ترجمات عبرية

معاريف: بين القدس وأنقرة

معاريف – ميخائيل هراري – 30/7/2025 بين القدس وأنقرة

غيّر انهيار حكم الأسد في سوريا وجه الساحة الإقليمية. بقيت علامات استفهام مفهومة بالنسبة لاحتمالات نجاح النظام الجديد، لكن يلوح اجماع دولي واسع، يفضل سوريا موحدة تحت حكم مركزي على استمرار الفوضى. خروج ايران السريع من سوريا اعتبر كالانجاز الأكبر من النظام الجديد. الان، لاعبتان اقليميتان، لهما حدود مشتركة مع سوريا تتنافسان على طبيعة نفوذهما في الدولة: إسرائيل وتركيا. 

إسرائيل تخشى قيام حكم إسلامي متطرف في سوريا ونفوذ تركي واسع. لم تصل بعد الى قرار في مسألة هل هي تفضل حكم مركزي قوي في دمشق. تصريحات وخطوات تلمح بان إسرائيل تفضل دولة ضعيفة ومتفككة. فإسرائيل تشعر انه في الملابسات القائمة بوسعها أن تؤدي دورا مركزيا في تصميم الساحة السورية. تركيا ترى فرصة تاريخية لتثبيت الاستقرار على حدودها مع سوريا في ظل تعزيز تعلق نظام الشرع بها. كما أنها ترى فرصة ذهبية لتعزيز مكانتها الإقليمية. ترامب وشبكة علاقاته مع اردوغان تضيف الى صورة الوضع الواعدة بعيون تركية. 

المواجهات في السويداء والتدخل الإسرائيلي في سوريا يعتبران في أنقرة كمحاولة إسرائيلية لاضعاف الشرع ولابقاء سوريا ضعيفة ومفككة. في واشنطن أيضا لم يستطيبوا التدخل الإسرائيلي. يبدو أن لإسرائيل وتركيا مصالح متضاربة في موضوع سوريا، والسؤال الحرج هو هل يمكن الوصول الى تفاهمات تمنع سوء التقدير الذي من شأنه حتى أن يتدهور الى مواجهة مباشرة.

الجواب على هذا إيجابي نظرا لوضوح كاف في الدولتين في موضوع مصالحهما الحيوية وفي موضوع المصلحة الواضحة في الساحة الدولية التي ترحب باعطاء الثقة بنظام الشرع.

على السياسة الإسرائيلية في هذا الموضوع ان تعتمد على بضعة اساسات. التدخل الفاعل، عسكريا واساسا ما يعتبر كـ “يد رشيقة على الزناد” حيال نظام الشرع لا يستقبل بعين الرضى في واشنطن أو في أنقرة. يمكن التقدير بان إسرائيل تسعى لان تثبت نوعا من المعادلة بين الموضوع الدرزي والموضوع الكردي بالنسبة لتركيا. على أي حال، الرسالة التي تقول ان لإسرائيل أوراقا حيال سوريا وتركيا تم ايضاحه.

مطلوب فهم إسرائيلي عميق بان تدخلا تركيا في سوريا، حتى وان كان أوسع مما ينبغي في نظر إسرائيل، يختلف جوهريا عن التدخل الإيراني. مصادر إسرائيلية تحذر من أن تواجدا عسكريا تركيا في سوريا اخطر من التواجد الإيراني، مخطئة ومضللة، ومن شأنها أن تخلق نوعا من النبوءة التي تحقق نفسها. هيمنة تركية في سوريا ليست مرغوبا فيها لإسرائيل، وينبغي العمل دبلوماسيا واساسا مع واشنطن، لتقليصها. لكن لا يدور الحديث على الاطلاق عن تهديد على النمط الإيراني. الخطوات الإسرائيلية في سوريا، بما فيها السيطرة على أراض وراء ما تضمنه اتفاق فصل القوات اعتبرت في البداية كعوائق، لكن علامات الاستفهام بشأنها تزداد، بخاصة بعد الهجوم على اهداف للنظام الجديد في دمشق. 

مطلوب عمل دبلوماسي مكثف في مثلث القدس – أنقرة – واشنطن بهدف تأكيد مصالح الأطراف الثلاثة ومنع انزلاق غير مرغوب فيه الى أفكار مغلوطة. القناة المباشرة، السرية، الإسرائيلية – التركية، حيوية. إسرائيل ملزمة بان تنزل عن جبل “اوليمبوس” الذي توجد فيه في ضوء نجاحاتها العسكرية وان تتبنى تفكيرا عقلانيا واستراتيجيا، لغرض استغلال النجاح بشكل عاقل وليس بشكل تغامري. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى