ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: الخاسرون الأكبر .. ايران وتركيا

إسرائيل اليوم – ايال زيسر – 13/7/2025 الخاسرون الأكبر .. ايران وتركيا

حرب الـ 12 يوما – أو ربما حرب ايران الأولى – لم تؤدي الى إستئصال كامل للسرطان الإيراني الذي يهدد بالانتشار في أرجاء الشرق الأوسط. لكن الضربات التي اوقعتها إسرائيل على طهران بمساعدة أمريكية أوقفت حاليا السباق الإيراني نحو النووي، ووجهت ضربة شديدة لاحلام ايران لاقامة مجال نفوذ يخضع لسيطرتها ويمتد من حدودها، عبر العراق وسوريا وحتى لبنان وشواطيء غزة. من هذا المجال سعى الإيرانيون لان يحققوا حلمهم لتصفية دولة إسرائيل، الحلم الذي شكل مصدر الهام ليحيى السنوار حين وضع ودفع الى الامام الهجوم الإرهابي الاجرامي في 7 أكتوبر. 

مع هزيمة ايران استكملت خطوة إعادة رسم وجه الشرق الأوسط، والتي بدايتها في تصفية حماس كقوة عسكرية نظامية وككيان سلطوي في قطاع غزة، تواصله في الهزيمة النكراء التي تكبدها حزب الله في لبنان وفي سقوط بشار الأسد في سوريا، والان، كما اسلفنا، إعادة الجني الإيراني الى القمقم أيضا. 

ايران، التي في نظر نفسها أيضا تعتبر قوة عظمى إقليمية قوية بوسعها أن تردع وتهدد كل المحيطين بها ضُربت بشدة وتبينت كدولة هشة، مخترقة وضعيفة بالكاد قادرة على أن تدافع عن نفسها. من هذه الناحية، اعادتها الحرب الى حجومها الطبيعية – دولة يكثر زعماؤها من الحديث، لكن من خلف الاقوال يختبيء قليل جدا. 

قبل عقدين فقط، مع نشوب ثورة الربيع العربي وعمليا حتى قبل ذلك، عندما غرقت الدول العربية، وعلى رأسها مصر، في مشاكل اجتماعية واقتصادية داخلية كفت عن أن تكون مصدرا ذا معنى واهمية إقليمية كان يبدو بان من سيملأ الفراغ الذي خلفته هذه الدول في المنطقة هما لاعبين جانبيين: ايران وتركيا، وهما اللتان ستقودان المنطقة العربية وراءهما. في الخمسينيات والستينيات كان هذه مصر بقيادة جمال عبدالناصر هي التي جرت وراءها العالم العربي ويبدو الان بان ايات الله من طهران واردوغان من تركيا هم الذين يقودون المنطقة، باسم الإسلام الشيعي والسني. غير أن حلم العظمة لعودة الامبراطوريتين الفارسة والعثمانية تحطم بضجيج عظيم. 

الخاسرة الأكبر من سقوط محور المقاومة والصراع ضد إسرائيل هي بالطبع ايران، التي فقدت كل عالمها – مشروعها النووي، الكثير من قدراتها العسكرية، معاقلها في ارجال المنطقة حيث استثمرت مئات مليارات الدولارات على مدى السنين. 

لكن تركيا هي الأخرى بين الخاسرين. في المواجهة بين إسرائيل واعدائها وقفت تركيا في الجانب غير الصحيح من الخريطة ومن التاريخ، ناهيك عن انها قيدت نفسها بالاقوال وامتنعت عن الأفعال، والان يتبين ان تركيا ايضا ليست قوية وذات بأس مثلما درجت على عرض نفسها. فهي تفتقر لمقدرات اقتصادية يمكنها بواسطتها أن تكتسب نفوذا وسيطرة، ويتبين أنه في كل ما يتعلق أيضا بالقدرات العسكرية، العمليات والتكنولوجية، هي توجد في الخلف بعيدا. 

بعد كل شيء، في الشرق الأوسط يعرفون كيف يجرون التمييز بين التبجحات التي يتميز بها اردوغان، وبين الأفعال – واساسا استعراض العضلات والقوة، الذي هو الامر الوحيد الذي يفهمونه ويقدرونه في منطقتنا. وهكذا، اردوغان يتحدث ويتحدث، فيما ان إسرائيل والولايات المتحدة ترامب تفعلان. للخاسرتين الكبيرتين يمكن أن نضيف أيضا روسيا والصين اللتين افقدهما العداء للولايات المتحدة عقلهما الى حد أنهما تبنتا سياسة معادية تجاه إسرائيل، بل واعربتا عن العطف لاعدائنا، ايران وحماس. لقد الحقت هذه السياسة بهما ضررا أكثر مما حققت لهما منفعة، وفي النهاية عرضتهما كعديمتي كل مكانة او قدرة تأثير سياسية، اقتصادية وعسكرية في منطقتنا.

في الشرق الأوسط الجديد، الطريق الى واشنطن مرة أخرى تمر في القدس مثلما في الماضي، وفقط الدول التي سياستها هي الاستقرار والسلام – بما في ذلك السلام مع إسرائيل مثل سوريا الجولاني – دول كهذه فقط يمكنها أن تحقق أمنها ومكانتها الإقليمية والدولية.

كل ما يتبقى هو الانتظار لرؤية تلك الدول الخاسرة التي دحرت الى الهوامش – روسيا، الصين وتركيا – تستوعب الدرس وتستخلص منه الاستنتاجات اللازمة. 


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى