ترجمات عبرية

INSS– بقلم الداد شافيت ويوئيل جوجانسكي – الولايات المتحدة والسعودية تعيدان احتساب المسار

INSS–  بقلم  الداد شافيت ويوئيل جوجانسكي – 10/3/2021

” السعودية، رغم الاستياء الكبير في واشنطن من سلوكها في سياقات حقوق الانسان، وكذا على خلفية الحرب المستمرة، كثيرة الضحايا التي تخوضها في اليمن، هي لاعب اقليمي مركزي من الصعب تجاهله دون ان تتضرر مصالح امريكية في المنطقة “.

حقق الرئيس الامريكي جو بايدن وعده الانتخابي ونشر تقرر غير مصنف لاسرة الاستخبارات الامريكية، والذي يقدر بان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤول بحكم منصبه ومكانته عن قتل الصحافي السعودي خاشقجي في السفارة السعودية في تركيا (تشرين الاول 2018). ويأتي النشر في سياق تنفذه الادارة الامريكية الجديدة منذ قيامها – “اعادة التقويم” للعلاقات الامريكية مع السعودية. وذلك بعد أن شهدت العلاقات بين الدولتين في اثناء ولاية الرئيس دونالد ترامب ازدهارا ومنظومة علاقات حميمية. سبق نشر التقرير مكالمة مع الملك السعودي شدد الرئيس بايدن في اثنائها، ضمن امور اخرى، على نيته في أن يضمن ان  تكون العلاقات بين الدولتين  “قوية وشفافة”.

تبرز رسائل الناطقين الكبار بلسان الادارة، والتي نشرت منذ نشر التقرير، من جهة، نية امريكية للحرص من الان فصاعدا على حقوق الانسان – ضمن امور اخرى كمسألة ستكون لها تداعيات على العلاقات بين واشنطن والرياض. على هذه الخلفية فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المشاركين في الاغتيال وهي تبقي لنفسها الحق في اتخاذ مزيد من الاجراءات. ومن جهة اخرى، تشدد الرسائل على أن السعودية هي شريك استراتيجي وان للعلاقة الوثيقة معها أهمية في تحقيق المصالح الامريكية. والى جانب فرض العقوبات والمنشورات بانه يدرس تنفيذ صفقات السلاح التي اتفق عليها في عهد الادارة السابقة تشدد الادارة على أنها غير معنية بالشرخ مع السعودية وانها ستواصل منحها الحماية اللازمة ضد التهديدات الخارجية. نشدد هنا بان الادارة تتعرض لضغوطات شديدة من جانب مشرعين ديمقراطيين يدعون الى تشديد الاجراءات ضد السعوديين، بما في ذلك طلب فرض عقوبات على ولي العهد ووقف تام لصفقات السلاح مع المملكة.  

وفي خلفية فحص العلاقات مع السعودي يوجد ايضا قرار الادارة الجديدة وقف دعم الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده المملكة في الحرب في اليمن وازالة الحوثيين عن قائم الارهاب، وذلك في اطار التطلع الى انهاء القتال والتركيز على المساعدة الانسانية لليمن.

رفض السعوديون من جهتهم التقرير وشجبوا استنتاجاته، ولكنهم لا يتجاهلون الروح الجديدة التي تأتي من واشنطن ويجرون توافقات في سياستهم. وحتى قبل نشر التقرير بدأت الرياض تجري تغييرات في السياسة الداخلية في ضوء التشديدات التي من المتوقع للادارة الجديدة في واشنطن أن تتبناها. وضمن هذه الاجراءات: نشر اصلاح دستوي شامل وتحرير عدد من السجناء وعلى رأسهم نشيطة حقوق نساء رائدة (خطوة نالت بالفعل الثناء من جانب الادارة الامريكية).

رغم عدم اليقين الذي يحيط في الوقت الحالي مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، فالتقدير هو أن تصريح ادارة بادين بانها “تعيد تقويم” علاقاتها مع المملكة لا يستهدف تدهور العلاقات بل يعكس من ناحيتها رغبة في تصميم العلاقات مع القيادة السعودية بشكل يتناسب معها ويسمح بمواصلة الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين. في نظر الادارة، فان نهجا موضوعيا من الطرفين، يأخذ بالحسبان مصالح كل منهما، هو الذي سيسمح بالحفاظ على منظومة العلاقات المتبادلة. واضح للادارة ايضا بان للعلاقات مع السعوديين تأثيرا مباشرا على القدرة الامريكية لتحقيق اهداف الادارة في الشرق الاوسط، بما فيها قدرة التصدي للنشاط الايراني العدائي في  المنطقة، الدفع الى الامام باتفاقات ابراهيم وانهاء الحرب في اليمن.

