ترجمات عبرية

INSS – بقلم غال بيرل فينكل – الحرب التالية لن تراعي اضطرارات السياسة او الوضع

INSS – بقلم غال بيرل فينكل – 9/12/2020

” رغم التقدير السائد بان خطر الحرب متدنٍ، في الوقت الحالي بالذات، ولا سيما حتى استقرار الادارة الجديدة في الولايات المتحدة، من الحيوي الحفاظ على مستوى اهلية وجاهزية عالية للجيش تمهيدا لتطورات غير متوقعة، ولا سيما حيال المحور الايراني – الشيعي في الساحة الشمالية، بما في ذلك لبنان، سوريا وغرب العراق  “.

في منتصف تشرين الثاني نفذ الجيش الاسرائيلي غارة جوية واسعة علنية ومعلنة في سوريا. وكما وصف الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي كانت هذه عملية رد على ساحة عبوات ناسفة قرب استحكام 116 في هضبة الجولان، والتي زرعت بتوجيه من وحدة 840 التابعة لقوة القدس الايرانية، التي تستخدم متطوعين سوريين في الاعمال الارهابية. اصاب الجيش الاسرائيلي ثمانية اهداف وبينها مخازن للوسائل القتالية، بطاريات صواريخ ارض – جو، قيادة قوة القدس وقيادة الفرقة 7 السورية، في اثناء ذلك قتل عدد من الجنود السوريين والايرانيين. وذلك بينما منذ تموز الماضي توجد قيادة الشمال في تحفز مضاعف حيال حزب الله بعد الهجوم الذي نسب لاسرائيل في سوريا والذي قتل فيه نشيط من المنظمة.

زعيم حزب الله، حسن نصرالله، طرح في حينه معادلة بموجبها ستجبي المنظمة ثمنا بحياة الانسان ردا على كل نشيط للمنظمة يقتل في لبنان او في سوريا. وبالفعل، حاول حزب الله عدة مرات “تصفية الحساب” مع اسرائيل،  ولكن دون نجاح. وهكذا مثلا، في آب اطلق قناصة حزب الله  النار نحو قوة من الجيش الاسرائيلي على الحدود اللبنانية قرب المنارة. ورد الجيش الاسرائيلي من الجو وهاجم مواقع لحزب  الله مجاورة للحدود في لبنان (بخلاف الرد في حدث سابق: تسلل خلية قناصة حزب  الله الى هار-دوف والتي سمح الجيش الاسرائيلي لاعضائها بالفرار). وقال اللواء امير برعم، من خريجي المظليين الذي يقود المنطقة الشمالية ان الهجوم استهدف الايضاح لحزب الله بان: “فقدت موقعين على نار بلا مصابين. لنعلمك كيف ترد على نار مع مصابين”. وبالتوازي نسب لاسرائيل عدد آخر من الهجمات ضد قواعد قوات ايرانية في سوريا، مثابة اشارة لنصرالله بان المعادلة التي طرحها لا تردع اسرائيل. ولكن التوتر لم ينتهِ وقد عاد ليشدد منذئذ بان الثمن لم يجبى بعد.

صحيح أن التوتر يدار حتى الان “على نار هادئة” ولكن مثلما حصل في الماضي، سواء في ساحة الجنوب ام في ساحة الشمال، يوجد الطرفان على مسافة بضع خطوات عن التصعيد الكفيل بان يتطور الى حرب. وبشكل يشبه السلوك بين اسرائيل وحماس، يبدو أن اسرائيل وحزب الله تبنتا المفهوم الذي يعتقد بان  التصويت سيتلخص في بضعة ايام قتالية سيكون ممكنا احتواؤها وادارتها بشكل منضبط. ولكن احتمال الضرر للتصعيد في الساحة الشمالية، والذي يفوق بقدر كبير حجم الضرر الذي من شأن حماس أن تلحقه باسرائيل، يمكن أن يؤدي باسرائيل وحزب الله ان يجدا صعوبة في التحكم بالتطورات ومنعها من أن تتحول الى معركة واسعة.

