ترجمات عبرية

N12 – يجب أن تقف إسرائيل بوضوح إلى جانب الولايات المتحدة والغرب

N12 – بقلم: عاموس يادلين وأودي أفينطال* – 2/3/2022

في بعض الأحيان، تواجه الدول صراعاً بين القيم والمصالح. وعلى ما يبدو، الأزمة العالمية بين روسيا والغرب وضعت إسرائيل أمام معضلة، بين الحاجة إلى المحافظة على مصالحها في مواجهة موسكو، وبين واجبها الأخلاقي بالوقوف إلى جانب العالم الغربي – الديمقراطي الذي يتوحد ضد عدوان الرئيس بوتين ودوسه على المعايير الدولية.
من الناحية الأخلاقية، ما من شك في الطرف الذي يجب أن تقف إسرائيل إلى جانبه. فمكانها الطبيعي هو مع الغرب والولايات المتحدة، كونها دولة تتباهى بطابعها الديمقراطي النابض، وبسيادة القانون وحقوق الإنسان وحرية الصحافة. من ناحية مصالحها، إسرائيل مضطرة إلى الاستمرار في الوقوف إلى جانب حليفتها الأساسية، وأحياناً الوحيدة، الولايات المتحدة الأميركية.
لماذا والحال هذه تتردد إسرائيل؟ لاعتبارات استراتيجية – أمنية، وعلى رأسها الحاجة إلى ضمان حرية العمل في سورية. وذلك لمنع إيران من بناء “آلة حرب” في الأراضي السورية كما فعلت في لبنان، واستخدام هذه الأراضي لنقل منظومات السلاح والعتاد إلى “حزب الله”، وخصوصاً قدرات هجومية دقيقة. والمقصود حاجة استراتيجية حيوية لأمن إسرائيل لا يمكن الاستخفاف بها. مع ذلك، يكشف فحص معمق لميزان المصالح العام أن مسألة حرية عمل الجيش الإسرائيلي في سورية تتضاءل في مواجهة مصالح استراتيجية أهم بكثير.
على رأس هذه المصالح هناك “العلاقات الخاصة” مع الولايات المتحدة. فبينما يواجه الرئيس بايدن أكبر اختبار يواجهه الغرب في العقود الأخيرة، ويحاول منع مواجهة عالميه خطِرة، ذات أبعاد نووية، وإمكانية التدهور نحو حرب عالمية، يتعين على إسرائيل التركيز على الأساسي والوقوف إلى جانب الولايات المتحدة.
من المهم أن نتذكر أن إسرائيل تتمتع منذ عشرات الأعوام بدعم سياسي واقتصادي وتكنولوجي أميركي، ودعم لجوانب جوهرية لأمنها القومي: الحصول على دعم سياسي، كانت ستواجه من دونه عزلة دولية، وضمانات ومساعدة في بناء القوة لمواجهة تهديدات خطِرة على أمنها، وضمان تفوقها العسكري والنوعي وغيره.
تحافظ الولايات المتحدة على تفوق إسرائيل العسكري الذي يُعتبر رصيداً استراتيجياً من الدرجة الأولى ويؤمن استقراراً إقليمياً. إن قوة إسرائيل وتفوقها النوعي في المنطقة، بالإضافة إلى الحلف القوي مع الولايات المتحدة، هي التي ترسخ صورة ردعها في بيئة معادية، ومحافظتها على ذلك أعواماً طويلة هي التي تشجع الدول العربية، بالتدريج، على الاعتراف بأنها “هنا كي تبقى”. وهذا الاعتراف هو مكوّن مركزي في قرار هذه الدول إقامة علاقات معها والسعي للسلام.
من الأمثلة الراهنة لإمكانية المسّ بالجهوزية العسكرية لإسرائيل “رزمة” المساعدة الإضافية لإسرائيل، والتي تبلغ قيمتها مليار دولار، من أجل استكمال مخزون المنظومة الاعتراضية لـ “القبة الحديدية” بعد عملية “حارس الأسوار”. فقد تعرقلت الموافقة على الرزمة المطروحة الآن على مجلس الشيوخ الأميركي، ويمكن أن تُزال إذا أثارت السياسة الإسرائيلية حيال الأزمة الأوكرانية انتقادات ضدها في الكونغرس.
ثمة مصلحة استراتيجية حيوية أُخرى لإسرائيل، هي مكانتها الدولية الإيجابية. أحد الأرصدة المركزية في هذا السياق في واشنطن وفي عواصم مهمة في أوروبا هو صورتها، أي “الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”. فالسياسة المترددة بشأن الأزمة الأوكرانية يمكن أن تؤدي إلى تصدُّع هذه الصورة وتنعكس سلباً على علاقات إسرائيل الخارجية.
في مواجهة هذه الاعتبارات المهمة، هناك قدرة روسيا على التأثير في حرية العمل في سورية. لكن التخوف من تحديات الخطوات الروسية يثبت أن روسيا ليست حليفة لإسرائيل، بل على العكس، هي عدو أكثر مما هي صديقة.
على المستوى الاستراتيجي، تريد روسيا استعادة مجدها القديم والتمركز في الشرق الأوسط بعد أن أُبعدت عن المنطقة في أواسط السبعينيات. وذلك على حساب الهيمنة الأميركية في المنطقة التي تُعتبر مصلحة إسرائيلية بديهية. على هذه الخلفية، يمكن أن نفهم علاقة روسيا ودعمها الأساسي لإيران ومواقفها، بما في ذلك في جولات المفاوضات في المسألة النووية في العقود الأخيرة.
تبيع روسيا أعداء إسرائيل في المنطقة منظومات سلاح متطورة جداً، مثل صواريخ كورنيت المضادة للدبابات، وصواريخ بر – بحر استراتيجية، ومنظومات دفاع جوية متطورة من طراز أس-300، وطائرات سوخوي، وغيرها. ضعف الرقابة الروسية على المستخدمين النهائيين لهذا السلاح وغضّ نظر موسكو سمحا بـ”انزلاق” جزء من هذه المنظومات إلى تنظيمات إرهابية، مثل “حزب الله” و”حماس” اللذين استخدماها بشكل فتاك ضد إسرائيل.
في المنظومة الدولية، أيّد التصويت الروسي في مجلس الأمن الدولي القرارات المعادية لإسرائيل، والتي قدمها أعداؤها.
فيما يتعلق بتهديد حرية العمل في سورية؟ صحيح أن روسيا لم تمنع إسرائيل من العمل ضد الوجود العسكري الإيراني في سورية، على الرغم من أن وجودها هناك فرض قيوداً معينة. مع ذلك، في الوقت عينه، تسمح روسيا لإيران وأذرعتها بنقل قدرات عسكرية بأحجام كبيرة، والتمركز في مناطق قريبة من إسرائيل. والمقصود “أسلوب عمل” معروف جداً في روسيا – التعاون مع الأطراف المتصارعة كي تخلق أداة تأثير في مواجهتها وترسيخ مكانة قوية.
وقوف إسرائيل الواضح مع المعسكر الغربي في الأزمة الأوكرانية لن يؤدي بالضرورة إلى إلحاق الأذى مباشرة بحُرية العمل في سورية. أولاً، الروس “مشغولون” بالحرب في أوكرانيا، وبالمواجهة الدولية. ثانياً، في ضوء المنافسة مع إيران على الموارد والنفوذ في سورية، لروسيا مصلحة عميقة بألّا تصبح إيران أكثر قوة في سورية. بالإضافة إلى ذلك، الروس “سيفكرون أكثر من مرة” إذا أرادوا تهديد طائرات إسرائيلية والمخاطرة بعمليات دفاعية ضد الطائرات الإسرائيلية التي ستحيد المنظومات الروسية.
في الخلاصة، لا يوجد تناقض بين قيم إسرائيل ومصالحها. وبشأن حرية العمل في سورية، تسمح الظروف لإسرائيل بإدارة حكيمة للمخاطر؛ وفي جميع الأحوال، المسألة لا توازي المصالح المهمة التي تفرض على إسرائيل أن تبقى حليفة مخلصة للولايات المتحدة، والمحافظة على مكانتها الدولية في المعسكر الغربي – الديمقراطي. في ظل هذه الأوضاع، يجب على إسرائيل رفع صوتها بصورة واضحة وقاطعة، وانتهاج سياسة تقف فيها إلى جانب الغرب والولايات المتحدة، علناً، والانضمام إلى الإدانات في المنظمات الدولية وتشجيعها، وشجب العدوان والغزو من دون تردد، والتعبير عن الأمل بحلّ النزاعات بوسائل سياسية.
*مدير سابق لمعهد دراسات الأمن القومي وزميل في مركز بلفور في جامعة هارفارد، وأودي أفينطال محاضر في جامعة ريخمان.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى