إسرائيل اليوم: الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي أخطآ في التقديرات واستيقظا متأخرين

إسرائيل اليوم 17-7-2025، يوآف ليمور: الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي أخطآ في التقديرات واستيقظا متأخرين
القتال بين قوات الحكم في سوريا والدروز في الدولة بدا أمس قبيل الانهاء، بعد يومين مضرجين بالدماء جرا تدخلا للجيش الإسرائيلي ولدروز إسرائيليين اجتازوا الحدود كي يساعدوا أبناء الطائفة في سوريا. وقد حصل هذا بعد أن تلقت إسرائيل تعهدا بان يأمر الرئيس السوري بصوته قواته للانسحاب من المدينة الدرزية السويداء، كجزء من وقف نار اتفق بين الطرفين.
هذه الاحداث، بافتراض انها انتهت بالفعل، يفترض ان تشعل في إسرائيل ضوء تحذير متقطع، وعمليات سلسلة أضواء تلزم بتفكير شامل عميق لانها كشفت نقاط ضعف إسرائيلية وكذا مخاطر محتملة ينبغي إعطاء الرأي فيها منعا لاضطرابات اكبر.
ضوء التحذير الأول يعنى بسوريا، واساسا برئيسها. إسرائيل، تواصلا مع العالم، سعت لان ترى في أبو محمد الجولاني – او باسمه الحالي احمد الشرع – شريكا شجاعا لتغيير تاريخي في المنطقة. تقارير مختلفة روت حتى عن لقاءات اجراها المخرب الذي اصبح رجل دولة مع رئيس الموساد دادي برنياع، مع رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي ومع مسؤولين كبار آخرين، وعن إمكانية اتفاقات مختلفة توقع بين الدولتين. يخيل أن التوقعات كانت مبكرة جدا: ليس مؤكد ان الجولاني هو ما نريد أن نرى فيه، وحتى لو كان كذلك – ليس مؤكد انه حقا قادر على توفير البضاعة.
ضوء تحذير ثان يتعلق بالحكم الحالي في سوريا. يدور الحديث عن عصبة جهاديين مع تاريخ مضرج بالدماء وايديولوجيا لا تترك مكانا كافيا لاعدائهم. العلويون، الذين اسقطوا من الحكم، شعروا بذلك على جلدتهم في المذبحة التي نفذها في بداية هذه السنة في اللاذقية وفي طرطوس، الان جاء دور الدروز. الشيعة أيضا (وممثلوهم في لبنان، حزب الله) على بؤرة الاستهداف، ولا يوجد ما يقول ان لهم خططا أخرى بالنسبة لليهود، اذا ما أعطيت لهم الامكانية.
ضوء التحذير الثالث هو عن الدروز في سوريا. الحساب الدموي الذي فتح الان لم يغلق مع وقف النار، وهو سيفتح مرة أخرى في ضوء طبيعة الحكم. إسرائيل ملزمة بان تسأل نفسها كم بعيدا هي مستعدة لان تسير من اجل حلفائها: هل هي مستعدة لان تمنحهم مظلة جوية فقط ام انها ستبعث اذا ما تطلب الامر منها ذلك، بفرق أيضا للقتال بريا لفترة زمنية غير معروفة.
مطلوب دراسة شاملة
تبعا لذلك، ضوء تحذير رابع يتعلق بإمكانية ان يكون مطلوبا استيعاب أبناء من الطائفة الدرزية السوريين في إسرائيل. مشكوك ان تكون لهم نية كهذه، لكن الشرق الأوسط الذي يغير وجهه بسرعة من شأنه أن يلزمهم باتخاذ قرارات في زمن قصير. هذا ما حصل لرجال جيش لبنان الجنوبي ممن عملوا الى جانب الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، وفروا بين لسلة وضحاها الى اسرائيل في اثناء الانسحاب في العام 2000. ليس لإسرائيل خطط لاستيعاب الاف الدروز (وربما اكثر): هذا حدث وزاري مركب من المجدي اعداد دراسة شاملة له منذ الان الى جانب الدروز في إسرائيل.
ضوء تحذير خامس هو على الدروز في إسرائيل. الحلف معهم متماسك، معروف وواضح، لكن القيادة السياسية الأمنية ملزمة بان تجري معهم خطابا مفتوحا يعرف الحدود. الاف الدروز الإسرائيليين الذين اقتحموا الجدار وانتقلوا الى سوريا هم وصفة لكارثة لان من شأنهم ان يقتلوا ويخطفوا ويورطوا إسرائيل في معركة مركبة. خير فعلت إسرائيل حين أوضحت بانها ستحمي حلفائها في سوريا؛ خير تفعل اذا ما أوضحت للدروز في إسرائيل بان هذه مهمة الجيش الإسرائيلي وليست حرب انصار.
ضوء تحذير سادس هو للجيش الإسرائيلي. في أيار 2011، في بداية الحرب الاهلية في سوريا، اجتاز الاف الفلسطينيين الحدود من سوريا الى إسرائيل. انهيار الدفاع في حينه أدى الى إقامة فرقة خاصة (210) وإقامة عائق متطور. الاثنان انهارا امس. صحيح ان الجيش ادعى امس بان مهمته الدفاع ضد تسلل الى أراضي إسرائيل وليس منع خروج من اراضي إسرائيل. لكن هذه محاولة للتساذج يجب أن تستبدل بتحقيق معمق وبحلول تمنع مواضع خلل مشابهة في المستقبل.
ضوء تحذير سابع هو على قراءة الخريطة. حركة القوات الى السويداء بدأت يوم الاثنين ليلا. صحيح أن إسرائيل سارعت لتحذير الحكم في دمشق بل ونفذت هجمات تحذير رمزية، لكن التعزيز الهام للقوات لم تنفذها الا امس بعد أن باتت الاحداث في ذروتها. هذا يشهد على تقويمات مغلوطة للوضع في المستوى السياسي والأمني الكبير، وربما – مرة أخرى على استناد زائد الى الشريك – العدو الجولاني.
وتوجد أيضا نقاط ضوء
ضوء تحذير ثامن هو لرئيس الوزراء نتنياهو. في المقابلات الصحفية (بالانجليزية)، ادعى انه لو أنه نقلت له المؤشرات الدالة التي سبقت هجوم حماس في 7 أكتوبر، لكان تصرف بشكل مختلف. الان كانت موضوعة امامه كل مؤشرات التحذير ومع ذلك اعتمد على رجاله- برنياع وهنغبي – اللذين يتحدثان مع الجولاني واعتمد على الأمريكيين ولم يأمر الجيش الإسرائيلي بتعزيز القوات ولم يتخذ أيضا الوسائل لتهدئة الدروز في إسرائيل. كل هذا تم بتأخير واضح، فيما كانت إسرائيل على مسافة خطوة واحدة من ورطة كبيرة. وبعد كل هذا، كان في احداث الأيام الأخيرة أيضا بضع نقاط ضوء. الجولاني، مع كل علامات الاستفهام على نواياه الحقيقية، يعمل بتفكر وقابل للتأثير. للوسطاء المختلفين – على رأسهم الامريكيون، الاتراك والقطريون – يوجد تأثير لاجم عليه. تواجده في سوريا هو تحد كبير لكن لا يزال يوجد له إيجابيات اكثر من سلبيات – ولا سيما في سياق اجتثاث المحور الشيعي واضعاف حزب الله.
كما أن العلاقة الشجاعة مع الدروز والتي وقفت امام اختبار مركب اجتازت العقبة. خير تفعل إسرائيل اذا ما وثقتها بحل الخلاف مع أبناء الطائفة في مسألة الأراضي، وفي إيجاد حل لقانون القومية. الان هو الوقت لفعل هذا: قبل أن تشتعل الأمور في سوريا مرة أخرى.