فتحي زيدان جوابرة: إعلان الاستقلال الفلسطيني

فتحي زيدان جوابرة 16-11-2025: إعلان الاستقلال الفلسطيني
رغم وجود الاحتلال الإسرائيلي وغياب السيطرة الفعلية على الأرض، فقد أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات في 15 نوفمبر 1988 من الجزائر استقلال دولة فلسطين، حيث مثّل هذا الإعلان لحظة فارقة في التاريخ النضالي والسياسي الفلسطيني، إذ أسس الدولة سياسيا قبل وجودها فعليا، وأثبتها باعتبارها حقّا واجب التطبيق على أرض الواقع، فانتقل المشروع الوطني من خطاب الثورة والتحرير الشامل إلى خطاب الدولة والشرعية الدولية.
تتلخص القيمة الوطنية والسياسية لإعلان الاستقلال في أنه منح الفلسطينيين هويةً سياسية وكيانًا قانونيًا دوليًا، قبل أن تتحقق السيطرة على الأرض، وحوّلَ القضية الفلسطينية من نزاع عسكري إلى قضية دولية قائمة على القانون الدولي، وفتح المجال أمام الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. وعمل على ترسيخ بناء الهوية الوطنية حيث أعاد تموضع منظمة التحرير ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني، وخلق مرجعية وطنية موحَّدة، وساهم في صياغة مؤسسات رمزية للدولة.
وانبثاقا من الإعلان تحدّدت الاستراتيجية الوطنية ذات الرؤية السياسية الواضحة للتحرير؛ فأصبح هدف التحرير يتمحور في إطار الدولة المعترف بها دوليًا، بدلًا من التحرير الشامل غير المُحَدَّد.
إعلان الاستقلال في الخطاب السياسي يُستخدَم لتأكيد شرعية منظمة التحرير ومسار الدولة، ولإرساء أساس مفاهيمي للاتفاقيات المبرمة؛ فعلى الرغم من أن بعض الفصائل الفلسطينية عارضت وانتقدت هذا الإعلان إلا أن مفرداته ( الدولة على حدود 1967، والقدس عاصمة) تظل مرجعًا في الخطاب السياسي لتلك الفصائل.
شكل الإعلان قاعدة للمطالبة بالاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وساهم في انضمام فلسطين إلى منظمات الأمم المتحدة باعتبارها دولة مراقب، ورفع مكانتها القانونية على الصعيد الدولي، مُثبِتًا أن الشرعية السياسية والقانونية يمكن أن تتقدم على الواقع الاحتلالي، فقد تمكن من صياغة تعريف متطور للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تطور إلى مفهوم (احتلال إسرائيل لدولة فلسطين).
وعلى الرغم من عدم تحقّق الدولة على الأرض، يظل إعلان الاستقلال الفلسطيني وثيقة مؤسِّسة للهوية الوطنية ووثيقة القبول لدى الشرعية الدولية، والمرجعية المركزية في الخطاب السياسي الفلسطيني، وحجر الأساس لكل استراتيجيات الدولة الفلسطينية المستقبلية.



