محمد قاروط أبو رحمه: مفارقة الرؤية: كيف نرى ما بين أيدينا بالنظر بعيداً؟
محمد قاروط أبو رحمه 10-12-2025: مفارقة الرؤية: كيف نرى ما بين أيدينا بالنظر بعيداً؟
(الملخص: إذا اردت رؤية ما بين يديك بوضوح، انظر حولك وبعيدا)
في عصر السرعة والتركيز على اللحظة الراهنة، قد يبدو القول بأن “رؤية ما بين يديك بوضوح تتطلب النظر حولك وبعيداً” مجرد مفارقة لغوية.
المنطق السطحي يملي علينا أن نركز بصرنا على الشيء القريب لنراه بوضوح. لكن في الواقع، سواء في الفيزياء البصرية أو في الفلسفة الحياتية، تتطلب الرؤية الشاملة منظوراً أوسع.
المنظور البصري والمجال المحيط
حتى من الناحية البصرية والتشريحية للعين، لكي نرى جسماً قريباً بوضوح كامل، يحتاج دماغنا إلى معالجة الإشارات القادمة من المجال المحيط. الوعي بما حول الشيء يساعد العين على ضبط البؤرة بشكل صحيح وتحديد الأبعاد.
التركيز المفرط على نقطة واحدة قد يسبب “العمى التركيزي”، حيث نغفل عن تفاصيل مهمة تحيط بالهدف الرئيسي.
المنظور الحياتي: السياق هو الوضوح
تتجلى الحكمة الحقيقية في التطبيق الحياتي:
السياق يعطي المعنى:
ما هو “ما بين يديك” قد يكون شراسة الغزاة، علاقتك التنظيمية، أو راتبك. إذا ركزت فقط على التفاصيل الدقيقة لهذا الشيء دون النظر إلى “ما حولك” (السياق العام للنضال الوطني، متطلبات العمل النضالي، احتياجات عائلتك)، تفقد المعنى الحقيقي. رؤية الشجرة بوضوح تتطلب منك التراجع لرؤية الغابة المحيطة بها.
الرؤية المستقبلية تضبط الحاضر:
النظر “بعيداً” يعني التخطيط للمستقبل ورسم الرؤى طويلة المدى. عندما تعرف إلى أين تتجه بعد خمس سنوات، يصبح من السهل جداً تحديد أولويات ما هو “بين يديك” الآن. المشكلات العاجلة قد تخطف انتباهك، لكن الرؤية البعيدة هي التي تعطيك الوضوح اللازم لتمييز المهم من الأهم.
التوازن بين القرب والبعد
إن الوضوح الحقيقي ليس نتاج التحديق في التفاصيل فحسب، بل هو نتاج القدرة على التكبير والتصغير في مشهد النضال الوطني والحياة.
لكي تفهم قيمة ما تملكه الآن وتتعامل معه بحكمة، لا تحبس نظرك في نطاق ضيق. ارفع رأسك، انظر حولك لترى السياق، وانظر بعيداً لترى المستقبل. عندها فقط، سيتضح لك تماماً ما هو “بين يديك”.
هذا المقال تطوير لمنشور على صفحة جماعة الباب الأدبية وصفحتي على الفيس بك، بتاريخ 5/1/2023، بعنوان:
إذا اردت رؤية ما بين يديك بوضوح، انظر حولك وبعيدا.