يمكن التقدير بانه لان العلاقات بين الرياض وواشنطن تقوم على اساس المصالح المشتركة، فانهما ستعرفان كيف تتغلبا على الخلافات بينهما، مثلما في الماضي. فضلا عن ذلك، فان الرئيس بايدن يعرف الشرق الاوسط ومن المتوقع له أن يتخذ نهجا عمليا – وان كان الى جانب المطالبة المشددة في الحفاظ على حقوق الانسان. ستتطلع الادارة الى ايجاد التوازن الدقيق بين حرصها على قيمها وبين تفهمها لاحتياجات المملكة. والقرار بعدم فرض عقوبات مباشرة على ولي العهد بل فقط على المشاركين الاخرين في قتل خاشقجي، بدعوى ان الولايات المتحدة لا تفرض عقوبات على زعماء دول توجد لها معها علاقات دبلوماسية، يعكس فهما بان بن سلمان يوجد هناك كي يبقى، واغلب الظن لزمن طويل آخر. كما ان من المعقول أنه حتى لو كان ابن سلمان مقصيا حاليا في واشنطن، فستجد الادارة لاحقا السبل لاجراء الحوار معه ايضا، عقب دوره المركزي والمؤثر في القيادة السعودية.

ان الجهد الامريكي للسير بين القطرات يعكس ايضا التقدير بانه لن يكون من الصواب من ناحيتها  دحر السعوديين الى الزاوية اكثر مما ينبغي، وذلك لان اجراءات حادة جدا ضد الرياض من شأنها ان تضر اكثر مما تنفع للمصالح الامريكية. ومثل اسرائيل، فان مفهوم الامن السعودي يعتمد ضمن امور اخرى على الفهم في اوساط خصومها بان الولايات المتحدة تمنحها الدعم والاسناد. وحفظ تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة هو مصلحة عليا للسعوديين ايضا، ويوجد لذلك معنى ايضا لمكانة ابن سلمان في الداخل. في  سيناريو متطرف، فان تطورا سلبيا في علاقات المملكة مع الولايات المتحدة من شأنه ان يمس بالاستقرار الداخلي في المملكة (مثلا، دحر ولي العهد الى الزاوية، عزله ومقاطعته يمكن أن يشجع معارضيه على محاولة ابعاده عن الموقع الاساس بل واستبداله). معقول ان الامريكيين واعون بان اضعاف السعودية وتقويض العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة ستعمق الدافع الايراني للمس بالمملكة. فضلا عن ذلك، من المتوقع لمثل هذا الواقع ان يقرب بين الرياض وبين بيجين وموسكو.

اضافة الى ذلك، فان الخطوات التي اتخذتها الادارة حتى الان مع السعودية، من شأنها أن تتخذ صورة سلبية في نظر باقي دول الخليج: من غير المستبعد ان في نظرها يجري “بث معاد”  لاجراءات اتخذتها ادارة اوباما في الشرق الاوسط، والتي اثارت الانطباع بانه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة كي تقف الى جانب حلفائها في المنطقة عند الازمة. ومع أن هذه الامكانية كفيلة بان تشجعها على توثيق علاقاتها الامنية مع اسرائيل ولكن ايضا على تقارب مدروس مع ايران. في كل الاحوال، في مثل هذه الحالة، من المتوقع تشديدا اقليميا اقل من جانبها، انطواء لمعالجة شؤونها الداخلية بل وحوارا مع ايران.

لتطور العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية سيكون تأثير ايضا على اسرائيل واساسا على اهتمامها بمواصلة ميل التطبيع الاقليمي – تعميق الاتفاقات القائمة بينها وبين دول في الخليج وضم دول اخرى للمسيرة وعلى رأسها السعودية. كما توجد اهمية كبيرة لحماية الجبهة السياسية والامنية الاقليمية امام ايران والتي هي السعودية جزء هام فيها. من هنا فان لاسرائيل مصلحة واضحة في أن يكون الضرر الامريكي للعلاقات بين واشنطن والرياض طفيفا وقابلا للتراجع قدر الامكان. وبالتالي فان على اسرائيل أن تعرض على الادارة الامريكية التداعيات المحتملة للضغوط على السعوديين ولكن أن تدافع عن السعوديين بحذر وسرية، إذ ان تماثلا اسرائيليا ظاهرا مع المملكة بعامة ومع ابن سلمان بخاصة، الذي يتعرض اليوم الى انتقاد حاد  ولا سيما في اوساط الحزب الديمقراطي، من شأنه ان يمس بالحوار بين القدس وواشنطن.

في السطر الاخير: السعودية، رغم الاستياء الكبير في واشنطن من سلوكها في سياقات حقوق الانسان، وكذا على خلفية الحرب المستمرة، كثيرة الضحايا التي تخوضها في اليمن، هي لاعب اقليمي مركزي من الصعب تجاهله دون ان تتضرر مصالح امريكية في المنطقة. فوزنها الاقتصادي، الديني والسياسي هو ذخر هام لكل ادارة امريكية تسعى لان تكبح ايران وتقلص التدخل الصيني والروسي في الشرق الاوسط. كما أنه مطلوب للسعودية الشراكة مع الولايات المتحدة، التي هي في الوقت الحالي القوة العظمى العالمية الوحيدة القادرة على أن تقدم لها جملة قدرات استراتيجية وسياسية، اكثر بكثير من منافساتها. هذا اللقاء في المصالح سيسمح لواشنطن والرياض بالتغلب على الخلافات بينهما والابقاء على العلاقة الوثيقة التي ميزت علاقاتهما في السنوات الاخيرة – حتى لو كانت سياسة الادارة الحالية مختلفة عما اعتادت عليه المملكة في عهد الادارة السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى