رفيق خوري: طريق ترمب الطويل إلى سلام المنطقة

رفيق خوري 18-10-2025: طريق ترمب الطويل إلى سلام المنطقة
وقف الحرب في غزة ليس نهاية الحروب في فلسطين والمنطقة، و”قمة شرم الشيخ” ليست أكثر من احتفال بفصل لم يُكتب بعد في كتاب اختار له الرئيس الأميركي دونالد ترمب عنوان “سلام الشرق الأوسط”، ومن المألوف سماع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يصف القمة بأنها “حدث تاريخي”، فما أكثر القمم والخطب والأحداث التي توصف بأنها تاريخية من دون التوقف أمام الفارق بين ما يصنع التاريخ وما يسجله التاريخ، ونحن اليوم على مسرح مبالغات من نوع تصوير العالم وكأنه يدور حول ترمب وغزة ومعجزة وقف الإبادة، بعد عامين من التوحش الإسرائيلي والحماية الأميركية لبنيامين نتنياهو، والمهم في النهاية هو الفعل، بصرف النظر عن كرنفال الرؤساء من حول ترمب، والأهم هو أن يكون صنع التاريخ تأسيساً للمستقبل.
ذلك أن العالم كما يراه فرنسيس فوكوياما قسمان، “تاريخي وما بعد تاريخي”، ومن الباكر بالنسبة إلى المؤرخين تحديد القسم الذي يوضع فيه ترمب، فهو كمقاول ومطور عقارات يهمه تجريد الجغرافيا من تاريخها لبناء ما يلغي ذاكرة المكان، وهو كرئيس ليس مولعاً بالتاريخ بل بالقفز من فوقه، وما يحاول فعله في وقت واحد هو فرض أميركا على العالم وإبعادها منه، كما في الكتاب الأخير للبروفسور الراحل جوزف ناي وروبرت كيوهان.
وإذا كانت لجنة جوائز نوبل قد تجاهلت إلحاح ترمب أن يُعطى “جائزة نوبل للسلام” بداعي أنه “أوقف سبع حروب” وأعطتها لمعارضة من فنزويلا، فإن كثيرين في الشرق الأوسط وأوروبا يراهنون عليه كلاعب وحيد يستطيع الضغط على إسرائيل لإنهاء حرب الإبادة في غزة، والتفاوض مع الرئيس فلاديمير بوتين على إنهاء حرب أوكرانيا التي بدأت بالهجوم الروسي، أما السلام فإنه يحتاج إلى لاعبين كثر دوليين وإقليميين.
والمعادلة معروفة، لا حرب غزة كانت حرب القطاع وحده، وأي حل لغزة وحدها هو الوجه الآخر للانقلاب الذي قامت به “حماس” عام 2007 وفصَلت به القطاع عن الضفة الغربية، وحكمها له عن السلطة الوطنية الفلسطينية، وأية خطوة نحو قيام دولة فلسطينية على أساس “حل الدولتين” تبدأ بإعادة الربط بين غزة والضفة، والسؤال هو: أي سلام يريده ترمب للشرق الأوسط؟ وأي شرق أوسط جديد أو قديم يراه الرئيس الأميركي على الخريطة؟
في مقالة تحت عنوان “نهاية الشرق الأوسط” كتب أستاذ العلوم السياسية والقضايا الدولية في جامعة جورج واشنطن مارك لينش “أن الشرق الأوسط لم يعد العالم العربي وإسرائيل وتركيا وإيران، كما هو على خرائط الجامعات والخريطة الأميركية”، وخريطة القيادة الوسطى “أكبر من خريطة الخارجية الأميركية، إذ تشمل أيضاً أفغانستان وجيبوتي وأرتيريا وإثيوبيا وكينيا وباكستان والصومال”، وحتى تعبير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي تستخدمه “الخارجية الأميركية” في إطار المشاريع الطموحة لتغيير المنطقة، أوسع من اهتمامات الدول العربية وأضيق من مسؤوليات القيادة العسكرية الوسطى، فأين يبدأ وينتهي مشروع ترمب؟