إسرائيل اليوم: قريبون من حرب أهلية جديدة في سوريا
إسرائيل اليوم – د. يهودا بلنجا – 17/7/2025 قريبون من حرب أهلية جديدة في سوريا
تعلمنا الاحداث الدموية في سوريا كم نحن بعيدون عن التطبيع بين القدس ودمشق، والذي جرى الحديث عنه كثيرا في الأسابيع الأخيرة، وكم نحن قريبون اكثر من نشوب حرب أهلية جديدة في سوريا.
منذ 2011 مع نشوب “الربيع العربي” في سوريا، وقف أبناء الطائفة الدزية امام تحديات وجودية خطيرة، وبخاصة امام التهديد المحدق من منظمات جهادية سُنية وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة – فرع القاعدة و “الدولة الإسلامية” في سوريا. هذه المنظمات التي رأت في الدروز كفرة، لم تكتفي بالقتال ضد نظام الأسد، بل سعت “لتطهير” المناطق التي تحت سيطرة جماعات من الأقليات الدينية.
الدروز، الذين يشكلون 3 – 5 في المئة من سكان سوريا (نحو 700 الف نسمة)، يسكنون في معظمهم في منطقة جبل الدروز، في محافظة السويداء في جنوب الدولة. هذه منطقة عانت على مدى 14 سنة من الحرب الاهلية، بل وقبل ذلك، من غياب الحوكمة. وبالتالي، مع نشوب العنف في سوريا، شكلت هذه المحافظة بالنسبة لمنظمات الجهاد نقطة ضعف نظام الأسد وهدف لهجمات الإرهاب والاحتلال. في الأعوام 2013 – 2018 تعزز وجود قوات جهادية في جنوب سوريا، واحيانا أيضا في مناطق قريبة جدا من التجمعات السكانية الدرزية بل ومن الحدود الإسرائيلية.
في حزيران 2015 هددت منظمة جبهة النصرة، بقيادة أبو محمد الجولاني احتلال قرية الحضر، في هضبة الجولان (في الجانب السوري). وفقط صمود السكان الدروز، بمساعدة ميليشيات موالية لنظام الأسد، منعوا مقاتلي الجهاد من التقدم نحو القرية.
مخاطر تذهب وتعود
بعد سنتين من ذلك في تشرين الثاني 2017 وقف السكان الدروز مرة أخرى امام خطر. باستثناء ان هذه المرة بعد سلسلة من الهجمات، ذروتها انفجار سياسة مفخخة جبى 9 ضحايا، استيقظ احتجاج حاد في إسرائيل أيضا. التوتر والتحفز في أوساط الدروز من سكان إسرائيل كانا كبيرين جدا بحيث أن الناطق العسكري العميد رونين مليس نشر بيانا يقول فيه ان “الجيش الإسرائيلي جاهز ومستعد لمساعدة سكان القرية ومنع الأذى او الاحتلال لقرية الحضر انطلاقا من الالتزام تجاه السكان الدروز”.
لكن حتى هذا التحذير لم يصمد لزمن طويل لانه في تموز 2018 نفذ داعش سلسلة مركبة من العمليات في السويداء والقرى المجاورة لها. اكثر من 250 شخصا قتلوا، معظمهم مواطنون دروز، وعشرات النساء والأطفال اختطفوا. “نحن مستعدون لكل عمل، سواء بالمال ام غير ذلك”، قال في حينه رئيس مجلس دالية الكرمل رفيق حلبي. فيما قال موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل صارخا بان العمليات التي نفذها داعش هي مذبحة على خلفية عرقية”.
ان هجمة الابتسامات لاحمد الشرع تجاه العالم ومحاولاته لبث الاستقرار تتعرض الان لضربة شديدة. عمليا، المعارك بين الجهاديين في سوريا وبين الدروز تضعنا على ارض الواقع. ما يتبين هو أن النظام السوري الجديد لا يسيطر في الدولة ولا ينجح في التصدي لمنظمات وميليشيات اسلامية مسلحة، الدين هو دافعها للعمل وليس التفكير بالشرعية الدولية او بالعلاقات مع الغرب وإسرائيل.
ومثلما حصل في اذار الماضي حين ذبحت منظمات الجهاد المتفرعة عن نظام الشرع العلويين، ومثلما حصل في نهاية حزيران قتل 20 مسيحيا في اعقاب عملية المخرب الانتحاري في كنيسة مار الياس في دمشق، هكذا يأتي الان “دور” الدروز.
سوريا الشرع هي دولة تعيش في فوضى إذ ان عددا كبيرا من الجهات داخلية (منظمات الإسلام المتطرف) وخارجية (دول كتركيا، قطر والسعودية)، تشارك فيها. وعليه فبغياب يد موجهة معقول الافتراض، وباحتمالات عالية انها ستغرق في حرب أهلية أخرى.
واذا كان كذلك، فالاستنتاجات بالنسبة لإسرائيل هي ان علينا أن نستعد ليس فقط تكتيكيا، أي إعطاء جواب موضعي لتهديدات الإرهاب وللهجمات العفوية على الدروز في سوريا، بل استراتيجيا – واقع من انعدام النظام والانزلاق الى مواجهة سورية داخلية متجددة (باستثناء ان هذه المرة بدون عنوان مركزي واحد في صورة الأسد). كل هذا في ظل اتخاذ جانب الحذر من التدهور الى مواجهات مع حليفة الشرع، تركيا، او حرب استنزاف ضد المنظمات الإسلامية المتطرفة في سوريا. الواقع هو أنه في صالح هذا الاستعداد يجب الوصول الى تفاهمات مع اكبر عدد ممكن من اللاعبين في الساحة الدولية، وبخاصة الولايات المتحدة التي منذ زمن غير بعيد تبنت الشرع في حضنها.