في كل فحص لوضع اسرائيل الاستراتيجي يجب أن يدرج الى جانب هذا التوتر المتواصل متغيرات اضافية، بينها عملية الانتقال بين ادارة الرئيس دونالد ترامب وادارة الرئيس المنتخب جو بايدن والتي في اثنائها يمكن للولايات المتحدة ان تهاجم اهدافا ايرانية في المنطقة – سواء كرد على هجوم على قواتها في العراق وفي شرق سوريا أم بهدف ضرب المشروع النووي – تطور كفيل بان يجر ردا ايرانيا بواسطة فروعها ضد اسرائيل ايضا. وكل هذا بينما تتصدى اسرائيل لوباء الكورونا وللازمة السياسية.

اسرائيل هي دولة قوية، مع منظمات حكم مستقرة وتؤدي مهامها، ولكن الشلل السياسي في عملية اتخاذ القرارات، بما في ذلك في مواضيع الامن، يمس بجاهزية جهاز الامن لتصعيد امني. منذ اقامة الحكومة، قبل اكثر من نصف سنة، لم يرتب ويجاز قانون الميزانية، بما في ذلك ميزانية الدفاع، لم تتقرر مشتريات الاجهزة والوسائل القتالية الجديدة ولم تقر الخطة متعددة السنين التي عرضها رئيس الاركان افيف كوخافي “تنوفا”. وكما اشار مؤخرا مدير عام وزارة الدفاع، اللواء احتياط امير ايشل، فان ملاءمة عمليات التأهيل، بما في ذلك ايضا شراء وتلقي وادراج  منظومات قتالية او طائرات جديدة، يستغرق وقتا واسرائيل تستخدم جزءا من طائراتها، المروحيات مثلا في ما يتجاوز جدا ما يقصده المنتج.

اضافة الى ذلك، وكما كشف في سياق الرحلة الاخيرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى السعودية، وكذا في المسيرة السياسية التي أدت الى توقيع اتفاقات ابراهيم، فقد اقصي وزراء كبار وهيئة الاركان ولم يشاركوا في  الاعداد والمسيرة نفسها. خطاب سليم، دائم ومتواصل بين  الحكومة والجيش هو عنصر حرج في قدرة اسرائيل على اتخاذ قرارات حيوية في المجال الامني بالنسبة لبناء القوة، وليس اقل اهمية من ذلك – في مجال استخدام القوة. في حالة التصعيد في الشمال، فان قدرة قادة الجيش ومسؤولي القيادة السياسية على ادارة حوار سريع ومرتب، يقوم على اساس الثقة والمعرفة، هي حيوية لقدرة اسرائيل على ادارتها بنجاح.

على هذه الخلفية ينبغي الترحيب باصرار رئيس الاركان كوخافي على تنفيذ اجزاء حيوية من خطة “تنوفا”، وكذا اجراء المناورة متعددة المنظومات “سهم فتاك”، في نهاية تشرين الاول والتي كانت تمثل معركة في اكثر من ساحة وتنفذ بمشاركة قوات الاحتياط. الى جانب هذه المناورة جرت تدريبات اخرى لقوات النظامي والاحتياط وتدريبات اخرى مستقبلية ستجرى في الاشهر القريبة القادمة.

ان القوة الجوية الاسرائيلية هي قوة ناجعة وفتاكة، تعرف كيف تعمل في اطار هجمات كبيرة على نحو خاص. وتبلور في سلاح الجو مفهوم الضربات، بحجم ودقة عاليين، حين يكون على كل ضربة ان تحدث دمارا وضررا للعدو يتجاوز توقعاته لقدرات ونوايا الجيش الاسرائيلي. وستوجه هذه الضربات لمنظومات العدو الحرجة لادائه العملياتي وتنفيذ استراتيجيته مما يؤدي الى اخفاق متعدد المنظومات واجباره على توظيف معظم مقدراته في الدفاع وفي اعادة الترميم.

وبالمقابل، يحتمل بالتأكيد الى جانب القوة الجوية ان تكون اسرائيل مطالبة بجهد بري استكمالي، عدواني وسريع يضرب نشطاء العدو في مناطقهم، يخلق في اوساطه احساسا بالملاحقة وانعداما لليقين كما يكشف  اهدافا لهجوم دقيق بالنار. في مفهوم  الجيش، في  المناورة البرية انكشفت في السنوات الاخيرة فجوتان مركزيتان: في القدرة على توفير رد على نار المقذوفات الصاروخية والصواريخ نحو الجبهة الاسرائيلية الداخلية وفي القدرة على حرمان العدو بسرعة وبتواصل من قدراته في مراكز ثقله. وبالتالي تبلور في الذراع البري في الجيش الاسرائيلي مفهوم مناورة يتمثل بالتثبيت، الكشف، الجمع، الضرب، الهجوم وبموجبه ستوفر للقوات المناورة قدرات استخبارية وكشف مضاعفة، بحيث تتمكن من العثور على العدو، ضربه، وحرمانه من القدرات من خلال النار الدقيقة والمناورة السريعة والفتاكة. في كل الاحوال، فان المجالات الواسعة في لبنان والمناطق المدينية  المكتظة في  قطاع غزة ستستوجب استخداما لحجوم واسعة من القوات، وبالتأكيد في حرب متعددة الجبهات ومن هنا ايضا استخدام قوات الاحتياط، إذ ان الجيش النظامي وحده لن يكفي. وهنا تكمن فجوة ثالثة في جاهزية الجيش الاسرائيلي الا وهي اهلية القوات. ومن أجل أن تكون للجيش الاسرائيلي قدرة برية مؤهلة، رغم الاضطرارات، فان عليه أن يتدرب خشية أن تجد اسرائيل نفسها مع جواب ناقص على التهديد.

في حديث اجراه عشية المناورة، في الجليل، مع قادة لواء المظليين قال رئيس الاركان كوخافي: “لا يمكن تحقيق الانجاز على اعدائنا بدون المناورة”، حذر من الوهم في أن تقع المعركة التالية بعد زمن طويل وقال للقادة: “استعدوا لان تقع هذه غدا”.

الى جانب مستوى الجاهزية العالي، فان عادة التدريب المعقولة هي تحد للجيش الاسرائيلي من يوم تأسيسه، وذلك لان الجيش الاسرائيلي يعيش على نحو دائم تقريبا في مواجهة مع تهديدات ملموسة. ولكن خوض التدريبات في ضوء وباء الكورونا هو تحد مركب، إذ ان للاضطرارات العادية التي يعيشها رجال الاحتياط، ولا سيما الحاجة للمناورة بين متطلبات الرزق والعائلة وبين الخروج الى الاحتياط تضاف امكانية الاصابة بالمرض في اثناء التدريب. وهذا تخوف مسنود، لانه في بعض من التدريبات اصيب النار ومرضوا.

ومع ذلك، كما قال رئيس الاركان، فان اعداء اسرائيل لن يراعوا اضطرارات الكورونا او غيرها من الاضطرارات السياسية وعليه فان على الجيش الاسرائيلي ان يرتب في أقرب وقت ممكن نظاما واضحا يتضمن تعويضا مناسبا لمعالجة المرضى او من اضطروا لان يبقوا في الحجر في اعقاب تدريب الاحتياط والاصرار على اجراء التدريبات. مثل هذا الترتيب سيوضح لقوات الاحتياط بانهم ذخر هام في نظر الجيش ويعزز ثقتهم به كما سيزيد اهمية التدريبات في نظرهم. ان اجراء التدريبات، الى جانب النشاط الهجومي والمبادرات من الجيش الاسرائيلي في الساحات المختلفة يعزز صورة الردع الاسرائيلية ويوضح جاهزيتها للمعركة وان كانت لا تتطلع اليها.

وختاما، رغم التقدير السائد بان خطر الحرب متدنٍ، في الوقت الحالي بالذات، ولا سيما حتى استقرار الادارة الجديدة في الولايات المتحدة، من الحيوي الحفاظ على مستوى اهلية وجاهزية عالية للجيش تمهيدا لتطورات غير متوقعة، ولا سيما حيال المحور الايراني – الشيعي في الساحة الشمالية، بما في ذلك لبنان، سوريا وغرب العراق. للجيش الاسرائيلي دور الراشد المسؤول – بالذات في هذا الوقت عندما نجد أن اتخاذ القرارات السياسية وقدرة الحكم في اسرائيل تدار بمستوى منخفض. ان جاهزية وصورة عملياتية عاليتين وبارزتين ستساعدان على ردع  عناصر المحور من محاولات طرح تحديات امنية فظة في وجه اسرائيل تكون ذات امكانية تدهور الى معركة شاملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى