INSS– بقلم عوديد عيران -الاردن بين منظومة سياسية جديدة وبين مشاكل الماضي والحاضر
INSS– بقلم عوديد عيران – 20/10/2020
“ حكومة جديدة في الاردن تتصدى لمشاكل قديمة وحديثة ويبدوأن الاردن على استعداد لان يستقبل العهد الجديد بانفتاحيةاكبر“.
ستجرى الانتخابات في البرلمان الاردني في العاشر من تشرينالثاني، إلا اذا قرر الملك عبدالله الثاني تأجيلها بسبب ظروف وباء الكورونا. وحسب الدستور الاردني، فان الحكومة المنصرفة كانت ملزمة بان تقدماستقالتها وقد فعلت ذلك بالفعل. وفضل الملك الا يعين عمر الرزاز كرئيسللوزراء مرة اخرى وكلف بتشكيل الحكومة د. بشر الحصاونة الذي تولىسلسلة من المناصب العليا في وزارة الخارجية الاردنية، وكان في السنواتالاخيرة المستشار السياسي المقرب من الملك. وأدت الحكومة الجديدة اليمينالقانونية امام الملك عبدالله في 12 تشرين الاول في احتفال اجري وفقالقواعد الفترة – حيث وضع المتواجدون الكمامات ولم تلتقط لهم صورةجماعية.
بسبب أهميتها في منظومة العلاقات الثنائية بين الاردن واسرائيلينبغي الاشارة الى المواضيع التالية والوزراء المسؤولين عنها في الحكومةالجديدة: وزير الخارجية ايمن الصفدي احتفظ بمنصبه في الحكومة الجديدةبل ورفع الى مرتبة نائب رئيس الوزراء. وزير المياه الجديد هو معتصمسعيدان، بروفيسور في الهندسة الكيميائية. وزير شؤون البيئة هو نبيل سليم المصاروة، وهو ذو سجل غني في وزارة الخارجية الاردنية. وزيرةالطاقة التي احتفظت بمنصبها هي هالة زواتي. وزير السياحة هو نايفحمدي الفايز، الذي أدى هذا المنصب وغيره في حكومات سابقة. وأمر ذوصلة بالجانب الاسرائيلي هو أن وزير الاعلام الجديد هو علي عبدالقادرالعايد الذي تولى منصب كمسؤول مؤقت في السفارة الاردنية في تل أبيب.
في مركز كتاب الملك لرئيس الوزراء الجديد وكذا في كتاب الرد (وينبغيالافتراض بان الكتابين صاغهما الشخص ذاته) بالطبع، مسألة التصديلوباء الكورونا وآثاره. فالمرحلة الاولى من الوباء مر بها الاردن بنجاح مفاجيءحين توفي في الاشهر الاربعة الاولى اقل من 20 شخصا. وعند كتابة هذهالسطور بلغ عدد المتوفين 350 وعدد المصابين اكثر من 73.600. والىجانب مصاعب الجهاز الصحي الاردني في مواجهة اعداد الاصابة العاليةفان المملكة تواجه التحدي الاقتصادي الذي نشأ في اثناء عقد الربيعالعربي، الذي مس شديد المساس باقتصاد الاردن بسبب تقليص التجارة معسوريا والعراق – الدولتين المجاورتين اللتين وقع فيهما مركز الصراع بينداعش وقوات دول في المنطقة والتحالف الدولي. ومع ان وباء الكورونا وجهضربة لكل دول المنطقة، الا ان ضرره على الاردن كان بقدر كبير ذا مزاياخاصة. فالاردن تنقصه المقدرات الطبيعية (باستثناء الفوسفات) واقتصادهيعتمد على السياحة والتحويلات المالية من العاملين خارج المملكة والمردوداتلقاء عبور البضائع في اراضيه. وقد تضررت هذه الفروع بقدر كبير بالاثارالاقتصادية العالمية لوباء الكورونا والمتوقع للاشهر القادمة لا يبشر بالخير.
في كتاب الجواب للملك وفي التعيينات الجديدة في حكومته شرح رئيسالوزراء الخصاونة كيف سيحاول التصدي لهذين التحديين الوجوديين – وباءالكورونا والازمة الاقتصادية. وقد عين ثلاثة نواب، احدهما هو الاقتصاديامية طوقان، الذي تولى في الماضي سلسلة مناصب اقتصادية رفيعة. ومنذأن اصبح الاردن دولة مستقلة كان متعلقا بالمساعدة المالية الاقليمية والدوليةالتي لاجل نيلها يبذل الملك الاردني جهودا جبارة. ويأتي تعيين طوقان كييبث للمنظومات الاقتصادية، الداخلية والدولية على حد سواء مصداقيةوتجربة مهنية ذات صلة. والى جانب وزير الصحة الجديد، د. نظير عبيدات،الذي اختصاصه الطبي هو جهاز التنفس يعتزم رئيس الوزراء الخصاونةتعيينه مسؤولا عن مكافحة فيروس الكورونا.
وكما يجدر بدولة معظم مواطنيها من اصل فلسطيني، لا ينسى موضوعالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني الامر الذي جعل الملك عبدالله نفسه يقفعلى رأس الصراع ضد خطة الرئيس ترامب لحل النزاع وضد نوايا حكومةاسرائيل ضم اراض في يهودا والسامرة. في رده على كتاب التعيين منالملك، كتب الخصاونة بان القضية الفلسطينية هي في رأس سلم الاولويات(رغم أنها تظهر في اسفل الكتاب) وان حكومته ستبذل جهودا لاقامة دولةفلسطنيية مستقلة في حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدسالشرقية. كما وعد بتكريس اهتمام خاص للاماكن المقدسة في القدس علىاساس الوصاية الاردنية وذلك بسببمحاولات اسرائيل تغيير الوضع التاريخيوالقانوني في القدس. ومع ذلك، فان شطب موضوع الضم عن جدول الاعمالالاسرائيلي، الانقسام الداخلي في المعسكر الفلسطيني، التراجع في مكانةالقضية الفلسطينية في جدول الاعمال العربي والدولي، وكذا الرغبة فيالامتناع عن المواجهة الداخلية مع دول الخليج التي اقامت علاقات معاسرائيل قبل ايجاد حل للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، كل هذا سيسمحللاردن بالتركيز على التصدي للتحديات التي تتصدى لها في الساحةالداخلية والاستعداد لتغييرات محتملة في المنظومتين الاقليمية والدولية تنبعضمن امور اخرى من احتمال تغيير الادارة في الولايات المتحدة اضافة الىتداعيات اتفاقات السلام بين اسرائيل ودول الخليج.
وحسب الدستور الاردني، فستقف الحكومة امام البرلمان بعد أن تنتخب لتقدمله خطة عملها وميزانيتها الجديدة. والتصويت على هذين الموضوعين هو عملياتصويت ثقة بالحكومة الجديدة. البرلمان المنصرف، مع أنه انتخب بطريقةتضمن تحكم النظام بقراراته، لا يعتبر ختم باصم. فقد اصطدم جبهويا معحكومة هاني الملقي (الذي سبقت حكومة عمر الرزاز) في مسألة الاصلاحالمالي الذي فرضه على الاردن صندوق النقد الدولي كشرط لتلقي قرض كبيروفي مسألة شراء الغاز الطبيعي من اسرائيل.
تتميز الانتخابات القادمة منذ الان بارتفاع كبير في عدد الاحزاب المرشحة،سواء في تصنيف احزاب لوائية ام قطرية. في البرلمان المنصرف كانت الكتلةالاكبر هي تحالف حزب الاصلاح ومندوبي الاخوان المسلمين ممن لميعرضوا انفسهم كذلك إذ ان الحركة قررت مقاطعة انتخابات 2016. ينبغيالافتراض بان البطالة المستشرية، الاغلاقات المتواصلة لغرض قمع الاصابةبالفيروس اضافة الى غياب افق اقتصادي ايجابي، ستؤثر على نتائجالانتخابات – حتى لو كان معدل التصويت ادنى مما كان في الماضي. ومنالمتوقع للبرلمان الجديد ان يشدد على الحكومة في مسائل طافت الى السطحفي الاشهر الاخيرة، بما فيها تأثير قوانين الطواريء (التي اتاحت فرضالاغلاقات وقيود الحركة)، وحرية التنظيم والتعبير. على جدول الاعمال ايضاشبكة العلاقات العكرة بين الحكومة واتحاد المعلمين التي تفاقمت في اعقاباغلاق مكاتب الاتحاد في ارجاء المملكة واعتقال قادته.
في هذه ا لمرحلة يبدو أن النظام لا ينجح في منع انتشار وباء الكوروناوآثاره الاقتصادية ومع ذلك يبدي تحكما بالوضع بالتأكيد مقارنة باداء وحجومالضرر بالنسبة لجيران المملكة. كما أن تعيين الخصاونة الذي لم يتسلممنصب وزير من قبل، يدل على ثقة الملك عبدالله بان الجمهور يعطيه ويعطيقراراته ثقة كاملة، فما بالك أن الخليط بين تفاقم الوضع الاقتصادي والوضعالصحي سيكون قابلا للانفجار ومع هذه التحديات سيتصدى الملك وحكومتهالجديدة في الفترة القادمة.
اما بالنسبة للعلاقات بين اسرائيل والاردن – فان تجميد البحث في ضماسرائيلي في يهودا والسامرة يسمح ايضا بتحسين العلاقات بين الدولتين. في الاتفاق بينهما حول عبور الطائرات الاسرائيلية في المجال الجويالاردني يمكن أن نرى اشارة اردنية للاستعداد للانخراط في مشاريع اقليميةستتاح في اعقاب اتفاق السلام بين اسرائيل ودول الخليج. نوصي حكومةاسرائيل والحكومة الجديدة في الاردن بالدخول في حوار على خططاقتصادية يستخدمها الاردن لرفع مكانته في المنطقة التي بين الخليج والبحرالمتوسط.
