أقلام وأراء

حسن عصفور: حماس من خطف قطاع غزة الى فصله نتوءا

حسن عصفور 116-12-2022م: حماس من خطف قطاع غزة الى فصله نتوءا

صباح ذهاب حركة حماس لاستعراض خاص لها في قطاع غزة، في ذكرى انطلاقتها الـ 35، أعلن رئيس أركان جيش العدو القومي يائير كوخافي، ان الجبهة الجنوبية للكيان مع قطاع غزة، تشهد هدوءا كاملا، وكأنها رسالة مسبقة تقديرا من قادة جيش المحتل الى “سلوك” الحركة العسكري الآمن، ما بعد حرب مايو 2021.

رسالة جيش العدو، لم تقف كثيرا عند “بيانات اللغو” التي تصدر من قيادات حمساوية، حول الحالة القائمة، وتحديدا بعدما كشفت رئيس حكومة الكيان الخاسر في الانتخابات لابيد، عن صفقة تمت مع حركة حماس، بعدم القيام بأي فعل عسكري مقابل “امتيازات اقتصادية”، تطويرا لمعادلة نتنياهو السابقة، “امن مقابل مال”.

ولعل خطاب يحيى السنوار الحاكم العام لقطاع غزة في ذكرى انطلاقة حماس الـ 35، كشف بعضا من ملامح الصفقة، بطريقته الخاصة “غير المصنعة فذلكة” كما غيره من قيادات الحركة، عندما أشار الى قضية الأسرى كاشفا عن وجود مفاوضات تمت، لم يعلن عنها سابقا، توقفت ليس بسبب اختلافات رأي ومشكلة تفاوضية، بل بسبب انتخابات دولة الكيان، ما يشير الى أن الحركة الحاكمة في القطاع أبقت باب “التفاوض” مع إسرائيل مفتوحا، رغم انه لم يكشف مجمل جوانب تلك المفاوضات، وعلاقتها بمعادلة “امتيازات اقتصادية مقابل صمت عسكري”، المستمر منذ مايو 2021، والذي أختبر في حرب الكيان على غزة أغسطس 2022، بعد اغتيال القائد في الجهاد تيسير الجعبري.

مهرجان حماس وجه رسالة واضحة الى الشعب الفلسطيني، ان عملية الخطف التي حدثت في انقلاب يونيو 2007، دخلت في مرحلة الفصل الكياني، عبر عملية استعراض عسكري لا يتوافق أبدا مع “الادعاء” بوجود مخاطر أمنية اشتباكية مع عدو لا أمان له، سوى باتفاقات خاصة جدا، تسمح بتلك الحالة الاستعراضية، التي ترمي الى تعزيز النتوء الذي تبحث عنه، منذ انتخابات “زورت ديمقراطيا”، بعد يناير 2006، كرست واقعا مضللا وغير حقيقي في ميزان القوى شعبيا، فكان مقدمة لخطف القطاع تحت غلاف “الانتخابات”.

حركة حماس، بمهرجان الذكرى الـ 35، أقدمت على مصادرة الحياة العامة في القطاع لفرض ما تريد عرضا ومهرجانا، بإغلاق المؤسسات الحكومية وتعطيل الدراسة والحركة العامة، وطرق وبحر، وموضوعيا شلت الحياة من أجل ان تبرق لذوي الشأن، عن “قوة شعبية وهمية”، في حقيقتها، وقيادتها التي تدرك حقيقة الغضب الشعبي المخزون ضد سلوكها الانحرافي العام، وفساد لم يعد مجهولا.

رسالة المهرجان الحمساوي، موضوعيا قدمت رسالة “طمأنة” مضافة لدولة الاحتلال، انه لن يكون هناك أي مواجهة عسكرية في المدى المنظور، بل ان قيادتها تنتظر استئناف “العملية التفاوضية الخاصة” تحت غطاء “مفاوضات الأسرى، وتديرها بشكل انفصالي عن كل أطراف العمل الوطني، وبالقطع دون تنسيق وتواصل مع السلطة الفلسطينية، أو منظمة التحرير.

وما تقدمت به الحركة الإخوانجية عن التفاوض خارج نطاق “الشرعية الوطنية” و”الرسمية الفلسطينية، هي الرسالة السياسية الأهم، التي كانت في مهرجان الذكرى الحمساوية، لتؤكد بأنها باتت تتصرف بصفتها “سلطة كيانية مستقلة”، تتجاوب بشكل سريع مع التطورات التي حدثت في دولة الكيان بعد فوز “التحالف الفاشي الرباعي” بالانتخابات، والذهاب الى فصل المسؤولية المدنية – الأمنية بين الضفة والقدس عن قطاع غزة.

مهرجان حماس في ذكراها، وعملية “الحشد الإعلامي الوهمي” لتسويقها بأنه الأهم والأكبر ليس سوى رسالة محددة، ليس للشعب الفلسطيني الذي يعلم حقيقة الأمر، خاصة أهل قطاع غزة، بل هي رسالة “طمأنة سياسية” لحكومة الكيان القادمة، واستعداد مضاف لاستكمال مسارات عمليات تعزيز المشهد والانتقال الى مرحلة “الفصل الكياني” خلال سنوات، ما دام لا توجد قدرة معارضة على كسر شوكة البعد الانفصالي.

مهرجان حماس، رسائله لم يكن بها رسالة واحدة حقيقية للفلسطينيين، يمكن ان يقال أنها تقدم خطوة لكسر المشهد الظلامي الذي أنتجه “انقلابها الأسود” 14 يونيو 2007، بل ان خطاب الحاكم العام، قام بحركة تزوير تاريخ العلاقة، بالقول ” “نحن لم نختلف استراتيجيا يومًا مع حركة فتح عندما كانت ترفع خيار الكفاح المسلح، واختلفنا فقط عندما سلكت مشاريع التسوية والتنسيق الأمني”.

وحقيقة العلاقة منذ انطلاقة الحركة الإخوانجية كانت صراعا مع فتح وبديلا بمساعدة أطراف أخرى، وقادت هي بالتعاون مع “أصدقاء” أكبر عملية تخريب على إقامة السلطة الوطنية في عهد الخالد ياسر عرفات، وفجأة ما بعد اغتياله، ذهبت للتوافق مع الرئيس محمود عباس، وخاضت انتخابات “الحكم الذاتي” الذي كان منتجا لاتفاق أوسلو التسووي، كما تتهم، بل أنها قبلت ببقايا ذلك الاتفاق الشارونية، أي ان اختلافها ليس حول التسوية والثورة، بل على السلطة وكيفية ادارتها، فكان الانقلاب، والذي لا زالت متمسكا بما يسمى “تشريعي غزة” تأكيدا لإنشاء النتوء الكياني الخاص.

وعندما قال، “أن حركة حماس لا تقبل بأن يضع أحد على شعبنا شروطًا بالاعتراف بالقرارات الدولية التي لا تنصف شعبنا.”، خالف كل ما قالته قيادة حماس، ومنها إسماعيل هنية رئيس الحركة العام، والذي تحدث عن استعدادهم الاعتراف بالشرعية الدولية، بل دخول حماس انتخابات يناير 2006 كان جزءا من ذلك، وبعد تشكيل حكومة حماس الأولى أعلن هنية أن وزراء حكومته سينسقون مع “الطرف الآخر – إسرائيل”.

موضوعيا خطاب السنوار يوم 14 ديسمبر 2022، فتح الباب نحو تأسيس واقع جديد في قطاع غزة، بانتهاء مرحلة الخطف… والذهاب الى مرحلة بناء “النتوء الكياني”، يتجه لصياغة علاقته الثنائية الخاصة مع دولة الكيان وفق معادلات “المصلحة المتبادلة”.

ملاحظة: غادرنا أحد أبرز قيادات العمل الوطني الفلسطيني..من مؤسسي الثورة الفلسطينية المعاصرة، رئيس المجلس الوطني في أعقد ظروف واجهت منظمة التحرير منذ مجلس عمان 1984 وحتى 2022…سليم الزعنون “أبو الأديب” وطني بلا ادعاء ..فلسطيني بمظهر غير المعتاد..يختلف بلا ضجيج ..نموذج مختلف في كل شي..لا تملك سوى ان تحترمه الى حد الخجل لو اختلفت رأيا معه…سلاما أيها الإنسان..سلاما “أبو الأديب” اسما ولقبا وسمة…وداعا يا “سليم” النية والولاء لفلسطين.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى