اسرائيل اليوم – علاقات المانيا واسرائيل ، اسباب عديدة للقلق ..!

اسرائيل اليوم – بقلم الداد باك – 23/9/2021
” لقد أهملت اسرائيل على مدى السنين العلاقات مع الجمهور الالماني، انطلاقا من فرضية عمل كسولة وعديمة الاقلاع تعاطت مع المانيا كحليف مسلم به، بسبب التاريخ “.
المانيا، التي شكلت مرساة استقرار في الاتحاد الاوروبي، تغرق في فوضى سياسية. السبب لذلك: مثلما في دول غربية عديدة اخرى، بما فيها اسرائيل ايضا، الانتخابات لا تنتج اغلبية تسمح لمعسكر سياسي معين – يمين أو يسار – ان يحكم. في المانيا لا تحتمل اغلبية يمينية طالما على الاقل واحد من كل عشرة المان يصوت لحزب اليمين الشعبوي “بديل لالمانيا” – وهذا يقاطعه باقي احزاب اليمين بسبب مزاياه المتطرفة. كما أن اغلبية يسارية واضحة ومتماسكة ليست مضمونة، وذلك ضمن امور اخرى بسبب الخلافات الفكرية بين عناصر المعسكر، مثلما في موضوع العضوية في حلف الناتو والمشاركة العسكرية الالمانية في القوات الدولية في ارجاء العالم.
ان غياب اغلبية لهذا الطرف السياسي او غيره يستوجب اقامة ائتلافات وسطى تعنى اساسا في ادارة الازمات بدلا من وضع سياسة واضحة تسير بالمانيا الى الامام. المانيا عالقة ستؤثر على الاتحاد الاوروبي كله، الذي على اي حال يعاني من امراض عضال قاسية. 16 سنة ادارة ازمات بقيادة انجيلا ميركيل اظهرت جيدا كم هي المانيا واوروبا بحاجة الى رؤيا مستقبلية. ولكن هذه لا تبدو في الافق.
ظاهرا، الضعف الداخلي لالمانيا واوروبا هو انباء طيبة لاسرائيل: بدلا من النبش الذي لا ينقطع في الشؤون الداخلية لاسرائيل، ومحاولة فرض تسويات سياسية عليها تشكل تهديدا وجوديا كحل الدولتين، يواصل الالمان والاوروبيون الانشغال الى ما فوق الرأس بمشاكلهم الخاصة – الا اذا طلبت منهم حكومة اسرائيل الحالية العودة لدس اياديهم في هدم مستقبل دولة اليهود. الى جانب ذلك على اسرائيل أيضا ان تكون قلقة جدا من الانجراف السلبي المتواصل في علاقاتها مع المانيا. المرشحون الثلاثة لمنصب المستشار – المحافظ آرمن بلاشت، الاشتراكي الديمقراطي اولاف شولتس و “الخضراء” انالنا بربوك –يمكنهم بالتأكيد ان يعتبروا كاصدقاء لاسرائيل، ولكن موقفهم هذا لا يعكس موقف الاغلبية في احزابهم وفي اوساط الجمهور الالماني.
لقد أهملت اسرائيل على مدى السنين العلاقات مع الجمهور الالماني، انطلاقا من فرضية عمل كسولة وعديمة الاقلاع تعاطت مع المانيا كحليف مسلم به، بسبب التاريخ. فضلا عن ذلك فقد اهملت علاقات اسرائيل – المانيا مع السنين كاحتكار في ايدي محافل يسارية – اسرائيلية، بعضها مناهضة للصهيونية تماما. اذا ما وقع بعد الانتخابات القريبة القادمة سيناريو تشكل حكومة يسار “على المليء” مع اليسار المتطرف، فان النشاط الالماني المناهض لاسرائيل سيتلقى تحفيزا كبيرا – حتى لو كانت حكومة المانية كهذه منشغلة جدا في شؤون الاقتصاد، المجتمع والداخلية.
ان الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يغازل مصوتين مسلمين وعرب، يدفع الى الامام “بالمان فلسطينيين” الى مواقع عليا وفي الماضي كانوا اعضاء فيه ينشطون في تجميد صفقات السلاح بين المانيا واسرائيل. تيارات في حزب اليسار المتطرف “دي لينكا” تشارك في مبادرات المقاطعة على اسرائيل. وفي اوساط “الخضر” ايضا كان من سدوا انوفهم في ضوء قرار البوندستاغ تعريف حركة الـ BDSكـلاسامية ومنع المساعدة الجماهيرية لنشاطاتها.
اليسار الإسلامي – في الاكاديميا، في الاعلام، في الفن وفي السياسة، بالتعاون مع اليسار الإسرائيلي – يقاتل ضد تعريف اللاسامية الدولية بسبب موقفها من مناهضة الصهيونية كلاسامية. وحتى لو شجعت حكومة ميركيل غير قليل من المبادرات لتعزيز العلاقة بين المانيا وإسرائيل فانها لم تعمل بالتصميم اللازم لمنع تحول المانيا الى احدى بؤر النشاط المناهض لإسرائيل الأولى في اوروبا. وهكذا منع وقف الانجراف السلبي ونشأت بنية تحتية لتسريعه في السنوات القادمة. عندما يأتي رئيس المانيا لزيارة إسرائيل بينما في حاشيته إسرائيلي مؤيد لمقاطعة إسرائيل ورافض طابعها اليهودي، واحد لا ينتقد ذلك يمكن للالمان ان يذيبوا بالسرعة التي تروق لهم خصوصية العلاقة مع إسرائيل وما تبقى من التزام تاريخي نحوها.