ترجمات عبرية

INSS– بقلم  عنات بن حاييم  –   إعادة بناء الجيش السوري والمعاني لاسرائيل

INSS– بقلم  عنات بن حاييم  – 27/9/2021

” يعيد الجيش السوري بناء نفسه كجيش مشاة مؤلل بهدف استعادة السيطرة في الدولة. ولكنه لا يشكل تهديدا على اسرائيل باستثناء اعادة بناء القوة الكيميائية واحتمال تزويد روسيا له ببطاريات دفاع جوي قد تهدد سلاح الجو الاسرائيلي “.

في  أواخر 2017 قلت الاحداث القتالية في سوريا واستقر ميزان القوى، وبالتوازي بدأت مساعي بناء القوة العسكرية برعاية روسيا. وتسارعت العملية في اذار 2020، مع التوصل الى اتفاق لوقف النار مع الثوار في ادلب، ما سمح بتحويل الاهتمام من القتال الى اعادة البناء. ومنذئذ تظهر منافسة ايرانية – روسية على النفوذ على بناء الجيش السوري وشكل استخدامه. عمليا، لروسيا نفوذ متزايد في سياقات بناء الجيش واستخدامه على المستوى الاستراتيجي والعملياتي.  مع بداية التدخل في العام 2015،  اقامت روسيا قيادة  متعددة الاذرع ومركز عمليات مشترك مما يعطل منصب هيئة الاركان السورية. بل والمح الى أن روسيا هي التي حرصت على عدم تعيين رئيس اركان للجيش السوري منذ العام 2018 وحتى اليوم. مبنى القيادة والتحكم الذي ارسته روسيا في سوريا يضمن تدخل ضباطها ومستشاريها في كل مستويات القتال في الدولة تقريبا بما في ذلك مفهوم استخدام الجيش السوري واستنفاد اسلحته في ميدان القتال. 

رغم الصدارة الروسية، تعمل ايران وحزب الله على تحقيق نفوذ على مبنى الجيش، ولا سيما في نشر قوات هجومية مضادة في سوريا – صواريخ ارض ارض وطائرات هجومية مسير؛ في القتال المشترك للميليشيات الشيعية تحت قيادة ايرانية مع وحدات الجيش السوري؛ وفي التدخل الايراني في بناء، تأهيل واستخدام القوات الخاصة في الجيش السوري – بينها فرقة 4 بقيادة شقيق الرئيس، ماهر الاسد، وحدات الامن الداخلي وميليشيات شبه عسكرية، محلية ووطنية موالية للنظام. الفيلق 1 في الجيش السوري، المسؤول عن منطقة جنوب غرب سوريا والجبهة مع اسرائيل، هو هدف مركزي فيتدخل ايران – حزب الله في الجيش السوري – ادراج مستشارين وضباط ارتباط في قيادات الفيلق في جملة مجالات (العمليات، الاستخبارات، اللوجستيات، الهندسة، الرقابة والمدفعية)، اجراء تأهيلات لجنود وقادة الفيلق، بما في ذلك مجال تطوير قدرات جمع المعلومات وتطوير قوى النار (المدفعية والراجمات) واستغلال ظروف المعيشة البائسة في جنوب سوريا لتجنيد قوة مقاتلة. الى جانب ذلك، يمنح النظام رخصة لحزب الله لبناء شبكات ارهاب ومشاريع بعيدة المدى في مجال السيطرة للفيلق واقامة غرفة حربية مشتركة بين الجيش السوري والمنظمة. 

تلميحات بالمنافسة الروسية الايرانية على النفوذ تظهر في تعيين قادة كبار في ا لجيش السوري، مثل قائد سلاح الجو السوري، الذي يعتبر مقربا من الايرانيين، نحي عن منصبه في اذار هذه السنة بناء على طلب روسيا وعين مكانه القائد السابق، المقرب من الروس، او باستياء روسي من تأثير ايران وفروعها على الجيش السوري في جنوب سوريا. يتبين ان التأثير الايراني محصور اساسا في المجالات التي توجد فيها لطهران مصلحة واضحة تجاه اسرائيل، وهو محدود بانعدام المقدرات الكافية وبسبب الكبح الروسي. 

حجارة المبنى لاعادة البناء – تغيير التهديد المستهدف وطبيعة القتال

كسابقة، فان تهديد الاستهداف المركزي في مبنى الجيش السوري واعادة بنائه هو داخلي، وعلى رأسه الحاجة الى ايقاع الهزيمة بقوى الثوار – الذين يعرفون كجماعات ارهابية اسلامية متطرفة – ومنع اعادة نمو شبكات الارهاب. في الماضي كان تهديد الاستهداف المركزي هو التهديد العسكري الاسرائيلي. مبنى القوة يتركز في الوقت الحالي على اقامة وتأهيل وحدات قتالية لتحقيق السيطرة في الدولة وحفظها، قدرة تحريك عالية للقوات لقمع التمردات واعادة السيطرة على المناطق في ظل مشاركة ميليشيات مستقلة وشبه عسكرية. 

المبنى والتنظيم– بتوجيه روسي، توجه المقدرات المركزية اليوم لتوسيع غلاف القيادة والتحكم بوحدات الجيش السوري وباجهزة الامن المختلفة، لغرض اعادة احتكار استخدام القوة الى ايدي الجيش وذلك في ظل الدمج في الجيش السوري  لميليشيات ووحدات الثور الذين استسلموا. في  المرحلة الحالية لا تزال تعمل، ليس تحت قيادة الجيش، ميليشيات شيعية مؤيدة لايران، تشارك في الحرب الاهلية الى جانب نظام الاسد منذ العام 2012. احيانا يغيب التنسيق العملياتي بين الميليشيات الشيعية العاملة بشكل مستقل، بشكل منقطع عن الخطط القتالية او تكتيكات الجيش السوري – النمط الذي ادى غير مرة الى احتكاكات مع قوات الاسد. رغم  الخطة الروسية لدمج مجموعات من الثوار السابقين في صفوف الجيش لغرض تثبيت سيطرة النظام في المناطق التي احتلها وتقليص الخطر بالتمرد من جديد، في حالات عديدة توجد خصومة بين ثوار سابقين وبين قادة الجيش. الى جانب ذلك يطرح سؤال الولاء وموازين القوى بين الجيش والميليشيات الخاضعة للنفوذ الايراني – مثلما ينعكس في النموذج العراقي الذي في اطاره يضعف الجيش بالنسبة للميليشيات. 

القوى البشرية– ابتداء من نهاية العام 2018 تم تشديد على تجنيد مقاتلين وضباط للجيش بحيث يكون في كل لواء ما لا يقل عن 11 الف مقاتل، مع التشديد على عدد المقاتلين وليس على جودتهم. بعد “انتصار” الاسد في الانتخابات، قرر اجراء تغييرات شخصية في الجيش تضمنت تغيير اشخاص وتعيين آخرين محلهم في نحو 20 منصب  كبير في الجيش، بعضهم ضباط  كانوا عينوا قبل بضعة اشهر. ومن هنا ينشأ الاعتقاد بان روسيا هي التي تقف خلف التعيينات الجديدة في الجيش وفي اجهزة الامن لاجل ترفيع ضباط علويين  يكونوا على ما يكفي من الخبرة في نظرها وموالين لها وليس لايران. من اصل 152 ضابط كبير في الجيش السوري اليوم فان نحو 124 هم من الطائفة العلوية  – 82 في المئة مقابل 22  ضابط  سني، يشكلون 14 في المئة فقط. معقول الافتراض بان الشخصيات التي اختارتهم روسيا هم الذين سيقودون المعركة العسكرية  التالية، سواء في داخل سوريا ام تجاه التهديدات الخارجية.  

التدريبات– تشديد آخر هو على تجديد عملية التدريب لرفع الاهلية العملياتية. في هذا الجانب  ايضا تعود الصدارة لروسيا، التي تعمل على تجديد التدريبات الاساسية في مستوى  الحظيرة والكتيبة. ايران هي الاخرى، من خلال حزب الله تدرب قادة وقوات ولكن بشكل اضيق  واقل تأطيرا، في ظل التركيز على جنوب سوريا قرب الحدود مع اسرائيل.

بناء قدرات الدفاع الجوي– تساعد روسيا الجيش السوري على اعادة بناء منظومة الدفاع الجوي من خلال استخدام اسلحة وصواريخ ارض – جو متطورة ذات قدرة اعتراض  للقذائف الموجهة التي تطلق من بعيد. ومع ذلك تمتنع روسيا عن ان تنقل الى قوات الدفاع الجوي  السورية بطاريات صواريخ ارض – جو متطورة من طراز S-300/400التي تشكل تهديدا لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي، وذلك على ما يبدو خوفا من التصعيد وكشف مواضع ضعف المنظومات. ايران هي الأخرى أعلنت في الماضي عن نقل منظومات دفاع جوي متطورة الى روسيا من طراز بافار 373 وخرداد 3.

بناء قدرات هجوم مضاد– القدرات السورية على انتاج وتركيب صواريخ ارض ارض تضررت في اثناء الحرب، وذلك أيضا بسبب الهجمات الإسرائيلية على منشآت الإنتاج والتركيب، ولا سيما تلك التي أقيمت وعملت بالتعاون مع ايران. والتشديد اليوم هو على السلاح الصاروخي. فايران وسوريا تبذلان جهدا مشتركا ومتوازيا لتركيب صواريخ ارض ارض لمسافات مختلفة، بما في ذلك تحسين دقتها واساسا لتهديد الجبهة الداخلية الاستراتيجية لإسرائيل. نشرت ايران في سوريا منظومات طائرات مسيرة، لم تتبين بعد اذا كانت نقلت الى الجيش السوري أم انها ستستخدم عند المواجهة من قبل فروع ايران. 

قدرات هجومية بالسلاح الكيميائي– سلسلة منشورات من الأمم المتحدة هو من الادارة الامريكية تدل على أن سوريا تعمل على تجديد ترسانتها الكيميائية – ولا سيما غاز الكلورين والسارين بمساعدة إيرانية، وإعادة بناء قدرات الإنتاج في سوريا نفسها، وذلك رغم التزامها في العام 2013 بالقضاء على السلاح  الكيميائي في الدولة. هذه القدرات الاستراتيجية يمكن أن توجه للداخل وكفيلة بان تشكل سلاح ردع تجاه إسرائيل. 

نظرية القتال- تسعى روسيا لان تغرس نظرية قتال في وحدات مشاة نوعية ومتحركة، كقوة تدخل سريع تسمح بالحركة العالية، الهجوم والاحتلال السريع للأرض. يدور الحديث عن استراتيجية مناسبة اكثر لاحتلال مناطق داخلية ضد الثوار وبقدر اقل لهجوم مبادر اليه تجاه إسرائيل. 

نجاعة عملياتية محدود

رغم توجيه مساعي إعادة البناء في السنوات الأخيرة لبناء الجيش السوري وملاءمته مع التحديات الحالية، فان القدرة القتالية لقوات النظام بقيت محدودة وهكذا أيضا نجاعتها العملياتية تجاه التهديدات من الداخل ومن الخارج، وذلك بسبب سلسلة تحديات يقف امامها: كثرة مراكز القوة في سوريا والتنافس فيما بينها، وعلى رأسها الميليشيات التي تعمل بشكل مستقل والوحدات الموالية لروسيا او لإيران، تجعل من الصعب تحقيق الاحتكار لاستخدام القوة في ايدي الجيش؛ ازمة اقتصادية حادة تتسبب لغياب الميزانيات، الفساد في الجيش – مثلما في باقي أجهزة الدولة؛ غياب القوى البشرية النوعية ذات الدوافع وإمكانية تجنيد متدنية؛ استمرار القتالي الداخلي في سوريا مما يقتطع المقدرات والاهتمام؛ واضافة الى ذلك المعركة الإسرائيلية المتحققة ضد التموضع الإيراني في سوريا. 

يشكل القتال الداخلي في سوريا اليوم دليلا  ميدانيا على مصاعب أداء الجيش لمهامه: فقد فشلت كل المحاولات للسيطرة او لتقليص مجال سيطرة الثوار في ادلب؛ في شرق سوريا، منطقة الذخائر الاستراتيجية للنظام – حقول النفط والحدود مع العراق –يراوح الجيش السوري في المكان ويجد صعوبة في تفعيل إمرة فاعلة في المنطقة؛ وفي جنوب سوريا أيضا، في وقت استئناف القتال في نهاية تموز 2021 في درعا البلد، فشلت محاولة الجيش السوري لان يستعيد السيطرة في المنطقة وجمع السلاح من منظمات الثوار.

التداعيات لإسرائيل – تحديات في الجو، فرص على الأرض

يشكل الجيش السوري صورة مرآة للنظام – صلاحيات وقوة مهزوزتان، وتعلق بروسيا وايران – بناء قدرات مدرعة ومؤللة مخصصة لاحتلال المناطق حيال جيوش نظامية، كالجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان – دحر الى أولوية متدنية. في المجال الهجومي يتعلق الجيش السوري كثيرا بايران وبحزب الله ولا سيما في جوانب نقل وتركيب وسائل هجومية، كالسلاح الصاروخي والطائرات المسيرة الهجومية، التي ستحسن قدرات ايران لان تمس بمعظم أراضي إسرائيل من الأراضي السورية. على إسرائيل أن تكون يقظة أيضا للقدرات الكيميائية التي يعمل نظام الأسد على إعادة بنائها بمساعدة إيرانية، انطلاقا من الفهم بان هذا السلاح الاستراتيجي من شأنه ان يوجه ضدها أيضا. 

ومع ذلك، فان التحدي العسكري الأساس الذي يشكله الجيش السوري للجيش الإسرائيلي اليوم هو في قدرة الدفاع الجوي، التي تقوم على قدرات روسية وتفعل بمشورة عسكرية روسية. لهذا السبب على إسرائيل أن تواصل ممارسة الضغط السياسي على روسيا  لمنع تسليم بطاريات صواريخ ارض – جو متطورة للجيش السوري، واذا ما نقلت هذه لتفعيل الدفاع الجوي السوري، ان تهاجمها قبل ان تشكل تهديدا لسلاح الجو الإسرائيلي. وعلى نحو مشابه، على إسرائيل أن تعمل وتدمر بطاريات الدفاع الجوي الإيرانية كي تمنع وضعا تنقلها ايران الى الجيش السوري او تنشرها في سوريا. 

صحيح حتى هذا الوقت يجب العمل بجملة من الوسائل ضد تموضع ايران وحزب الله في مجال جنوب سوريا والذي يتم بتداخل وتنسيق مع الجيش والنظام. معقول أن توجه هذه القوة في اللحظة المناسبة لضرب إسرائيل من الأراضي السورية. الى جانب المعركة المتواصلة ضد التموضع العسكري لإيران وفروعها في سوريا على إسرائيل أن تحسن التعاون مع السكان المحليين المعارضين لتواجد الشيعة في هذه المنطقة ويمكن أن يشكلوا قوة مضادة لمساعي التموضع الإيراني. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى