معاريف: الصفقة مع الأمريكيين لاضعاف ايران ووكلائها ستدهورنا في النهاية

معاريف 11/10/2024، ران ادليست: الصفقة مع الأمريكيين لاضعاف ايران ووكلائها ستدهورنا في النهاية
حتى الان، لم يهاجم الجيش منشآت النفط او النووي في ايران. وخيرا فعل. صحيح أن بنيامين نتنياهو اعلن بنبرة هجومية بان أيدينا واعداءنا وثأرنا وباقي التهديدات على افضل التقاليد، لكن عمليا، (حاليا) هذا لم يحصل.
قبل بضعة أشهر سيئة، حين وصل الجيش الإسرائيلي الى وادي غزة بعد تدمير مدينة غزة، كان واضحا انه لا يمكن وقف الهجوم في صالح تسوية. من هنا لاحقا تراكمت تدميرات أخرى وضحايا آخرون ومخاوف أخرى (تحققت) لضياع الشرعية عقب اعداد مذهلة من الضحايا، أطفال ونساء.
ترقب الجيش بشكل طبيعي تعليمات المستوى السياسي بشأن اهداف الحملة، إتمام صفقة مخطوفين ووقف نار حزب الله في الشمال. طوق النار المخطط من ايران لم يكن بعد في مراحل تفعيل واضحة، وكان ممكنا لجمه من خلال صفقة مخطوفين. المذبحة في الغلاف، رد سلاح الجو والمناورة البرية كانت في تلك الأيام لا تزال حملة محلية رغم الحملة الهستيرية التي اشعلت الأجواء وكأن الحرب هي على الوجود.
كلما تقدم الجيش تقدم أيضا حزب الله في تدمير الجليل، وطوق النار الإيراني بدأ يشتعل في لبنان، لدى الحوثيين في اليمن، الميليشيات الشيعية في العراق، ومع الاستعدادات في ايران للعمل. ولا يزال منذئذ وحتى اليوم لم توفر الحكومة للجيش أي تعليمات بشأن اليوم التالي، باستثناء ركوب موجة الزخم. بالضبط مثلما يحصل اليوم في لبنان ضد حزب الله. حتى عندما يؤشر حزب الله وايران الاستعداد للتسوية. المصلحة الامريكية (انتخابات) والعسكرية الإسرائيلية (بعد تطهير الحزام الأمني الجديد) تستوجب اتفاق. اما نتنياهو وللمسيحانيين فتوجد اجندة استمرار قتال، وكلنا نخاطر بحظر أسلحة حرجة.
ان الأساس لسياسة الامن لدى دولة إسرائيل هي السلوك مع الولايات المتحدة. الوضع الحالي هو التعاون الكامل من جانب إدارة جو بايدن مع الجيش الاسرائيلي، سواء في الاعمال الميدانية أم حيال أيديولوجيا حكومة إسرائيل الحالية. في الاعمال الميدانية اليومية في كل الجبهات يوجد فهم مشترك من الطرفين غير أن المواجهة الكبرى هي على الأهداف النهائية للحرب.
يد على صنبور السلاح
ذاك التأخير الرهيب لاكثر من نصف سنة في الجنوب بمعاذير هزيلة مثل “رفح” و “فيلادلفيا” و “النصر المطلق” كلفت الجيش الإسرائيلي مئات الضحايا. انعدام الهدف النهائي لا يزال يجبي ضحايا في القطاع، ويبدو أن لبنان لن يكون مختلفا. كما اسلفنا آنفا هكذا لعبة الهجمات المنضبطة (لا يزال) حيال طهران، التي تجبي وستجبي اثمانها. حتى بعد ان وفر الجيش الإسرائيلي البضاعة وبقوة، نحن عالقون في رفض نتنياهو وشركائه تحديد اهداف الحرب، من اجل ذاك النصر المطلق الذي هو غباء مطلق.
في غزة علقنا مع مليوني فلسطيني، وفي لبنان مع اغلبية شيعية. كلاهما لن يرحلا الى أي مكان، وهذا هو المكان الذي كان يفترض بالامريكيين فيه أن يمتشكوا جوكرهم. المشكلة: بسبب مصالح متداخلة، تعمل إدارة بايدن بدبلوماسية الغمز. المصلحة الأمنية العليا للولايات المتحدة هو استقرار المدماك الاستراتيجي حيال الصين، روسيا وايران.
توجد لكم مشكلة مع الجيران؟ يقول لنا الامريكيون، لنا أيضا توجد مشاكل مع جيراننا. عندما تطلقون النار عليهم، نحن ندعمكم استخباريا، وسننظم في صالحكم قوة كبرى لردع اعدائكم عن الاندفاع الى حرب شاملة، التي هي سيئة للمنطقة، للعالم وبخاصة لنا، قبل الانتخابات. نحن سنسلحكم بمنتجاتنا التكنولوجية بالكمية التي تحتاجونها، لكن بتقنين تكونون فيه متعلقين بقراراتنا ولا تخرجوا عن قواعد اللعب التي نثبتها.
