معاريف: إذا لم تتدخل تركيا، فقد نرى أردوغان إلى جانب ترامب في البيت الأبيض

معاريف 4/12/2025، يئير مرتون: إذا لم تتدخل تركيا، فقد نرى أردوغان إلى جانب ترامب في البيت الأبيض
المعركة في سوريا في السنوات الأخيرة ليست صراعا آخر على حكم محلي – فقد اصبح اختبارا للمنطقة. اسرائيل والغرب ضربا البنى التحتية لنفوذ ايران وحزب الله في سوريا واضعفا تواصل المحور الشيعي. وتشير بحوث غربية الى ضرر بنيوي ذي مغزى لهذا المحور منذ 7 أكتوبر، ولكن ليس الى انهيار تام.
تركيا تتموضع في شمال سوريا كعامل أساسي. مصلحتها واضحة: منع إقامة كيان كردي قوي على حدودها، تثبيت مناطق نفوذ في الشمال والحفاظ على قنوات النفوذ على دمشق. ان تمديد التخويل من البرلمان التركي للاعمال العسكرية في سوريا يبث التزاما بعيد المدى. هدفه ليس المس بإسرائيل بل الرفع الى الحد الأقصى مصالح أنقرة، لكن كل تدخل عسكري يخلق خطرا للتدخل.
بالتوازي فان الولايات المتحدة تحاول العمل على استقرار إقليمي. يسعى ترامب للترويج الى الحوارات، بما في ذلك مبادرة لرأب القطيعة بين القدس ودمشق على أساس مصالح امنية واقتصادية. فكرة اتفاق عدم قتال كفيلة بان تخلق ثقة، ولاحقا تسمح لسوريا بالانضمام الى اطار أوسع من اتفاقات إبراهيم. يجدر بالذكر ان إسرائيل قدمت عمليا “معروفا” للسُنة حين ضربت المحور الشيعي في سوريا وفي لبنان واضعفت ايران.
مع ذلك، في البيت الأبيض لا يخفون انعدام راحتهم. ثمة من يدعون بان هجمات إسرائيلية تمس بالاستقرار وتتجاوز آليات التنسيق. تؤيد الولايات المتحدة الحوار الاستراتيجي، لكنها تسعى للفصل بين مسيرة سياسية وبين اعمال عسكرية من شأنها أن تخرب على توافقات مستقبلية. مصلحة ترامب واضحة: اتفاقات سلام أخرى، تطبيع وسعي الى إرث رئاسي من “قائد اتفاقات السلام”. تتمتع إسرائيل بمرونة استراتيجية، لكن نافذة الفرص محدودة ومن شأنها أن تضيق.
هل سوريا كفيلة بان تنضم الى اتفاقات إبراهيم أو توقع على اتفاق عدم قتال؟ الاحتمالات متدنية. ولا يزال، في نظرة استراتيجية، اذا عرضت مصالح اقتصادية وضمانات أمريكية بان سوريا كفيلة بان تفاجيء بخطوة دراماتيكية.
تسير إسرائيل على خط رقيق: من جهة استمرار الضرب للقدرات المعادية – ارساليات إيرانية، بنى تحتية لحزب الله. من جهة أخرى، تنسيق دبلوماسي مع واشنطن ودول عربية تفضل الاستقرار. النهج المظفر سيكون خليط من القوة العسكرية المركزة والناجعة مع قناة سياسية مفتوحة. عمليا، إسرائيل توجد مرة أخرى بين الحاجة للدفاع عن امنها وبين الفرصة بمسيرة سياسية تاريخية. اذا نجحت الخطوة، فانها كفيلة بان تغير مفهوم الامن الإسرائيلي والإقليمي لعدة أجيال. الفرصة قائمة – السؤال هو هل ستستغلها الأطراف.
سوريا، إسرائيل والولايات المتحدة تشكل مثلث مسؤولية: كل واحدة يمكنها أن تتسبب بالتصعيد لكن أن تقود الى التطبيع أيضا. اذا لم تعرقل تركيا او حتى تنخرط كمحرك اتفاق، يحتمل ان نرى اردوغان الى جانب ترامب في ساحة البيت الأبيض في احتفال توقيع تاريخي. هذا سيناريو يخدم مصالح كثيرة ولهذا السبب فهو ليس خياليا.
*مستشار الاستراتيجي ومدير أزمات



