ترجمات عبرية

معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي – بقلم أورنا مزراحي وآخرون – بمرور سنة على الثورة في لبنان – الوضع الداخلي تفاقم دون أمل يلوح في الأفق

نظرة عليا– بقلم  أورنا مزراحي وآخرون – 5/11/2020

بمرور عام على اندلاع الاحتجاج الضخم، يبدو أنه حتى هذه اللحظة قد فشل فشلاً ذريعاً: في لبنان يعانون من أزمة رباعية –اقتصادية وسياسية وصحية، إلى جانب تداعيات الكارثة الفظيعة في مطار بيروت، دون حل يلوح في الأفق. ماذا يخبئ المستقبل لدولة الأرز وكيف يتوجب على إسرائيل التصرف؟ “.

في 17 أكتوبر أحيوا في لبنان الذكرى السنوية لاندلاع “ثورة أكتوبر” بمظاهرات مقلصة مقارنة بتلك التي وقعت لدى اندلاع الاحتجاج، والذي شارك فيه مئات الآلاف من كل الطوائف. بمرور عام -خلاله عانت لبنان من أزمة رباعية: اقتصادية، سياسية وصحية إلى جانب الكارثة الفظيعة في الميناء- يمكن القول، بأنه حتى هذه اللحظة فإن هذه الثورة قد فشلت. الدعوة لتحسسين الوضع وتعديل النظام السياسي بقي بدون إجابة والوضع في الدولة فقط أصبح أكثر خطورة. لبنان تحولت إلى دولة فاشلة؛ وضع الجممهور اليائس ازداد سوءاً؛ والقيادة السياسية الفاسدة حافظت على مكتسباتها وبقيت كما هي- بما فيهم رئيس الحكومة الحريري الذي استقال في بداية الثورة، ولكنه استلم مؤخراً كتاب التعيين لتشكيل حكومة جديدة، حيث ظل وعده بإجراء إصلاحات بروح “المبادرة الفرنسية” بحاجة إلى إثبات. هكذا، ما زالت الطريق طويلة لتحقيق تغيير في لبنان، مع ذلك نوصي اسرئيل بأخذ دور حتى وإن كان بصورة غير مباشرة في الجهود الغربية لإعادة الاستقرار للجارة الشمالية، مع تقليص تأثير نفوذ حزب الله وتحييد الاخطار الذي يخلقها لإسرائيل وللبنان وللمنطقة على حد سواء.

“الثورة” في لبنان اندلعت في أكتوبر 2019 بصورة تلقائية كـ”احتجاج واتس أب”، في أعقاب ضرائب جديدة فرضتها الحكومة وقد امتدت لكل أرجاء لبنان، مطالبةً بإجراء تغييرات في النظام السياسي الذي تشكل بعد “اتفاق الطائف” (1989) على أساس طائفي وتغيير القيادة الفاسدة كلها، على أمل تحسين شروط الحياة. لقد استمرت الثورة بموجات على طول العام، ولكن طابعها تغير من مظاهرات يشارك بها العديدين في بدايتها، والتي حملت طابع احتفال وطني في جو كرنفالي إلى مظاهرات أصغر بسبب وباء الكورونا- ولكنها كانت أكثر عنفاً. هذا دون أن تنجح في أن تؤدي إلى تغيير وكتعبير عن يأس متزايد.

الأزمة الاقتصادية

وباء الكورونا الذي اندلع في آذار والذي وصل في هذه الأيام إلى أرقام قياسية جديدة من المصابين وإلى حالة قصور في المستشفيات- زاد أكثر من حدة الأزمة الاقتصادية الصعبة التي أحاقت بلبنان في السنوات الأخيرة- والتي تتأثر بالشلل السياسي، وبالفساد وحتى من تداعيات الوضع في سوريا (بما في ذلك لاجئين من هناك) وقبل ذلك، فإن لبنان فشل في سداد قرض ال30 مليار دولار للاتحاد الأوروبي. الليرة اللبنانية بيعت بمستويات تصل إلى 7 الاف إلى 8 الاف ليرة للدولار (في حين أن سعر التحويل الرسمي يبلغ 1500 ليرة). تقديرات بخصوص معدل البطالة تتراوح بين 30-60%. الانخفاض في التحويلات المالية من جانب لبنانيين في الخارج إلى دولتهم الأم والانخفاض في المدخولات من السياحة قلّص المدخولات من العملة الصعبة. أيضاً فرع البنوك، والذي يشكل عاملاً رئيسياً في الاقتصاد اللبناني تضرر في سنة 2019 ومن المتوقع أن يظهر خسائر بالغة أيضاً في 2020. في أعقاب الوباء حدث إبطاء آخر في النشاط الاقتصادي بسبب الإغلاقات: مئات المشاريع انهارت ونسبة العاطلين والجوعى ارتفعت. بالرغم من ذلك الجوع واليأس الذي تملّك سكان لبنان تغلب على الخوف من الوباء ،والاحتجاجات في الشوارع لم تتوقف، حتى ولا في الموجة الثانية والأخطر الحالية.

لقد أضيف إلى المشاكل الاقتصادية للبنان أيضاً أضرار الانفجار المدمر في بيروت في آب 2020، والذي ترك خلفه بالإضافة إلى حوالي 200 قتيل وآلاف الجرحى، أيضاً حوالي 300 الف لا يملكون مأوى ودمار كبير. محافظ بيروت قدر (كتقدير أولي) أن تكلفة اصلاح الأضرار المباشرة التي وقعت من المتوقع أن تصل إلى 3-5 مليار دولار، وبإضافة التكلفة والأضرار غير المباشرة وبعيدة المدى، من شأن المبلغ الإجمالي للأضرار أن يصل إلى 10-15 مليار دولار. حسب تنبؤات وحدة الأبحاث للأوكونوميست (من أكتوبر 2020)، فإن الناتج اللبناني من المتوقع أن يتقلص لحوالي 20%  في سنة 2020 وأيضاً سنة 2021 من المتوقع أن تكون سنة صعبة جداً على اقتصاد لبنان. صحيح، أن الكارثة الشديدة سرّعت استعداد الغرب للتجند ومساعدة لبنان ولكن هذا مع استمرار اشتراط المساعدة بإصلاحات عميقة بروحية مطالب المتظاهرين. هكذا، فإن المفاوضات ما بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية شكّلت نقطة ضوء منعزلة إزاء الإمكانية الكامنة الاقتصادية في استخراج الغاز من حقول الغاز البحرية بواسطة شركات أجنبية، ولكن أيضاً هذه المفاوضات حتى الآن لا تتقدم، وعلى كل الأحوال فإن المكاسب من الغاز من المتوقع أن تأتي في المدى الأبعد.

الأزمة الاقتصادية تؤثر أيضاً على حزب الله الذي يعاني من ضغوط مالية، نابعة أيضاً من تخفيض المساعدة المالية من إيران، والتي زادت من دافعية الحزب للحفاظ على توليه للوزارات الحكومية ذات الأهمية الاقتصادية (مثل وزارة الصحة ذات الموازنات العالية ووزارة الماية) من أجل السيطرة على موارد الدولة، وتعزيز قوته وتحويل موارد لمؤديه. في نفس الوقت، سيطرة مؤيدي حزب الله على مواقع رئيسة والخوف من ان يؤثروا على الأهداف التي ستصل اليها المساعدة الاقتصادية التي ستحصل عليها الدولة، على سبيل المثال في كل ما يتعلق في باختيار مشاريع مدنية سيتم تمويلها واختيار مقاولي التنفيذ من شأنه أن يردع شركات غربية من العمل في لينان، خوفاً من رد مضاد أمريكي.

الشلل السياسي

لقد أدى اتساع نطاق التظاهرات إلى استقالة الحكومة برئاسة سعد الحريري (29 تشرين أول 2019)- ولكن بعد عام من المحاولات غير المجدية، عاد الحريري للحلبة السياسية، ولنفس الوظيفة بالضبط. إن النقاش حول طابع الحكومة وتوزيع الحقائب خلق شللاً إزاء عدم استعداد النخبة المسيطرة القديمة للاستجابة لمظاهر المتظاهرين لاستبدالها بوزراء مهنيين وأيديهم نظيفة، وكذلك أيضاً لمطالب صندوق النقد الدولة بإصلاحات عميقة قبل أن يتم تحويل مساعدة اقتصادية. فعلياً تم إحباط كل اقتراح كان من شأنه أن يقلص من المكاسب الاقتصادية والسياسية للنخبة. حزب الله، والذي يؤيد الحفاظ على الوضع الراهن، والذي يضمن مكانته الخاصة وتأثيره على اتخاذ القراررات، نجح في أن يدفع قدماً سوياً مع معسكره تشكيل حكومة دمى (نهاية كانون أول 2019)، والتي شُكلت كما يبدو كحكومة تكنوقراط برئاسة حسن دياب. هذه الحكومة فشلت في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أو في إجراء تغييرات، والأمل بأن تنجح في تهدئة غصب الجماهير قد خاب: المظاهرات استمرت، وحتى أنها تحولت من كانون ثاني 2020 إلى مظاهرات أكثر عنفاً. هذه الحكومة استقالت هي أيضاً (10 آب) في أعقاب الغضب في الشوارع بعد الكارثة الشديدة في ميناء بيروت (4 آب) حيث كان في الخلفية تفاقم الأزمة الثلاثية: الاقتصادية- السياسية -الصحية. في بيان استقالته اتهم ذياب السياسيين الفاسدين الذين منعوه من اجراء أي تغيير وقال: “اكتشفنا أن الفساد أكبر من الدولة”.

