ترجمات عبرية

INSS– بقلم اودي ديكل، ليئا موران جلعاد وعنات كورتس – ضم تحت غطاء الكورونا

INSS– بقلم  اودي ديكل، ليئا موران جلعاد  وعنات كورتس – 27/4/2020

” ان بسط السيادة من طرف واحد في أراضي يهودا والسامرة دون محاولة حقيقية للوصول الى تسوية مع السلطة الفلسطينية بل وفي الوقت الحالي لازمة الكورونا، ليس فقط لن يحسن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل وقدرتها على التصدي للتحديات الحالية والمستقبلية – بل سيقوض الرؤيا الأساس والفكرة التأسيسية لدولة إسرائيل وكونها دولة تسعى للسلام مع جيرانها  “.

أُثري قاموسنا العام مؤخرا باصطلاح جديد هو “الحياة في حضور فيروس الكورونا”، والذي  يصف واقعا كفيلا بان يميز أنماط حياتنا في الأشهر القادمة من العام 2020 بل وبعدها. وذلك حتى ايجاد علاج او لقاح للفيروس. يركز العالم كله هذه الايام على مواجهة تفشي الفيروس والآثار السلبية الخطيرة الناشئة عن ذلك في ثلاثة أبعاد – الصحة، الاقتصاد والمجتمع. في 9 نيسان 2020 بحث مجلس الامن في الامم المتحدة في مبادرة للامين العام انطونيو غوتيرش في يوم 23 اذار 2020، في مشروع لاقرار وقف نار عالمي يسمح بتركيز الجهود على مكافحة الوباء. وقد بدت الفكرة في ظل  حرب  عالمية شاملة ضد الفيروس، جبت حتى الان حياة نحو مئتي الف نسمة في أرجاء العالم واجبة. ومع ذلك، من الغريب أن الخطر الذي يواجهه العالم كله والذي قد يمس بالاقتصاد العالمي بأسره ويعمق بؤر الضائقة بل وربما يحدث كارثة غذائية في مواقع واسعة من العالم قد خلق تعاونا محدودا فقط على المستوى العالمي. هنا ايضا، في هذه الحالة على نحو خاص، يبدو ملموسا جدا انعدام وجود قيادة عالمية.

في هذه الاجواء من الازمة العالمية، اتفق في اسرائيل على تشكيل حكومة وحدة، هدفها الاساس في وقت الطواريء الوطنية هذه هو توحيد الجهود لمكافحة الفيروس. ويمكن لنا أن نتوقع بانه مع بدء الحكومة عملها ووضع ميزانية لها ستكون غايتها الاساس اعادة بناء الاقتصاد والمجتمع في اسرائيل وتعزيز جهاز الصحة بل وربما جهاز الرفاه اللذين اهملا لسنوات طويلة.  وذلك على حساب استثمار مالي في الامن، رغم أن مشاكل الامن لاسرائيل لم تختفي.

تتضمن الاهداف السياسية والامنية  لدولة اسرائيل في عصر الكورونا:

1. انتعاش صحي، اقتصادي واجتماعي سريع واعادة الدولة، الاقتصاد والمجتمع الى أداء ناجع؛

2. منع دفع أثمان لا تحتمل لاسرائيل جراء  الوباء: وفيات جماعية، انهيار الجهاز الصحي، انهيار الاقتصاد؛

3. الاستقرار السلطوي، الحفاظ على أنظمة الحكم والديمقراطية، الحفاظ على صيغة الارتباط والتداخل بين الجماعات المختلفة للجمهور في اسرائيل؛

4. الاستعداد لفترة طويلة للعيش في حضور الكورونا، بما في ذلك امكانية اندلاع متجدد للوباء؛

5. استقرار أمني في ساحات المواجهة المختلفة، منع استغلال الوضع من الخصوم والاعداء في محاولة لضعضعة وضع اسرائيل الامني والسياسي؛

6. استنفاد الفرص الكامنة في أزمة الكورونا لتحقيق الاهداف السياسية – الامنية والاقتصادية لاسرائيل.

