دراسات وتقارير خاصة بالمركزشؤون مكافحة الاٍرهاب

اللواء محمود الناطور يكتب – تنظيم القاعدة : استراتيجية جديدة وقوة متنامية – الحلقة الثانية

نظرة في المنهج والأهداف :

قبل ان نخوض في السيرة الذاتية لشيوخ وقيادات تنظيم القاعدة والتنظيمات التي تحالفت معه في إطار (الجبهة الاسلامية العالمية لمحاربة الصليبيين واليهود والامريكان) بقيادة الشيخ اسامه بن لادن ، لا بد من التطرق الى رؤيةتنظيم القاعدة والاسلوب الجهادي المتبع وكذلك مفهوم الجماعات السلفية الجهادية .

 والمعروف ان تنظيم القاعدة قد ظهر على الساحة الجهادية في مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا في مرحلة انهيار الاتحاد السوفييتي وانتقال العالم الى نظام القطبية الواحد بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، وقد ارتضى تنظيم القاعدة بزعامة الشيخ اسامه بن لادن ان يلتزم باستراتيجية جهادية تبلورت في (الحرب على امريكا) وتحفيز المسلمين في العالم للانضمام الى مسيرة الجهاد العالمي.

 وكان نشوء تنظيم القاعدة مرتبطا بمرحلة الجهاد الافغاني ، الا ان الخلافات التي استعرت بين التنظيمات الجهادية بعد الانتصار وانسحاب الجيوش السوفييتية من افغانستان ، فرضت على تنظيم القاعدة ضرورة التحالف مع قوى اسلامية سلفية جهادية ، وذلك حين ظهرت حركة طالبان لتقود الجهاد الافغاني وتحرير افغانستان، وتشكل التحالف بين الطرفين لتبدأ مرحلة جهادية كانت الطريق الى تحرير غالبية الاراضي الافغانية واقامة دولة الخلافة الاسلامية بزعامة الملا محمد عمر الذي بويع كخليفة اسلامي .

 ولا يخفى على المتابعين بأن اهداف تنظيم القاعدة قد اعيدت صياغتها بعد تحرير افغانستان وسيطرة حركة طالبان الحليفة للقاعدة ، ولعله من المفيد ان نستعرض اهداف القاعدة قبل وبعد سيطرة حركة طالبان وهي كما يلي :

1- المرحلة الاولى : وهي المرحلة التي سبقت انتصار المجاهدين وسيطرة حركة طالبان على الحكم ، وتمتد هذه المرحلة الى تاريخ الاعلان عن تشكيل (الجبهة الاسلامية العالمية لمحاربة الصليبيين واليهود والامريكان) وكانت الاهداف آنذاك تتبلور في دعم حركة طالبان لتمكينها من الانتصار والسيطرة ، اما في خارج افغانستان فاعتمدت على تشكيل خلايا جهادية ودعمها وتمويلها وتكليفها بمهمات عسكرية واستخبارية كما حدث في دول الخليج العربية بهدف الضغط عليها لعدم القبول بتواجد عسكري امريكي على الارض الاسلامية وخاصة في السعودية حيث الكعبة وقبر الرسول الاعظم والاماكن المقدسة .

2- المرحلة الثانية : وهي المرحلة التي اعقبت تكوين الجبهة الاسلامية العالمية لمحاربة الصليبيين واليهود والامريكان ، وتبلورت اهداف تلك المرحلة باعلان (الحرب الجهادية) على الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب واعطاء الاولوية (للعدو الاقرب) أي محاربة الدول العربية والاسلامية المتحالفة مع الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب ، وتلك التي وقعت اتفاقيات سلام مع اسرائيل.

 وشملت استراتيجية تنظيم القاعدة محاور اساسية هي :

1- محور المواجهة والاستنزاف العسكري والاقتصادي للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها من دول الغرب، وتوجيه ضربات موجعة عسكريا واقتصاديا لاجبار دول الغرب عن وقف تحالفاتها مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل.

2- كسب تعاطف الشعوب الاسلامية والكشف عن تحالفات الحكومات مع الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب واسرائيل ، وشن حملة اعلامية واسعة للرد على الاساءات الامريكية والغربية للاسلام والمسلمين والاشارة الى ان امريكا والغرب واسرائيل شركاء في حرب صليبية جديدة ضد الاسلام .

3- تكوين جيش عالمي متواجد في جميع الدول والقارات (73 دولة) وله تحالفات مع تنظيمات اسلامية وتحررية وقوى معارضة ومافيات السلاح وغيرها ومع اجهزة استخبارية دولية واقليمية معارضة للولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ، كما يضم الجيش الاسلامي العالمي لتنظيم القاعدة معسكرات تدريب له في العديد من الدول مثل باكستان وافغانستان وكشمير وماليزيا والصومال وموريتانيا والجزائر والفلبين وعشرات الدول الاخرى ، وطبقا لمصادر تنظيم القاعدة فان للتنظيم آلاف من الخلايا النائمة في الولايات المتحدة الامريكية ومعظم دول اوروبا ، وهناك ادعاء بأنه تم اختراق الداخل الاسرائيلي ، وان هناك جهود حديثة لتوسيع رقعة الجهاد العالمي وخاصة في القارة الافريقية .

واستراتيجية وأهداف القاعدة يتم تسويق العديد من المبررات لدعمها ولاستقطاب المؤيدين لها ، وقد حققت نجاحا اجبر الولايات المتحدة الامريكية على التحالف مع دول الغرب واسرائيل وبعض الدول الغربية لمواجهة خطر تنظيم القاعدة تحت مسمى (محاربة الارهاب) لكن ذلك لم يمنع من تسويق اهداف واستراتيجية القاعدة، وسوف نتوقف عند مبررين فقط لتسويق استراتيجية القاعدة للتدليل على ذلك وهما:

1- استثمرت القاعدة ثغرات الاستراتيجية الكونية للولايات المتحدة الامريكية وتحالفاتها مع الغرب واسرائيل تجاه العالم الاسلامي، حيث اتسمت الاستراتيجية الكونية الامريكية بالظلم والسعي للسيطرة والهيمنة واستخدام ارهاب الدولة (حروب الصدمة والترويع) ضد المسلمين في افغانستان والعراق وما تزال تستخدم ضد المسلمين في الباكستان سواء في وادي (سوات) او على الحدود مع افغانستان، وكذلك حروب (الردع الاسرائيلي) التي استخدمت ضد المسلمين في سوريا ولبنان وفلسطين وفي مصر قبل اتفاقيات كامب ديفيد ، وضد تونس والمفاعل النووي العراقي، وآخرها ولن يكون الاخير الحرب المجرمة والظالمة ضد قطاع غزة .
2- كما استخدمت الاستراتيجية الكونية الامريكية (تحديدا ادارة الرئيس الامريكي بوش) خطابين سياسي واعلامي مسيئين للرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم وللاسلام والمسلمين كما حدث في قصة الرسوم الكاريكاتورية التي صورت نبي الاسلام ورسول العالمين بأنه (ارهابي) ، وعلى هذا الاساس استثمرت القاعدة والتنظيمات السلفية والجهادية الاخرى ثغرات الاستراتيجية الكونية الامريكية لتحقيق الانتشار العالمي بين المسلمين ، وأعلنت تصديها لهذه الحملة الظالمة ضد الاسلام والمسلمين .

ان الشيخ اسامه بن لادن ومجموعة شيوخ الاسلام في (الجبهة الاسلامية العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين والامريكان) لهم رؤية مفادها .. ان هناك حرب صليبية ويهودية ضد الاسلام ، وقد عزز من مصداقية رؤية القاعدة بهذا الخصوص مطالبة اليمين الحاكم في اسرائيل بضرورة الاعتراف باسرائيل (دولة يهودية) مقابل السلام ، ويقولون بأن الولايات المتحدة الامريكية هي التي تقود هذه الحرب الظالمة ضد الاسلام والمسلمين .

وهي حرب اتخذت اشكالا متعددة من ارهاب الدولة العسكري على المسلمين كما في افغانستان والعراق ، وكما فعلت اسرائيل في لبنان وقطع غزة ، الى حروب اخرى باسم حماية حقوق الانسان كما في السودان والصومال ، حيث تم تشكيل المحكمة الجنائية الدولية لتكون وسيلة يمكن الاستفادة من الاحكام الصادرة عنها لاذلال الزعماء العرب ، وما تقوم به اسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (الايباك) والمنظمات الصهيونية العالمية من حملات للتحريض ضد السودان والادعاء بحروب ابادة جماعية في دارفور قد عزز من نجاح استرايتجية تنظيم القاعدة .

 ان استراتيجية تنظيم القاعدة التي اعتمدت منهج الجهاد كأسلوب لتحقيق الاهداف، هو ترجمة لرؤية دينية خلاصتها بأن الدين الاسلامي لن تقوم له قائمة الا بالجهاد ، وان الجهاد لن يقوم الا بالجماعة ، وان الجماعة لا تكون الا بالدعوة، وان الدعوة تعتمد على الثقة بالداعي ومبايعته على ذلك ، كما تلتزم القاعدة في استراتيجيتها على الاعتصام بالكتاب والسنة ، باعتبارهما من اهم مصادر الاعداد الايماني للجهاد كي لا تكون في الارض فتنة ، وكي يكون الدين كله لله (ويخالفهم في ذلك البعض) وان ما يمنع المسلمين عن الجهاد هو (العجز والحكام المتحالفين مع امريكا والغرب) ويرون ان العلاقة بين المسلم والكافر هي علاقة (قتال) ما لم يقبل الكافر بالسلم او يعقد هدنة ، وانه يجب البدء بقتال العدو الاقرب .

الجهاد في افغانستان

 كانت العمليات القتالية والجهادية في افغانستان عبارة عن (حرب بالوكالة) يخوض غمارها احزاب وتنظيمات وحركات وجبهات ،اما مدعومة من الاتحاد السوفييتي آنذاك او الولايات المتحدة الامريكية ، وبما ان الاتحاد السوفييتي كان يمثل الشيوعية ، فقد انحازت الاحزاب والتنظيمات والحركات الاسلامية الى جانب الولايات المتحدة الامريكية ، حيث تولت وكالة المخابرات المركزية الامريكية التنسيق مع المخابرات الباكستانية ومخابرات دول عربية من اجل توفير الدعم المالي وبالسلاح ومعسكرات التدريب للجماعات الاسلامية التي اعلنت الجهاد ضد الشيوعية الكافرة .

 وقد بدأ الجهاد للجماعات الاسلامية بدءا من شهر كانون الاول/ديسمبر لعام 1979 ، وقاد تلك الجماعات الجهادية علماء ورجال لهم ولاءات شعبية وقبلية امثال عبد رب الرسول سياف ، وقلب الدين حكمتيار وبرهان الدين رباني ، واحمد شاه مسعود الذين حملوا السلاح للاطاحة بالنظام الشيوعي الذي سيطر على الحكم في افغانستان اثر الانقلاب الذي اطاح بالرئيس محمد داوود خان في عام 1978 .

 وجاء بعده “نورتراقي” زعيم جناح “برشم الراية” في صفوف الحزب الشيوعي في حين كان ينافسه في الجناح الآخر (بابراك كارمل) زعيم جناح “خلق الجماهير” مما اثار صراعا مريرا على السلطة عام 1979 انتهى بسقوط “نورتراقي” وتسلم رئاسة الحكومة “حفيظ الله امين” من جناح خلق “الجماهير” لكن القوات الروسية قتلته يوم 27 كانون الاول/ديسمبر 1979 ونصبت بدلا منه “بابراك كارمل” .

 كان دور المجاهدين العرب في البداية متواضعا واقتصر على تقديم الدعم والمساعدات لملايين النازحين في المخيمات التي انتصبت على الحدود الباكستانية، وطبقا لاقوال بعض القادة العرب الذين شاركوا في البدايات ، فانه حتى عام 1984 لم يكن عدد المشاركين العرب في العمليات القتالية يزيد عن خمسة عشر مجاهدا التحقوا بالمجاهدين الافغان بعد صدور فتوى تعتبر الجهاد في افغانستان “فرض عين” ومن ابرز الموقعين على تلك الفتوى الشيخ الفلسطيني عبد الله عزام رحمه الله الذي يعتبر بحق الزعيم الروحي للمجاهدين العرب في افغانستان .

 وقد ولد الشيخ عبد الله عزام في قرية (سيلة الحارثية) قضاء جنين في الضفة الغربية من فلسطين عام 1941 ، وتلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي هناك ، ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق وحصل على الليسانس في الشريعة عام 1966 ، وبعد هزيمة حزيران 1967 انتقل الى الاردن ، ومنها الى مصر حيث درس في الازهر الشريف ، ثم سافر الى السعودية عام 1981 ، وعمل مدرسا في جامعة الملك عبد العزيز قبل ان ينتقل الى باكستان ليعمل معلما في الجامعة الاسلامية باسلام اباد ، وفي باكستان قام بتأسيس :مكتب خدمات المجاهدين” الا انه اغتيل مع ولديه محمد وابراهيم عام 1984 في عملية تفجير لم يعلن أي تنظيم مسؤوليته عنها .

 كان اول ظهور للشيخ اسامه بن لادن على مسرح الجهاد في افغانستان في نهاية عام 1984 حين ضم جهوده ودعمه المالي الى جانب الشيخ عبد الله عزام في “مكتب خدمات المجاهدين” وتولى الشيخان سويا انشاء “مضافة ابي عثمان” عام 1985 في بيشاور لاستقبال المجاهدين العرب ، ومعسكر “صدى” لتدريبهم في منطقة القبائل قرب الحدود الافغانية ، وفي عام 1986 برزت اولى البشائر لاستقلالية الشيخ اسامه بن لادن ، وتشكيل جماعات جهادية مقاتلة تابعة له وتأتمر بأمره، وذلك عندما باشر الشيخ اسامه بفتح معسكر خاص لمؤيديه في منطقة “جاجي” بولاية بكتيا القريبة من الحدود الافغانية الباكستانية.

 اثارت استقلالية الشيخ اسامه بن لادن ودعمه الخاص لمعسكر التدريب في منطقة “جاجي” حفيظة قادة الجهاد الافغاني ومنهم الشيخ عبد الله عزام والشيخ عبد رب الرسول سياف زعيم الاتحاد الاسلامي ، والشيخ قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الاسلامي ، الا انهم لم يعارضوه في العلن لا سيما بعد ان بدأ المجاهدون من معسكر جاجي عملياتهم العسكرية ضد القوات الروسية بقيادة اثنين من جماعة الجهاد الاسلامي المصرية هما محمد عاطف واسمه الحقيقي “صبحي ابو سنّة” وكان يعرف بلقب ابي حفص الكومندان ، والآخر علي امين الرشيدي الملقب “ابو عبيده البنشري” الذي غرق في بحيرة “فكتوريا” بين كينيا وتنزانيا عام 1996 .

 في تلك المرحلة كان المجاهدون العرب في افغانستان موزعون على فصائل الجهاد الافغانية ، وعلى وجه الخصوص مجاهدو الحزب الاسلامي بقيادة قلبالدين حكمتيار ، ومجاهدو الجمعية الاسلامية بقيادة برهان الدين رباني (دعم من الاخوان المسلمين) ، ومجاهدو الاتحاد الاسلامي بقيادة عبد رب الرسول سياف الذي يمثل تنظيم الاخوان المسلمين ، وكان مجاهدو الحزب الاسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار هم المسيطرون والاكثر قوة نظرا للدعم الذي كان يلقاه حكمتيار من المخابرات الباكستانية اضافة لكونه من قبائل البشتون اكبر القبائل في افغانستان .

 لعبت ولاءات المجاهدين العرب في افغانستان دورا مهما في العديد من النزاعات والانقسامات بينهم ، حيث دعم الشيخ عبد الله عزام القائد العسكري لمجاهدي الجمعية الاسلامية احمد شاه مسعود “طاجيكي” وقدم كل العون لزعيم الجمعية الشيخ برهان الدين رباني ، الامر الذي باعد بينه وبين الشيخ اسامه بن لادن الذي قاطع مكتب خدمات المجاهدين ، وأسس “بيت الانصار” منافسا له في بيشاور ، ومنذ ذلك الحين بدأ الصراع العقائدي بين الاخوان المسلمين والسلفية الجهادية بزعامة الشيخ اسامه بن لادن تظهر الى العلن.

 وهنا نكشف عن حقيقة تاريخية وهي ان الشيخ اسامه بن لادن لم يكن اول امير لتنظيم القاعدة الذي تأسس اواخر عام 1988 ، انما كان الامير الاول هو “ابو ايوب الكردي” العراقي الجنسية ومن قيادات تنظيم “انصار الاسلام” في كردستان العراق آنذاك ، وقد اغتيل المجاهد ابو ايوب الكردي في منطقة القبائل الباكستانية عام 1989 بعد توليه امارة تنظيم القاعدة باشهر قليلة .

 لقد تأسست قيادة تنظيم القاعدة في اواخر عام 1987 بعدما تعرف الشيخ اسامه بن لادن الى الدكتور ايمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد الاسلامي المصري الذي كان يعمل آنذاك طبيبا في مستشفى الهلال الاحمر الكويتي في افغانستان ، واتفق الاثنان على توحيد الجهاد والصف ، وقد بايع الدكتور الظواهري الشيخ اسامه بن لادن ، وتشكلت القيادة التي ضمت الشيخ ابو ايوب العراقي اول امير لتنظيم القاعد ، وهو صاحب الفكرة للتسمية ، والشيخ علي امين الرشيدي(ابو عبيدة البنشري) والشيخ صبحي ابو سنّة (محمد عاطف) والدكتور سيد امام عبد العزيز امام الشريف (الدكتور فضل) والذي كان معروفا آنذاك بلقب (ابو ابراهيم الكبير) والشيخ ابو مصعب السوري (الشيخ مصطفى الست مريم نصار) والشيخ ابو حفص المصري ، الشيخ سيف العدل المعروف باسم (ابراهيم المدني) والشيخ عبد العزيز الجمل المعروف بلقب ابو خالد المصري، وكانت غالبية القيادات من المجاهدين المصريين سواء من تنظيم الجهاد الاسلامي المصري او الجماعة الاسلامية المصرية .

ويرجع اهتمام الشيخ اسامه بن لادن بالمجاهدين المصريين الى كون الحركة السلفية الجهادية نشأت في مصر عام 1926 على يد الشيخ السلفي محمد حامد الفقي الذي أسس الجماعة بمدينة القاهرة تحت اسم (جماعة انصار السنة المحمدية) وكانت تمول من جمعيات وشخصيات سعودية وقد تربى في حضن هذه الجماعة قادة جهاديون امثال الدكتور ايمن الظواهري ، وعصام القمري ، ومحمد الشرقاوي ، ونبيل البرعي وغيرهم ، ثم انتقل الفكر السلفي الجهادي من مصر الى السعودية حيث انصار حركة جهيمان الذين حاولوا السيطرة على الحرم المكي، والى اليمن حيث اتباع الشيخ مقبل الوداعي .

 والى حين تشكيل تنظيم القاعدة كانت علاقة الشيخ اسامه بن لادن مع المخابرات السعودية ورئيسها الامير تركي الفيصل ، وأبرز قياداتها احمد باديب جيدة للغاية ، كما كانت علاقاته مع المخابرات الباكستانية برئاسة اخطار عبد الرحمن ومع المخابرات المركزية الامريكية توصف بالرضا ، ففي ذلك الحين كانت المخابرات المركزية الامريكية والمخابرات السعودية والباكستانية والرئيس ضياء الحق ترتبط باتفاق لدعم المجاهدين الاسلاميين ضد الشيوعيين ، كما ان رئيس المخابرات السعودية آنذاك الامير تركي الفيصل ورئيس الاستخبارات الباكستانية الجنرال اخطار عبد الرحمن كانا يؤمنان بعمق بأهمية وجود تنظيم الاخوان المسلمين في قيادة الجهاد الافغاني ، وقد أيدهما في هذا الرأي فيما بعد مدير المخابرات المركزية الامريكية وليام كيسي الذي كان يقول بأن الاسلام السياسي والكنيسة الكاثوليكية حليفان طبيعيان في الاستراتيجية المشتركة في التصدي للشيوعية .

 كما كان والد الشيخ اسامه بن لادن (محمد بن لادن) على علاقة وثيقة مع الملك فيصل الذي عينه وزيرا للاشغال العامة، وعلى علاقة افضل مع رئيس الاستخبارات السعودية الامير تركي الفيصل وشريكا له في التجارة ، ووالد الشيخ اسامه بن لادن هو مؤسس مجموعة بن لادن السعودية (SBG) عام 1931 التي وظفت نصف اعمالها في الانشاءات والمقاولات العامة والنصف الآخر في الهندسة والعقارات والتوزيع والاتصالات والنشر .

وقد أسست شركة التوظيفات السويسرية (سيكو) تحت اسم الشركة السعودية للاستثمارات التي انشأت بدورها مجموعات شركات بالاشتراك مع البنك التجاري السعودي ، كما تمتلك مجموعة بن لادن اسهما مهمة للغاية في شركة جنرال اليكتريك الامريكية لصناعة السيارات ، وشركة نورتل نت وورك الامريكية العالمية ، وشركة كادبوري شويبس التي كان يمثلها داخل الولايات المتحدة في النشاطات الصناعية الملياردير السعودي عدنان خاشقجي ، وجميع ارصدتها المالية تديرها شركة (كارليل روب) التي يرأس مجلس ادارتها نائب الرئيس الامريكي السابق ديك تشيني ، وهي المصنعة للمشروب الغازي العالمي (سفن آب) .

 ويضاف الى ذلك عدة مشاريع تجارية عالمية ونفطية يشارك فيها الرئيس بوش ووزيرة خارجيته السابقة كونداليزا رايس وكبار المسؤولين الأمريكانوالبريطانيين ، وكانت مجموعة بن لادن هي المنفذ البارز للمشاريع السعودية الكبرى ، وبعد وفاة محمد بن لادن في حادث طائرة تسلم ولده سالم ادارة المجموعة ، كان الاخير لقي حتفه بسقوط طائرته في مدينة تكساس الامريكية عام 1988 ، وبعدما تم تجريد الشيخ اسامه بن لادن من جنسيته السعودية حصل على حقه من الارث ويبلغ (300 مليون دولار) حيث اقام العديد من مشاريع التنمية والاعمار في السودان وافغانستان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى