أقلام وأراء

جيمس زغبي: الحزب «الديمقراطي» وحرب غزة

جيمس زغبي 26-8-2025: الحزب «الديمقراطي» وحرب غزة

رغم تراجع دعم «الديمقراطيين» لإسرائيل، لا يزال بعض قادة الحزب غير قادرين على مواجهة هذه الحقيقة.

فبينما تراجع الدعم للسياسات الإسرائيلية على مدى أكثر من عقد، أدى العدوان على غزة إلى تغيّر جذري في الرأي العام. ففي استطلاع حديث أجرته مؤسسة جالوب، قال 8% فقط من «الديمقراطيين» إنهم يوافقون على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وعندما طرح استطلاع آخر أجرته جامعة «كوينيبياك» سؤالاً عمّا إذا كان تعاطف الأميركيين أكبر مع الإسرائيليين أم الفلسطينيين، أجاب 12% فقط من الديمقراطيين بأنهم يتعاطفون مع إسرائيل، في حين قال 60% إن تعاطفهم أكبر مع الفلسطينيين. وفي استطلاع أجرته مجلة «ذي إيكونوميست» حول مواقف الناخبين تجاه قضايا مختلفة مرتبطة بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، جاءت النتائج بين «الديمقراطيين» ومؤيدي الحزب الديمقراطي مذهلة:

· عند سؤالهم عمّا إذا كان من حق إسرائيل مهاجمة غزة رداً على تهديد «حماس»، قال 13% فقط إنه كان مبرَّرا، بينما رأى 67% أنه لم يكن كذلك.

· بخصوص المساعدات العسكرية لإسرائيل، قال 61% من الناخبين «الديمقراطيين» أو الذين يميلون للتصويت لهم بأنهم يريدون إما خفض هذه المساعدات أو إلغاؤها، بينما قال 25% فقط إنهم يفضلون زيادة أو الحفاظ على المستوى الحالي للمساعدات العسكرية لإسرائيل.

· قال 72% إنهم يؤيدون الدعوة لإقامة دولة فلسطينية، بينما عارض ذلك 5% فقط.

و(تجدر الإشارة إلى أنه فيما يتعلق بكل الأسئلة الواردة أعلاه، عبّرت غالبية أو نسبة كبيرة من جميع المشاركين قطع المساعدات العسكرية لإسرائيل، وعارضوا أفعال إسرائيل في غزة، وأيدوا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إلخ.)

وقد انعكس هذا التحوّل في مواقف «الديمقراطيين» تجاه إسرائيل وسياساتها في تحرّكات الكونجرس. ففي الشهر الماضي، صوّت 27 من أصل 47 عضواً «ديمقراطياً» في مجلس الشيوخ الأميركي ضد إرسال معدات عسكرية أميركية إلى إسرائيل. كما يحظى مشروع قانون مصاحب في مجلس النواب يدعو إلى حجب الأسلحة الهجومية الأميركية عن إسرائيل برعاية 35 عضواً «ديمقراطياً». إضافةً إلى ذلك، أقرّ عدد من مؤتمرات الحزب «الديمقراطي» في الولايات قرارات مماثلة، وكذلك فعلت المنظمة الوطنية لشباب «الديمقراطيين» في أميركا.

وبالنظر إلى هذه التطورات، لم يكن مفاجئا أن يقوم عضو جديد في اللجنة الوطنية «الديمقراطية» بطرح «قرارغزة»، الذي يدعو الحزب الوطني إلى دعم وقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة، وتعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل، والدعوة إلى اعتراف أعضاء الكونجرس بفلسطين كدولة. ويختتم القرار بالدعوة إلى أن يؤكد الحزب: «التزامه بالقانون الدولي، وحقوق الإنسان لجميع الشعوب، والإسراع في إيصال الغذاء والدواء المنقذين للحياة إلى غزة، والسعي لتحقيق سلام عادل ودائم للجميع في المنطقة». وما لم يكن مفاجئاً أيضاً هو ردّ الفعل الصادر عن جماعات مؤيدة لإسرائيل وبعض قادة الحزب «الديمقراطي». فعلى سبيل المثال، أصدرت مجموعة تُطلق على نفسها «الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل» (DMFI)-التي قد تضطر إلى تغيير اسمها إلى «الأقلية الديمقراطية من أجل إسرائيل»-بياناً شديد اللهجة جاء فيه:

«نشعر بالقلق بشدة من طرح قرار خاطئ وغير مسؤول في اجتماع اللجنة الوطنية الديمقراطية، لأنه سيزيد الانقسام داخل حزبنا ولن يساعد في إنهاء حرب إسرائيل وحماس ولا في إنهاء المعاناة من كلا الجانبين».

وبما أن استطلاعات الرأي تُظهر أن الديمقراطيين، بنسبة 10 إلى 1 أو أكثر، يؤيدون المواقف التي يتبناها قرار غزة، فإن الادعاء بأن القرار«سيثير الانقسام» باطل تماماً، بل من الأدق القول إن إجهاض القرار هو ما سيؤدي إلى الانقسام. وعندما نتحدث عن زرع الانقسام، لا بدّ من الإشارة إلى أن مجموعة «الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل» DMFI نفسها تحالفت في آخر دورتين من الانتخابات مع لجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل، لإنفاق عشرات الملايين من الدولارات لإسقاط أعضاء «ديمقراطيين» في الكونجرس الذين اعتبرتهم غير داعمين بما يكفي لإسرائيل.

ومن المخيّب للآمال أن يسعى قادة الحزب، في محاولة منهم لإفشال قرار غزة، إلى طرح قرار خاص بهم كـ «بديل». وعلى الرغم من أن قرارهم البديل يركّز بشدّة على المساعدات الإنسانية، وكان من الممكن أن يُعتبر نصّه جزئياً إيجابياً قبل خمس سنوات، فإنه في ظلّ الدمار الهائل الذي ألحقته إسرائيل بمنازل الفلسطينيين ومستشفياتهم وجامعاتهم وأماكن عبادتهم وبنيتهم التحتية في غزة، لا يُعد هذا القرار «البديل» بديلاً حقيقياً، إذ إنه يتجاهل مسؤولية إسرائيل (وتورّط الولايات المتحدة) في الانتهاكات المستمرة، وهو في الوقت ذاته يتعارض مع مواقف الأغلبية الساحقة من الناخبين «الديمقراطيين».ولا يزال من غير الواضح كيف ستتطور الأمور عندما يجتمع الحزب الأسبوع المقبل لمناقشة القرارات والتصويت عليها. هناك جهود تُبذل للتقريب بين الطرفين. لكن شباب «الديمقراطيين» الداعمين لقرار غزة، وعلى الرغم من انفتاحهم على إدخال بعض التعديلات على نصّهم، مصمّمون على أن تتم مناقشة قضية غزة. وهم على حق في ذلك.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى