إسرائيل اليوم: لا تنجروا الى حرب استنزاف في لبنان

إسرائيل اليوم 27/10/2024، ايال زيسر: لا تنجروا الى حرب استنزاف في لبنان
في أثناء الشهر الأخير أحدثت إسرائيل انفجارا استراتيجيا كفيل بان يؤدي الى إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط. فمحاولة ايران احاطة إسرائيل بطوق خانق من النار والصواريخ من الشمال، من الشرق ومن الجنوب انهارت بضجيج عظيم سمعت اصداؤه في كل عواصم المنطقة وكذا في طهران.
ولئن كانت رمزية هي الخطوة الإسرائيلية للقضاء على حزب الله في لبنان بدأت بتصفية حسن نصرالله، فان الحملة لهزيمة حماس في قطاع غزة تنتهي مع تصفية يحيى السنوار. لقد كان هذان هما الرمز لفكرة الصراع ضد إسرائيل بل وجعلا منظمتي الإرهاب التي ترأساهما جيشا بكل معنى الكلمة، بوسعه، كما اعتقدا ان يهزم إسرائيل ويقوضها.
حماس كفت عن الوجود منذ الان كجيش نظامي، وكل ما تبقى منها هم مخربون افراد او خلايا إرهاب تحاول ضرب قواتنا. لكنها لا تشكل تهديدا على إسرائيل كما كان جيش حماس عشية 7 أكتوبر. اما حزب الله فهو منظمة في ازمة كل قيادته صفيت، وقسم هام من ترسانة صواريخه دمر ومن تبقى من قادته ونشطائه يوجدون في حالة فرار للنجاة بحياتهم او يخوضون معركة انسحاب امام قوات الجيش الإسرائيلي التي تناور في جنوب لبنان.
صحيح أن نجاحات إسرائيل هذه كانت مسألة حظ، او حتى صدفة – السنوار انكشف وصفي بالصدفة على ايدي قوة من الجيش الإسرائيلي عملت قرب مكان اختبائه، فيما أننا في لبنان تدحرجنا من نجاح الى نجاح، دون أن يكون احد ما خطط مسبقا سلسلة الضربات التي تلقاها حزب الله وادت الى انهياره المفاجيء. لكن مع النجاح والنصر لا احد يجادل، فما بالك ان لهما جذورا عميقة – تفوق استخباري وعملياتي، عظمة القوة لدى القوات البرية وسلاح الجو وكذا حصانة المجتمع الإسرائيلي.
لكن بعد كل هذا مطلوب كلمة تحذير. حرب لبنان الثانية أيضا، في حزيران 2006، بدأت بنجاح عسكري: بهجوم جوي امتد 34 دقيقة في الليلة الأولى من الحرب، دمر سلاح الجو جزءاً كبيرا من منظومة الصواريخ بعيدة المدى لحزب الله (صواريخ فجر). ولهذا فقد حظيت هذه الليلة باسم “ليل الفجر” – بخلاف، بالمناسبة مع البيجر، التي تفجرها في ارجاء لبنان شكل خطوة أولى في سلسلة الضربات التي تلقاها حزب الله في الحرب الحالية. غير أنه عندها كانت بانتظارنا مفاجأة، وتبين ان حزب الله يواصل اطلاق مئات الصواريخ كل يوم الى شمال البلاد على اطراف حيفا، دون أن تتمكن إسرائيل من وقف النار. اضطررنا لانهاء الحرب في نوع من “التعادل الحامض”. والاكتفاء بقرار 1701، قرار مليء بالثقوب كان واضحا مسبقا ان حزب الله لا يعتزم الالتزام به.
الان من واجب إسرائيل أن تتأكد من أن قصة حرب لبنان الثانية لن تتكرر في حرب لبنان الثالثة.
صحيح أن حزب الله ضُرب والتهديد الاستراتيجي الذي شكله لإسرائيل ازيل، لكنه يواصل اطلاق مئات الصوارخ والمُسيرات الفتاكة كل يوم نحو شمالي البلاد بل ووسطها، ويصطدم بقوات الجيش الإسرائيلي المناورة على طول خط الحدود. هذا، بهدف استنزاف إسرائيل على أمل أن تتراجع أولا، مثلما فعلت في صيف 2006.
وفي هذه الاثناء، يعلن حزب الله عن استعداده لوقف نار يسمح له بترميم قوته، لكن من الصعب الافتراض بانه سيرفع علما ابيض ويوافق على تقييد تسلحه وانتشار قواته جنوبي الليطاني. وعليه من المهم أن نفهم بان المعركة في لبنان لا تزال امامنا وان عمليات الجيش الإسرائيلي الحالية في الجو وفي البحر ليس فيها ما يكفي لانهائها بشروط تكون مقبولة على إسرائيل. وعليه فيجب التشديد بشكل كبير الضغط على حزب الله وعلى الدولة اللبنانية أيضا بحيث يثور في لبنان التخوف من أن حرب استنزاف طويلة ستعمل في طالحهم، وكفيلة بان تنتهي بان يتحول لبنان كله – وبالتأكيد جنوب الدولة – الى غزة ثانية.
والمهم بقدر لا يقل هو ان نحاول بالتوازي ترجمة الإنجازات العسكرية الى إنجازات سياسية مع شركائنا في العالم العربي وباقي دول العالم كي نُرسم معا من جديد خريطة الشرق الأوسط. والا، فسنجد انفسنا نواصل المراوحة في غزة وفي لبنان لسنوات طويلة أخرى.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook