ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: السياسة تجاه غزة انهارت والحرب عالقة

إسرائيل اليوم – أرئيل كهانا – 29/7/2025 السياسة تجاه غزة انهارتوالحرب عالقة

في الأيام الأخيرة نشهد انهيار السياسة الإسرائيلية تجاه غزة، لدرجة طريق مسدود في ثلاثة جوانب: مسألة المخطوفين، الجبهة العسكرية وتوريد الغذاء الى غزة. 

بالنسبة للمخطوفين، في قيادتنا – من رئيس الوزراء نازلا – الكل كان مقتنع بان الصفقة توجد في متناول اليد. صحيح حتى الان هذا لا يوشك على أن يحصل، او مثلما لخص هذا الرئيس ترامب أمس: “حماس لن تحرر العشرين مخطوفا المتبقين. هم يستخدمونهم كدرع”. 

الجبهة العسكرية تجاه غزة عالقة هي الأخرى. صحيح ان قواتنا تواصل ضرب البنى التحتية للارهاب التي لا تنتهي لحماس من فوق ومن تحت الأرض، لكن لم يدخل الجيش بعد الى الـ 25 في المئة من أراضي غزة التي لا تزال حماس تحكمها، بحيث اننا عمليا نقتل البعوض لكننا لا نجفف المستنقع. 

انهيار آخر في السياسة وقع بالنسبة للتموين، الذي يسمى خطأ “مساعدات إنسانية”. فقد كانت الخطة الاصلية هي التحويل الى الصندوق الأمريكي الإسرائيلي GHF كل توزيع الغذاء في غزة ومن خلاله أيضا الفرز بين الإرهابيين وغير المشاركين – لكن الجيش الإسرائيلي لم يرغب في القيام بهذا الفرز.

الى جانب ذلك، فان حملة الأكاذيب شديدة القوة وكأنه يوجد جوع في غزة اجبر نتنياهو على أن يأمر سلاح الجو بان ينزل بنفسه المؤن من الجو الى المناطق التي تسيطر فيها حماس. كما تمت زيادة دراماتيكية لكمية الشاحنات التي تدخل مباشرة الى غزة، في تضارب تصريح مع سياسة الاغلاق التي قررها الكابنت قبل بضعة اشهر. هذا ما يسمى انهيار السياسة. فضلا عن ذلك، فان تلك الشاحنات التي طالبت بها حماس الأسبوع الماضي في اطار صفقة، تحصل عليها الان بالمجال بدون مخطوفين وبدون إعطاء أي مقابل. هذا العنصر بحد ذاته غير معقول، ومع ذلك المشاكل لا تنتهي هنا – فالمشكلة العويصة الأكبر هي ان أحدا في القيادة الإسرائيلية لا يعرف كيف الخروج من المتاهة التي ترتبط عناصرها جيدا الواحد بالاخر. هكذا يفهم من الحديث مع المحافل العسكرية والسياسية على حد سواء.

نتنياهو: “توجد حملة إعلامية”

يدعي الجيش الإسرائيلي بان الدخول الى تلك الـ 25 في المئة التي لا يزال لا يسيطر فيها في غزة ستعرض للخطر سلامة المخطوفين الاحياء، لكن ليس مؤكدا على الاطلاق بان هذا الادعاء صحيح. 

هكذا مثلا غير قليل من المخطوفين شهدوا بان جنازير الدبابات مرت من فوق رؤوسهم ومع ذلك لم يحرص آسروهم الا على أن يبقوا سليمين ومعافين. مخطوف واحد روى حتى انه أُخبيء تحت مدرج بيت تواجد فيه جنود الجيش الإسرائيلي بضعة أيام. وكانوا ادخلوه الى هناك واخرجوه بسلام. وشكرا للرب هو اليوم معنا سليما ومعافى. 

ولا يزال، في جلسة الكابنت العاصفة التي بحثت فيها المعاضل، طلب رئيس الأركان زمير تلقي تعليمات صريحة من المستوى السياسي بالدخول الى تلك الـ 25 في المئة الحساسة. سموتريتش قال معقبا ان الحكومة لم تأمر الجيش ابدا بالامتناع عن العمل في هذه المناطق، وان هذه هي سياسة قررها الجيش لنفسه. غضب زمير واتهم وزير المالية بانه “يعرض المخطوفين للخطر”. اما وزير المالية، الذي كان عصبيا بقدر لا يقل فلم يصمت: “وانت تمنع النصر”. 

نتنياهو، في كل حال، لا يريد أن يصدر لزمير امرا صريحا بالدخول الى هذه المناطق، بسبب النقد المتوقع من بعض من أبناء العائلات واللجنة القيادية المحيطة بهم. “توجد حملة إعلامية”، قال نتنياهو عدة مرات في جلسات الكابنت.

لا يهم من المحق في هذا الجدال، النقطة هي ان رئيس الأركان لا يعرف خطة من جانبه لكيفية الانتصار في الوضع الحالي و/او جلب المخطوفين. كما أن زمير يعارض كما أسلفنا أخذ المسؤولية عن توزيع الطعام على الغزيين. وهكذا نشأ وضع تشبه فيه الصدامات بينه وبين نتنياهو وسموتريتش تلك التي كانت بين هرتسي هليفي والاثنين.

فجوات، شقاقات وتوترات

بدلا من التعاون الناجح بين الطرفين مثلما رأينا في حملة “الأسد الصاعد”، فان فجوات وشقاقات متبلة باعتبارات سياسية وخوف من الرأي العام، تشجع توترات ولا تحل أي مشكلة. هيئة اركان زمير اكثر قتالية واندفاعا من سلفها. في جيش اليوم يؤمنون بان مزيدا فمزيدا من الضغط في النهاية سيكسر حماس، لكنهم لا يعرضون خططا مرتبة او جدولا زمنيا بكيف ومتى سيحصل هذا.

في نفس الوقت من المهم التشديد على أن ذنب الجمود لا يقع بأي حال على الجيش فقط. كما أسلفنا، رئيس الوزراء هو الذي افترض بان صفقة مخطوفين توجد خلف الزاوية. كتحصيل حاصل لم يطلب أيضا من الجيش حسما فوريا لحماس. ويعود السبب في ذلك الى أن نتنياهو يسبق تحرير المخطوفين على النصر. 

الموضوع هو أن كل الاحداث والشقاقات تأخذ وقتا طويلا وغاليا جدا يعمل ضدنا: معاناة المخطوفين، أولا وقبل كل شيء، لكن لا يقل عن ذلك تلحق بإسرائيل كل يوم اضرار دولية هائلة بسبب تمديد القتال. الجمهور لا يعرف ذلك لكن موجات الصدى سترافقنا لسنوات طويلة أخرى. 

ترامب معنا، هذا صحيح، لكن حتى هو ورجاله طلبوا ادخال المؤن الى غزة. لهم أيضا يوجد اعلام ودول العالم التي تضغط، ولنا أيضا يوجد عالم خارج ترامب – المانيا مثلا: نتنياهو راعى الالمان عندما قلب السياسة المتعلقة بالمؤن رأسا على عقب. 

امام مرمى اعلامي بلا حارس 

كل هذه الحملة، بالمناسبة، أصبحت ممكنة لان نتنياهو هو الذي يجفف منظومة الاعلام الرسمي القومي. حماس، الأمم المتحدة وباقي كارهي إسرائيل يقاتلون امام مرمى اعلامي بلا حارس. وهكذا أدت الخسارة الإعلامية الى أن نجد أنفسنا نحن الذين نغذي عمليا مخربي حماس. فهل لنتنياهو توجد خطة خروج من الورطة؟ التجربة تفيد بانه توجد له ارانب في القبعة. سياسيا وموضوعيا على حد سواء. السياسية التي يتخذها صعبة على الهضم لدرجة أنه ملزم ان يكون لها تفسير نحن لا نعرفه. لانه اذا لم يكن تفسير كهذا ففي يوم او يومين ستتفكك حكومته – وانتخابات مبكرة ليست هي ما تحتاجه إسرائيل في وضعها الصعب. 

بدلا من ذلك، لاجل اخراج العربة الإعلامية من الوحل الغزي هناك حاجة لان يكف نتنياهو، كاتس، سموتريتش وزمير عن الشقاق والدخول الى عصف أدمغة يؤدي الى خطة متفق عليها. لانه في هذه الاثناء لا يوجد مخطوفون ولا يوجد نصر بل فقط توريد لمساعدات لا تتوقف لحماس وهدن يومية في الحرب، في الوقت الذي نصرخ نحن فيه من تحت الأرض.

هذه النتيجة القاسية لا يمكن بالطبع التسليم بها. او كما صاغ ذلك امس الرئيس ترامب الذي يزور بريطانيا: “قلت لبيبي انه لعله ينبغي له أن يفعل هذا بطريقة أخرى”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى