملة التجويع والى انهيار المحادثات دون أن يتحرر المخطوفون في اتفاق.

الان يحاول المستوى السياسي خلق خطوة قتالية يحذر منها قادة الجيش منذ الان، الذين يوضحون بان هذه مغامرة بمخاطرة عالية. واضح منذ الان انهم لا يسيرون الى احتلال كل القطاع ولا الى احتلال كل مدينة غزة. يسيرون الى خلطة من مصنع نتنياهو، الى خطوة “سيطرة”. ما هذه؟ سؤال جيد. نوع من تطويق زائد او احتلال ناقص. 

التقدير هو ان الحديث يدور عن خطوة أخرى لشراء الوقت للائتلاف، كي يكون ممكنا مثلا لنشطاء اليمين ان يواصلوا العربدة وصد الطريق على شاحنات المؤن او اضرام النار في القرى والممتلكات الفلسطينية والامتناع عن سن قانون تجنيد يلزم الحريديم أيضا بالدخول الى ما تحت حمالة الجرحى. وعلى الطريق استخدام استمرار الحرب كوسيلة أخرى بتأجيل موعد اجراء الانتخابات. 


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى