شجاع الصفدي: لقد قررت حماس أن تحارب (38)

شجاع الصفدي 11-10-2025: لقد قررت حماس أن تحارب (38)
لعل السؤال الذي يشغل كل أبناء قطاع غزة حاليا هو: هل سيستمر اتفاق وقف إطلاق النار بعد تسليم الأسرى، أم أن نتنياهو سيجد ذريعة ليبطل التقدم نحو المراحل التالية، والسؤال الأخطر، هل ستكون حماس معطلا لمسار الاتفاق بما يخدم مصالحها ويتوافق مع رؤية نتنياهو المستقبلية لغزة ؟
حماس في هذه المرحلة تصرّح استعدادها التام للتخلي عن الحكم، بينما على الأرض تمارس كل ما يضمن وجودها حاكما وحيدا، بيانات متتابعة من وزارة الداخلية، مكتب الإعلام الحكومي، وزارة الصحة، الدفاع المدني، قوى الأمن على اختلاف مسمياتها ، وجميعها تصرح ما يفيد بأنها السلطة الوحيدة على الأرض.
هذا في الظاهر هو ما يحاربه نتنياهو وهدفه المعلن هو القضاء على أي مظهر لحكم حماس في غزة، بينما الواقع يقول إن وجود هذا الحكم الهش يعفي نتنياهو وحكومته من أي استحقاقات تم توقيعها في الاتفاق بضمانة الوسطاء والأمريكان.
وفي حال تأخر تولي سلطة ذات شرعية ومرجعية واضحة ضمن خطوات تنفيذ الاتفاق، بسبب تلكؤ حماس، أو تملص نتنياهو في أي بند، فإن ذلك سيجعل غزة تعيش حربا مفتوحة من عدة جبهات.
أولها اشتعال صراعات داخلية لا حصر لها، تعتقد حماس أنها ستتجاوزها وتفرض هيمنتها مجددا بالحديد والنار، لكن الواقع بعد سنتين من الحرب الضروس بات مختلفا، وكثير من العائلات والجماعات ذات المصالح الشخصية مستعدة لمجابهات دامية في سبيل حفظ مكتسبات الحرب.
وجبهة الاحتلال التي ستتخذ طابعا مختلفا، بحيث يصبح القضاء على حكم حماس ذريعة متجددة لاستهداف غزة في أي وقت وفي أي مكان، دون الاضطرار لعودة حرب واسعة تثير حفيظة دول العالم .
كما سيتحكم الاحتلال مجددا بكل ما يدخل من سلع وبضائع ووقود وأدوية، دون وجود أي نوع من الضغوط التي تكبح تحكمه في شريان حياة الغزيين.
في غزة يمكن أن يستمر هذا الحال طويلا، وهو سيناريو لا يقل في بشاعته عن سنَتيّ الحرب.
وفي ظل ظروف وبيئة طاردة تماما، سوف يصبح معبر رفح هو منفذ الأمل، سيُقبِل الغزيون على محاولة الحصول على تأشيرات للخارج بكل السبل، سيدفعون كل ما يمكن للخروج من جحيم يأبى أن يتخلى عن هذه المدينة.
هذا لا يمكن تصنيفه تهجيرا وفق القوانين الدولية، ولا يمكن لأحد أن يتهم الاحتلال بتهجير الغزيين قسريا، لكن الحقيقة هو تهجير ناعم ومتواصل.
هل كل ذلك ليس كافيا لتغيير الواقع، أو أن تقتنع حماس أن عليها التخلي الفعلي وليس القولي عن حكم قطاع غزة؟
لا يمكن القول إن هذا سيناريو متشائم أو صائب تماما، لكن المؤشرات التي تتوارد وتصريحات مسؤولي حماس ومؤسسات حكمها، وتصريحات مكتب نتنياهو اليوم عن عدم إنتهاء الحرب، كل ذلك يشير أن مرحلة تسليم الأسرى هي جوهر الصفقة، وكل الخطوات التالية صورية لا تعدو كونها حبرا على ورق، ما لم تخضع حماس ونتنياهو لضغوط دولية كبيرة للتقدم في بنود الاتفاق، وإطلاق نواة حكم مبدأي يستطيع ترسيخ القانون إلى حين حدوث متغيرات سياسية يمكن أن تؤسس لانتخابات شاملة ترمم شيئا من مستقبل الغزيين الذي تم سحقه .