إسرائيل اليوم: من (غير) رؤية إلى حقيقة: دولتان لشعبين

إسرائيل اليوم 11/10/2022، بقلم: افرايم عنبر
أصداء خطاب رئيس الوزراء يئير لبيد في الأمم المتحدة، الذي أعلن فيه عن رؤيته السياسية في شكل دولتين للشعبين، لا تزال تسمع. لكن يبدو أن الحديث يدور عن خطأ لتأسيس سياسة على فكرة تتجاهل الواقع على الأرض.
لشدة الأسف، النتيجة مستقرة وفقاً لفكرة الدولتين، ومن غير المتوقع أن تكون في المستقبل القريب، لسببين: الحركتان القوميتان، الفلسطينية والصهيونية، ليستا قريبتين من حل وسط تاريخي، والفلسطينيون أثبتوا، حالياً، بأن ليس بوسعهم بناء دولة.
الخلافات في المسائل الجوهرية – القدس، اللاجئين، الحدود – غير قابلة للجسر حتى الآن. ومواقف إسرائيل تصلبت أكثر بعد نشوب الانتفاضة الثانية، في ظل الإرهاب الفلسطيني المتتالي، وبعد أن أصبحت غزة قاعدة لإطلاق آلاف الصواريخ نحو إسرائيل في 2007.
في هذا المفترق التاريخي، بات المجتمع الفلسطيني غير قادر على الوصول إلى حل وسط مع الحركة الصهيونية. تظهر استطلاعات أخيرة (آذار 2022) أن ثلثي الفلسطينيين يعتقدون أن إسرائيل دولة أبرتهايد، و73 في المئة يؤمنون بأن القرآن يتضمن نبوءة اختفاء دولة إسرائيل. جهاز التعليم الفلسطيني والإعلام الرسمي يحرضان على كراهية اليهود، ونموذج القدوة للشباب في جهاز التعليم الفلسطيني هو الشهيد الذي يفجر نفسه بين اليهود.
تم رفض أي عرض إسرائيلي سخي لحل وسط طرح على الطاولة مثل ذاك الذي عرضه باراك في العام 2000 أو عرض أولمرت في 2007. وحتى أبو مازن “المعتدل” يرفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ويبدو أن الهجمات المتواصلة على إسرائيل من غزة التي تحت سيطرة حماس، تشهد على أن “نهاية الاحتلال” و”إخلاء المستوطنات” ليسا شرطين كافيين لوضع حد للنزاع.
أخيراً، لا تزال للمجتمعين طاقة لمواصلة القتال، خصوصاً لتحمل الألم اللازم لتحقيق أهدافهما السياسية. في أحيان قريبة، يؤدي التعب الاجتماعي إلى نهاية نزاع إثني متواصل لا لفرصة لحل وسط. إذا كان الألم هو العامل الأكثر تأثيراً على مستوى تعلم المجتمعات، يبدو أن الإسرائيليين والفلسطينيين لم يعانوا بما يكفي كي يتوصلوا إلى حل وسط.
فضلاً عن ذلك، فإن الفرضية القائلة بأن الحركة الوطنية ستحقق هذا الهدف في ظل فرصة لبناء دولة، هي فرضية منقطعة عن الواقع السياسي الحالي. فالفشل الأساس للسلطة الفلسطينية يكمن في المجال الأهم لبناء الدولة: احتكار استخدام القوة. فقدت السلطة الفلسطينية السيطرة في غزة لحماس، وتواجه مصاعب متواصلة في نزع سلاح الميليشيات في المناطق التي تحت سيطرتها الرسمية. وحتى حماس لم تنجح في تحقيق احتكار لاستخدام القوة في غزة. أن يبني الفلسطينيون دولة حديثة في المستقبل القريب، ولو بمساعدة غربية، هي توقعات ساذجة. العراق، لبنان، ليبيا، الصومال، واليمن، كلها نماذج لكيانات سياسية تتصدى لمشكلة إقامة مرجعية مركزية ذات احتكار على استخدام القوة.
لأسفنا، لا حل فورياً لكل نزاع طويل. مع غياب اتفاق للمفاوضات، تبدو الاستراتيجية الصحيحة تقليص كلفة النزاع المسلح والحفاظ على حرية المناورة السياسية. هذا الهدف الاستراتيجي كسب الوقت أيضاً، على أن يجلب المستقبل بدائل أفضل. غياب هدف واضح لا يبعث على الإلهام، لكنه كفيل بأن يكون الطريق للتصدي لوضع مركب.