ان هذه التحديات التي تقف أمامها الحكومة الجديدة في اسرائيل صحيحة لكل مراحل ادارة أزمة الكورونا – الصد والاحتواء، استئناف نشاط الاقتصاد والمجتمع، الحياة في حضور الفيروس واليوم التالي للكورونا – وتحقيقها يستوجب نهجا خاصا. غير أنه على خلفية هذه الازمة، وبينما يتركز الاهتمام العالمي على التصدي لها، تنبعث فرصة، مزعومة، لبسط السيادة الاسرائيلية على مناطق المستوطنات في يهودا والسامرة.

بسط السيادة الاسرائيلية تحت غطاء أزمة الكورونا: فرصة “مزعومة”

يركز هذا البحث على الفكرة، بل وحتى النية، لاستنفاد ما يعد كفرصة لتحقيق بسط السيادة الاسرائيلية على مناطق في يهودا والسامرة تحت غطاء أزمة الكورونا،  ويستهدف تحليل وابراز المعاني المحتملة لخطوة في هذا الاتجاه، وفحص الفضائل والمخاطر الكامنة فيها سواء في محاولة تحقيقها أم في المستقبل “في اليوم التالي” للوباء.

ان القول “التوقيت هو كل شيء في الحياة” كفيل بان يبدو ساري المفعول في سياق ضم مناطق في يهودا والسامرة تحت غطاء أزمة الكورونا. من ناحية دولية، زعماء الدول كلهم منشغلو البال في مواجهة الفيروس في الساحة الداخلية؛ الولايات المتحدة منشغلة بصراعات القوى الداخلية قبيل الانتخابات للرئاسة في تشرين الثاني والكفيلة بالا يفوز الرئيس دونالد ترامب بولاية ثانية.سعي الرئيس ترامب لان يترك أثره على التاريخ وفي هذا السياق أيضا تطلعه لارضاء قاعدة الدعم الأساس له  – الجمهور اليميني الافنجيلي، يتناسب وفكرة ضم مناطق “البلاد المقدسة” لإسرائيل. وفي الساحة الداخلية لإسرائيل يظهر بوضوح الفهم بانه في الوقت الحالي تعد هذه فرصة ذهبة لبسط السيادة الإسرائيلية في مناطق يهودا والسامرة، لم تكن في الماضي ولعلها لن تعود أيضا في المستقبل القريب، ولا سيما اذا ما انتخب في الولايات المتحدة رئيس ديمقراطي. ويشارك في احساس الفرصة  رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى هو أيضا لان يخلف وراءه بسطا (جزئيا على الأقل) للسيادة الإسرائيلية على مناطق يهودا والسامرة (أي ضم جزئي) كجزء من إرثه الوطني الاستراتيجي.

وبالفعل، جاء في الاتفاق الائتلافي بين كتلة الليكود وكتلة أزرق أبيض برئاسة بيني غانتس: “في كل ما يتعلق بتصريح الرئيس ترامب (والمقصود هو خطة القرن)، سيعمل رئيس الوزراء ورئيس الوزراء البديل بالتوافق الكامل مع الولايات المتحدة، بما في ذلك في موضوع الخرائط مع الأمريكيين وفي حوار دولي في الموضوع، كل ذلك في إطار السعي للحفاظ على المصالح الأمنية والاستراتيجية لدولة إسرائيل بما فيها الحاجة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، الحفاظ على اتفاقات السلام والسعي الى اتفاقات سلام مستقبلية… رغم ما قيل أعلاه، وبعد أن تجرى مداولات ومشاورات بين رئيس الوزراء ورئيس الوزراء البديل في المبادئ المفصلة أعلاه، يمكن لرئيس  الوزراء أن يحمل التوافق الذي يتم مع الولايات المتحدة في موضوع بسط السيادة ابتداء من يوم 1/7/2020 الى البحث في الكابينت وفي الحكومة ولاقراره في الحكومة و/أو في الكنيست.

ان وعد نتنياهو الانتخابي – ضم غور الأردن وبسط السيادة الإسرائيلية في مناطق المستوطنات – نال مفعولا في مخطط الرئيس ترامب الذي يسمى صفقة القرن لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ونشدد هنا على ان بسط القانون أو بسط السيادة هما هكذا بالضبط، ومعناهما ضم مناطق في يهودا والسامرة. يشار الى ان للفصل بين المفهومين كان منطق فني – قانوني في حالة هضبة الجولان: فالمنطقة كانت جزءا من سوريا قبل حزيران 1967، إسرائيل لم تبسط على المنطقة القانون السوري ولهذا كان مطلوبا اطار قانوني آخر. وادعت إسرائيل في حينه بان بسط القانون في هضبة الجولان ليس بالضرورة بسطا للسيادة. وبالمقابل، في يهودا والسامرة فان المنطق هو بسط السيادة الإسرائيلية على المنطقة ولا يوجد ادعاء بان الحديث يدور فقط عن خطوة فنية لاعتبارات الراحة او لغرض قانوني. ومع ذلك، لان تعبير “الضم” يتضمن “في الغالب” تداعيات سلبية إذ أنه يمكن أن يفهم بان المنطقة لا تعود للجهة الضامة، فان المبادرين والمروجين للخطوة (على أنواعهم) يحرصون بشكل عام على الامتناع عن استخدامه ويفضلون التعاطي مع المسألة بتعابير “بسط القانون” او “بسيط السيادة”. معنى هذا التعبير هو أن  المنطقة تنتقل من مكانة منطقة محتلة الى مكانة انتماء لدولة إسرائيل بشكل كامل، بحيث أن الفلسطينيين فيها يصبحون سكان دولة إسرائيل – بكل الحقوق التي ينطوي عليها ذلك، مثل المواطنين في كل مكان آخر في الدولة.

توجد عدة أوصاف لبسط السيادة/الضم، كل جهة وطريقتها ونهجها:

1. ضم مناطق المستوطنات فقط، في خطوتين: 1. المنطقة المبنية ومحيطها القريب (اقل من 4 في المئة من أراضي يهودا والسامرة)؛ 2. إضافة اراضي الحكم للمستوطنات (قرابة 10 في المئة من المنطقة).

2. ضم الكتل الاستيطانية، تلك التي في اجماع واسع في أوساط الجمهور في إسرائيل، معظمها غربي مسار العائق الأمني (حتى 10 في المئة من المنطقة).

3. ضم غور الأردن (نحو 17 في المئة من المنطقة).

4. ضم كل مناطق ج (نحو 60 في المئة من المنطقة).

5. ضم كل المناطق  التي سترفق بأراضي دولة إسرائيل بموجب مخطط الرئيس ترامب. وهذه تشكل نصف المنطقة ج، التي هي 30 في المئة من أراضي يهودا والسامرة (17 في المئة – غور الأردن)؛ 3 في المئة – أراضي مستوطنات؛ 10 في المئة – الكتل الاستيطانية ومحاور حركة السير). وبالمقابل تسلم إسرائيل للسلطة الفلسطينية النصف المتبقي من المنطقة ج، واضافة الى ذلك جنوب جبل الخليل ومنطقتين في النقب ترتبطان بقطاع غزة.

كما هو مفصل ومشروح في “خطة القرن”، قبلت إدارة ترامب لأول مرة بالمطالب الإسرائيلية لضم كل المستوطنات، أراضي الكتل الاستيطانية وغور الأردن، حتى المرتفعات المسيطرة من غربي غور الأردن. اعتقد السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان بان إسرائيل ستنتظر حتى انتهاء عمل “لجنة الستة” – ثلاثة مندوبين أمريكيين وثلاثة إسرائيليين- التي ستكيف الخريطة المقترحة في الخطة مع الواقع على الأرض، كي تجعلها قابلة للتنفيذ. وعندها تعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية في المناطق غير المخصصة للدولة الفلسطينية. بمعنى أنه لأول  مرة في تاريخ محاولات تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، عرضت الإدارة في الولايات المتحدة شروطا تسمح لإسرائيل بان تضم مناطق من طرف واحد، دون مفاوضات مع طرف فلسطيني  وموافقة فلسطينية.

رفض الطرف الفلسطيني بكل ترتيباته مسبقا مخطط ترامب بل ونجح في أن يضم اليه في هذا الشأن دولا عربية ومعظم الأعضاء في الاسرة الدولية. ومع قيام الحكومة  في إسرائيل شجب صائب عريقات انشغال إسرائيل بموضوع الضم في زمن وباء الكورونا. وأوضح عريقان انه في ضوء ذلك اجرى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اتصالات مع كل دول العالم لتحقيق اجماع دولي يمنع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو من  تنفيذ الضم. كما شدد عريقات على أنه اذا قامت إسرائيل بالضم، فستلغى كل إنجازات مسيرة السلام  وستفرغ من محتواها المباديء التي أقيمت عليها هذه المسيرة، وانه اذا تجرأت إسرائيل على الضم فستنتهي تماما العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والولايات المتحدة. كما أن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، عقب على الاتفاق الائتلافي وأفاد: “نحن نشدد على أن كل ضم سيشكل خرقا لخطيرا للقانون الدولي وان موقف الاتحاد الأوروبي من وضع المناطق التي احتلتها إسرائيل في الـ 1967 يبقى على حاله، وسيبقى الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب الوضع وآثاره الاوسع وسيعمل بناء على ذلك”.

بالمقابل، في أوساط الجمهور اليهودي في إسرائيل، تحظى فكرة الضم بموقف يتراوح بين اللامبالاة والتأييد المتسع مع الوقت. وحسب نتائج استطلاع الرأي العام في مواضيع الامن القومي، والذي اجراه في أواخر 2019 مع بحوث الامن القومي، فان معدل التأييد لضم كل مناطق يهودا والسامرة هو 7 في المئة، واضافة الى ذلك –أيد ضم كل مناطق ج 8 في المئة من المستطلعين؛ أما ضم مناطق المستوطنات فأيده 13 في المئة. وضم كتلتين استيطانيتين ايده 26 في المئة. وردا على سؤال حول الخيار الأفضل لإسرائيل: أيد استمرار الوضع القائم 14 في المئة، والتسويات الانتقالية حتى الانفصال عن الفلسطينيين ايدها 23 في المئة؛ والسعي الى تسوية شاملة نال تأييد 36 في المئة؛ وضم الكتل الاستيطانية أيده 17 في المئة، فيما أعرب 9 في المئة من المستطلعين تأييدهم لضم كل يهودا والسامرة الى دولة إسرائيل.

وبالنسبة لردود الفعل المحتملة لخطوة تتخذها إسرائيل للضم من طرف واحد، ثمة تقديران متضاربان:

أ. يعتقد أحدهما أنه لن يقع شيء دراماتيكي، مثلما لم تهتز الأرض في اعقاب نقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس. فرد الفعل الطفيف على هذه الخطوة فسر بانشغال الساحة الدولة والإقليمية في مواضيع ونزاعات اكثر اشتعالا.  وهذه المرة، فضلا عن كون العالم منشغل بوباء الكورونا، بدا في السنوات الأخيرة تعب من الانشغال بمحاولة تحقيق تسوية إسرائيلية – فلسطينية، بدت غير مجدية، ويبدو أنه استوعب الانطباع بان النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني ليس المسألة الإشكالية المركزية في الشرق الأوسط. وحسب هذا التقدير كلما كان حجم الضم محدودا وضيقا، فان احتمال العاصفة في اعقابه متدن جدا.

ب. يتعاطى التقدير الثاني  بجدية مع التهديدات بالرد القاسي التي يطلقها الناطقون الفلسطينيون، ويتوقع ضغطا من جانب الجمهور الفلسطيني، ومن الجماهير في الدول المجاورة أيضا، اتخاذ رد شديد، بل بالقوة، على خطوات الضم. يقدر بانه لكل خطوة ضم من المتوقع مقاومة فلسطينية شديدة وعنيفة، عمليات إرهابية واضطرابات، كما من المتوقع آثار سلبية أخرى – نهاية عصر التنسيق الأمني بين إسرائيل وأجهزة امن السلطة؛ مس شديد بعلاقات السلام بين إسرائيل والأردن ويحتمل أيضا مع مصر؛ قطع العلاقات (غير الرسمية) مع دول الخليج؛ ووقوف الاسرة الدولية ضد إسرائيل، ربما حتى لدرجة فرض العقوبات والمقاطعة.

حتى وهي تتوجه بمفاهيم وفرضيات عاقلة، فان خطوات الضم هي خطوات إدارة انزاعات في ظروف من انعدام اليقين. في سياق وباء الكورونا،  تعرض حكومة إسرائيل نهجا حذرا جدا يستهدف التقليص قدر الإمكان لمخاطر الخسائر بالارواح، في ظل الاستعداد لدفع ثمن باهظ بتعابير اقتصادية وبنسيج الحياة الاقتصادية في إسرائيل. وبالمقابل واضح أن الجهات السياسية التي تتشكل منها الحكومة لا تردعها إمكانية دفع ثمن سياسي – امني جسيم، سيترافق وخطوة الضم، حتى لو تمت بموافقة أو حتى بمباركة إدارة ترامب، وتحت غطاء أزمة الكورونا – التي تعتبر فرصة لعمل ذلك بينما يتركز انتباه العالم في اتجاهات أخرى.ولهذا يتعاظم الاغراء لاتخاذ  ضم لمساحة ضيقة في حجمها، حتى وان كان على سبيل “بالون الاختبار” لفحص ردود الفعل قبيل الخطوات التالية (مثلا، ثم المنطقة المبنية فقط التي تشكل اقل من 4 في المئة من أراضي الضفة الغربية). يمكن أن نشبه هذه الخطوة “سرقة الجياد في الليل”. غير أنها تثبت عمليا بان ليس لإسرائيل نية حقيقة للوصول الى تسوية مع الفلسطينيين، وستجسد اعترافا إسرائيليا بان شرعية بسط السيادة في مناطق يهودا والسامرة محدودة ومشروطة أولا وأخيرا بتأييد رئيس امريكي ما.

فضلا عن ذلك تتصدى إسرائيل حاليا لتحديات اقتصادية،  صحية واجتماعية. ولكن السعي الى الانتعاش الصحي، الاقتصادي والاجتماعي السريع لا ينسجم وما ينطوي عليه استئناف الانتفاضة  وعمليات الإرهاب واطلاق الصواريخ من قطاع غزة من خطر.  وبحساب المخاطر، ما هو الوزن الذي ستعطيه حكومة إسرائيل لامكانية ان تعيد السلطة “المفاتيح” لدولة إسرائيل. وعندها ستضطر إسرائيل لتحمل المسؤولية عن عموم السكان الفلسطينيين بكل جوانبها، دون مساعدة من الاسرة الدولية (مثلما هو اليوم)، وفضلا عن ذلك، في وضع من  انتشار متجدد للكورونا. ما هو مدى الانصات الذي  يمكن ان تقدمه حكومة إسرائيل للتصدي المباشر لانتشار متجدد للوباء، والى جانبه ارتفاع كبير في الإصابة وفي الوفيات، وبالتوازي التصدي للازمة الاقتصادية وللحاجة الى الحرص على الرفاه الأساس للسكان الفلسطينيين في مناطق يهودا والسامرة التي ضمت (بالمخطط الضيق نحو 20 الف) وفي نفس الوقت ان تدير معركة عسكرية تتطلب تجنيدا لقوات الاحتياط؟

ان جملة الاثار السلبية كفيلة بان  تثير استياء جماهيريا ومقاومة جماهيرية لدفع الثمن الأمني والاقتصادي. ويحتمل أن تتطور عندها حركة احتجاج اجتماعي، ويخرج الناس الى الشوارع. واضافة الى ذلك، فان الاهتمام الذي كان في جهاز الامن لمعالجة الكورونا سيتحول الى التهديدات الأخرى في الساحات المتنوعة المحيطة بإسرائيل. ويمكن لقوات انفاذ القانون أن تجد نفسها في هذه الظروف تتحرك بين حفظ الحجر وانفاذ امر صحة الشعب وبين تفريق المظاهرات الجماهيرية ضد خطوة الضم داخل إسرائيل، في الوسط العربي واليهودي على حد سواء. وبعد ذلك – الارتباط بين الجماعات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي، غير الوثيق على أي حال، سيتحطم كنتيجة لخطوة الضم، وذلك بينما يكافح عموم  الجمهور ضد ذات الوباء في ظروف من المصاعب الاقتصادية والمستمرة والمتزايدة.  

ان الرغبة في منع انتقال الفيروس الى أراضي السلطة الفلسطينية دفعها لسلسلة خطوات مسؤولية وناجعة،  بما في ذلك التقليص الى الحد الأدنى لتشغيل العمال الفلسطينيين في إسرائيل. لقرارها هذا معنى اقتصادي فوري على إسرائيل وليس على الساحة الفلسطينية فقط.  قبل ازمة الكورونا، كان نحو 140 الف عامل فلسطيني يعملون في إسرائيل، ولا سيما في فروع البناء، الصناعة والزراعة. ووقف دخول العمال الى إسرائيل كخطوة رد من السلطة الفلسطينية على بسط السيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة، وعقب تصعيد أمني في مناطق السلطة يجبر إسرائيل نفسها على فرض اغلاق على المناطق، معناه سيكون ضرر إضافي يلحق بالاقتصاد الإسرائيلي وبقدرته على الانتعاش من أزمة الكورونا.

وبالنسبة للاسرة الدولية، مع أنها منشغلة الان بالكورونا، ولكنها هي ذات الاسرة التي تعارضة بشدة ضم إسرائيل لمناطق يهودا والسامرة، كلها أو جزء منها وهي ستتمسك بهذه المعارضة حتى بعد الكورونا أيضا. معقول الافتراض بان الرد على الخطوة، في ضوء الظروف، سيكون بطيئا. ومع ذلك فان الانتقاد والمعارضة سيأتيان. في  كانون الأول 2019 صرح بنيامين نتنياهو بفكرة الضم دون نية فورية او قدرة على تنفيذها. ومع ذلك رد على تصريحه في بيان شجب  من المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، باتو بنسودا. وحذر المستشار القانوني مندلبليت بان خطوة ضم قد تؤدي الى تحقيق جنائي دولي ضد جنود وضباط في الجيش،  موظفي الدولة بل ضد رؤساء السلطات في يهودا والسامرة حول عمل إسرائيل هناك.

لقد أوضحت الدول الأوروبية مرارا وتكرارا ضرورة وسم البضائع الإسرائيلية للمستوطنات. كما أن المخاطرة بخطوات جزئية من جانب دول الاتحاد الأوروبي ضد تسويق بضائع المستوطنات، تتخذ في اعقاب ضم بهذا الحجم او ذاك، هي مخاطرة زائدة. فخطوات رمزية أيضا يمكن أن تتسع وتتثبت. والرافعة الاقتصادية من جانب الاتحاد الأوروبي على إسرائيل يفترض أن يؤخذ بالحسبان: التصدير الاسرائيل  الى دول الاتحاد الأوروبي بلغ في النصف الأول من العام 2019 مقدار 9.1 مليار دولار – نحو 38 في المئة من اجمالي كل الصادرات الإسرائيلية. كما أن من المهم التفكير بإمكانية أن يكون في كانون الثاني 2021 يجلس في البيت الأبيض جو بايدن ومن المعقول الافتراض بانه سيحل نتيجة لذلك تغيير في سياسة الإدارة الامريكية من المسألة الفلسطينية.

في الساحة الإقليمية – العلاقات مع الأردن ستهتز لدرجة الخطر الملموس على وجود اتفاق السلام. والضم قد يحرك مشاورات عربية وإسلامية علنية لمعارضة الخطوة وعليه حتى لو كان  يظهر  تعب من القضية الفلسطينية، فان الأنظمة سترد استجابة لضغط الشارع على خطوة ضم عدوانية ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني بل وضد الامة العربية كلها. صحيح أنه ظهر في العالم العربي في العقد الأخير رغبة متبادلة لتقدم العلاقات مع إسرائيل على أساسمصالح استراتيجية مشتركة، ولكن لا ينبغي الاستنتاج من ذلك بانه يوجد أساس متين من ناحية الدول في المنطقة للتسليم بخطوة ضم أحادية من جانب إسرائيل.

الخلاصة

ان  بسط السيادة من طرف واحد في أراضي يهودا والسامرة دون محاولة حقيقية للوصول الى تسوية مع السلطة الفلسطينية بل وفي الوقت الحالي لازمة الكورونا، ليس فقط لن يحسن الوضع الاستراتيجيلإسرائيل وقدرتها على التصدي للتحديات الحالية والمستقبلية – بل سيقوض الرؤيا الأساس والفكرة التأسيسية لدولة إسرائيل وكونها دولة تسعى للسلام مع جيرانها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى