د. عمرو الشوبكي: حزب حماس السياسي
د. عمرو الشوبكي 1-12-2025: حزب حماس السياسي
ما نشرته بعض وسائل الإعلام العربية وعلى رأسها صحيفة الشرق الأوسط عن أن حركة حماس تشهد في الوقت الحالي نقاشًا داخليًا حول إمكانية تحولها إلى حزب سياسي والانضمام لمنظمة التحرير، يعد تحولًا كبيرًا جاء نتيجة تداعيات حرب العامين على قطاع غزة.
والحقيقة أن المقترح، الذي قدّمه بعض قادة حماس، يهدف إلى التحول التدريجي للعمل السياسي «بما يحفظ للفلسطينيين ثوابتهم في ظل المتغيرات الجديدة التي فرضت على المنطقة» وهو نقاش كان منذ فترة قريبة مستبعدا داخل حماس وبعض التيارات السياسية العربية التي اختزلت المقاومة في الأعمال المسلحة.
إن جانب من النقاشات داخل المستويات القيادية للحركة اعتبر أن السلاح المتمثل بالصواريخ والأنفاق وغيرها، «لا يمكن أن يبني وحده مستقبلا للحركة»، صحيح أنه شدد على كلمة وحدة أي أن حماس لم تستبعد العمل المسلح بالكامل كأحد الخيارات إلا أنها أقرت بأن الحرب أفقدتها الكثير من الحاضنة الشعبية والمجتمعية.
مبدأ قبول تنظيم مسلح وعنيف في المنظومة السياسية الداخلية والعالمية حدث بشروط في كثير من دول العالم ومنها دول أوروبية، وأهمها التخلي عن حمل السلاح والتحول لتنظيم سياسي لديه برنامج سلمي يلتزم بالقواعد والقوانين.
صحيح أن فلسطين ما زالت تحت الاحتلال بما يعني أن مبدأ المقاومة المدنية والمسلحة خياران مشروعان لأي بلد محتل، وبالتالي لو افترضنا صحة خيارات حماس المسلحة في ظل استمرار جرائم الاحتلال، فإن هذه الأداة يرفضها العالم ويختلف عليها العالم العربي، والأهم أنها وصلت لحدودها القصوى بعملية 7 أكتوبر، أي إنها ساهمت في إحياء القضية الفلسطينية، وفتحت باب مسار سياسي اكتشف الجميع بمن فيهم حماس أنها لن تكون بصيغتها الحالية قادرة أن تكون جزءا منه أو مؤثرة فيه.
ومن هنا فإن فكرة الحزب السياسي الذي تأخرت حماس في التفكير فيه مشكلتها أن معظم قادة الحركة الحاليين لن يكونوا مؤهلين لقيادة هذا الحزب السياسي، وبالتالي فإن هذا الحزب يجب أن يضم قادة جددًا متعاطفين مع الحركة أو جزءا من تجربة الكفاح الفلسطيني ويؤمنون بأن حل القضية يتطلب تقديم خطاب فلسطيني مدني يتفاعل مع العالم، وأن حماس ببنيتها العقائدية وبالتداعيات التي ترتبت على عملية 7 أكتوبر لن تكون قادرة على القيام بأي تفاعل أو تأثير عالمي، حتى لو حاولت.
إن الفرصة المطلوب أن تأخذها حماس يجب أن تتركز في السماح لها بتجديد نفسها والانتقال من التنظيم المسلح إلى السياسي وخروج من تبقى من قادتها العسكريين من المشهد والضغط على إسرائيل للتوقف عن عمليات القتل المتعمد للمدنيين ولعناصر الحركة على السواء، وكأن هناك رغبة إسرائيلية أن تبقى حماس منغلقة على خياراتها القديمة وتضطر إلى الرد المسلح لتستمر إسرائيل في جرائمها.
قرار إعلان الحزب قرار صائب، حتى لو تأخر.