بالمقابل، تقتلون نيابة عنا حماس وحزب الله، الذين هم وكلاء الصين، روسيا وايران، وتضرون بايران بتقنين لا يلزمهم بالجنون. انا، بايدن، اقرر وقف النار، وانتم لا تنفذون اعمال تدمير وذبح للمواطنين كفيلة بان تمس بحزبي في صنادق الاقتراع. لا تقصفون منشآت النفط التي ستجعل أسعار النفط تقفز وبالتأكيد لا تقصفون منشآت النووي. جدوا لانفسكم بطارية صواريخ مضادة للطائرات كي تثبتوا التفوق، او ناقلة نفط تتصاعد منها عواميد النار والدخان لتغطي الشاشة – واساسا لا تبالغوا، إذ بعد شهر انتخابات.
يدور الحديث كما اسلفنا عن دبلوماسية غمز مع اليد على ابريز السلاح، فيما انه في هذه اللحظات تماما يدير الامريكيون والايرانيون صراعا سريا في موضوع النووي وتهدئة المنطقة من خلال سفارة سويسرا في طهران (“فايننشال تايمز”).
إسرائيل، حماس وحزب الله هم وكلاء صراعات القوة في اطار الاستراتيجية العالمية للقوى الكبرى، وبالاجمال العالم هو نوع من الحلبة الرومانية، وتوزيع الأدوار في الساحة واضح: يوجد رعاع، يوجد متقاتلين، وتوجد نخبة. سياسة الولايات المتحدة من ناحية القوة العظمى هي نوع من العصابات والخاوة. فيما أن إسرائيل تستخدم كمقاول التصفيات لديها. بحكم الظروف المصفون هم أيضا اعداؤنا، أعداء دولة إسرائيل، غير أنه ملقى علينا واجب يتجاوز الحلف مع الأمريكيين. وظيفتنا كدولة وكبشر هو ان نحول جيرانا معادين لجيران هادئين.
تخمين يحقق ذاته
غير أن هنا عندنا توجد قصة مع مندوبي القطاع الرباني، والرب هو المنتقم حتى نهاية كل الأجيال، باسناد نتنياهو، أحزاب الائتلاف واغلبية الجمهور. وبرعاية حقنة جنون الاضطهاد الحكومية، يعتقد الجمهور في إسرائيل ان الحرب متعددة الساحات هي على الوجود، وهو مخطيء. في مستوى الجيش مقابل الجيوش وعلى كل الصندوق، نحو اقوى بكثير من كل شركاء طوق النار.
تريدون حلا؟ مشكلة النووي يمكن حلها باتفاقات مع ايران. مثلما هي مشكلة إعادة المخطوفين والنازحين في غزة وفي الجليل يمكن حلها باتفاق مع حزب الله. غير أن ليس لهذه الخطوة فرصة مع الائتلاف الحالي. من ناحيته، يدور الحديث عن ححرب فريضة دينية لحماية حياته السياسية وعن رئيس وزراء الحرب تخدم مسار بقائه السياسي وهروبه من السجن.
حتى اليوم، في اللعبة الدموية مع الإيرانيين، انتصر الدفاع. بمعنى ان الجيش انتصر. لاجل زق اصبع في العين حيال هجمة العلاقات العامة لنتنياهو وشركائه يمكن القول ان الكبلانيين انتصروا. فاستغلال النجاح معناه اقتراح مرتب لوقف نار في كل الجبهات وانهاء صفقة مخطوفين. وعندها “يقرر” الكابنت الخروج الى هجوم “ذي مغزى”. وللتذكير: خير أن الجيش الإسرائيلي يطهر المنطقة من إمكانية تنفيذ هجوم مستقبلي، لكن بدون تسوية مستقبلية سيحصل ما حصل في كل تاريخ النزاع: القيادة التي ستقوم لحزب الله ستكون اكثر تطرفا، وصواريخهم ستكون ابعد مدى واكثر دقة.
ناهيك عن الكابنت ورقصات نصر معتمري الكيبا وملتفي السوالف في المدارس الدينية والشوارع، سكرة نصر تتخذ صورة تصفية تخمينية لقيادة حزب الله ونهايتها توغل بري.
ليس صعبا تشخيص صعود الغريزة الأمنية اللاذعة حتى لدى الجنرالات الشائخين الذين في المجموعة، حين يشمون رائحة النصر أو على حد قول لواء احتياط غي تسور، الذي هو شاب منطقي بالاجمال، الذي انجرف الى زخم النصر، مثلما وصف الوضع وعندها “السير حتى النهاية بما في ذلك طهران”.
يدور الحديث عن فرحة معركة وعمى عام معروف اسمه استغلال النجاح. الى أن نصطدم بالحائط – أي بحكومة كل ما يهمها هو استمرار القتال على أمل أن ينقذها “النصر” الذي اعلنوا عنه من هزيمة سياسية وينقذوا نتنياهو من السجن.