المحاولة الأخرى لتشكيل حكومة جديدة برئاسة شخص من وزارة الخارجية، وهو سفير لبنان في المانيا مصطفى أديب، أُفشلت هي أيضاً على يد “الثنائي الشيعي- حزب الله وحزب أمل” واللذان أصرا أن يحصلا على وزارة المالية والتاثير على تشكيلة باقي الوزراء. في خطاب القاه الرئيس عون (21 تشرين أول) بدا يأسه، وهو يوجه أصبع الإتهام تجاه السياسيين الفاسدين. في غياب مرشح سياسي آخر، الاتفاق الوحيد الذي كان بالإمكان التوصل إليه بالتشاور ما بين زعماء النخبة الحاكمة كان إعادة تسمية سعد الحريري لتشكيل حكومة جديدة في مخالفة تامة لمطالب المتظاهرين: الذين طالبوا بتغيير كل القيادة، ولكن هذه القيادة بقيت كلها على حالها.

الاستعداد لبدء مفاوضات مع إسرائيل حول الحدود البحرية (14 تشرين أول) تعكس هي أيضاً عمق الضائقة لمجمل الأطراف السياسية في لبنان بما في ذلك حزب الله، والذي وافق على ذلك خلافاً لموقفه حتى الآن، على الرغم من ضائقة هذا التنظيم، والذي يتعرض لضغوط من الداخل والخارج، فإنه يواصل كونه عاملاً رئيسياً من خلف الكواليس في إدارة المفاوضات حيث أنه يمسك بيديه القدرة على التاثير على كل عملية لا تتساوق مع مصالحه. من المتوقع أن يحرص على ألا تنحرف المفاوضات عن هدفها وتتحول إلى بيئة خصبة لاتصالات سياسية مع إسرائيل. بموازاة ذلك، فإن حزب الله يحرص على إبقاء التوتر الأمني أمام إسرائيل، في الوقت الذي ما زال وعده بالانتقام لمقتل رجل حزب الله في هجوم إسرائيلي في سوريا (في تموز) باقياً على حاله. هذا، كجزء من سياسته لترسيخ معادلة ردع واسعة إزاء إسرائيل تقول أنه سيضرب جنود إسرائيليين  كَرد على المسّ بأعضائه حتى في سوريا وكذلك في لبنان. في هذه المرحلة يبدو أن هذا التنظيم ينتظر الوقت المناسب من وجهة نظره لتنفيذ تهديده، وهي عملية من شأنه أن توسع دائرة المواجهة. يجب ألا نستبعد احتمالية أن هدف عملية عسكرية سيكون أيضاً صرف الأنظار عن مساهماته السلبية لحل الأزمة في لبنان.

السيناريوهات المحتملة

في هذه المرحلة يصعب التنبؤ بالتطورات في لبنان ولكن يمكن أن نشير إلى 4 سيناريوهات أساسية لما يمكن أن يحدث لاحقاً

ما كان هو ما سيكون – استمرار الوضع القائم دون تغيير جوهري لفترة زمنية أخرى، والذي يمكن أن يمتد ومن الممكن أن يقود إلى أحد السيناريوهات التالية.

تغيير تدريجي للأفضل -السيناريو الإيجابي، والذي فيه يتحقق تحسين تدريجي في الوضع في لبنان: تشكيل حكومة تكنوقراط قادرة على العمل برئاسة الحريري والدفع قدماً بصورة تدريجية بإصلاحات وتحويل مساعدة غربية

سيطرة حزب الله بالقوة -والذي وصل لاستنتاج أنه من أجل الحفاظ على مكانته ومكتسباته لم يتبقَ أمامه سوى السيطرة على الدولة اللبنانية. درجة المقاومة من جانب القوى الأخرى تملي نطاق المواجهة العسكرية الداخلية في الطريق إلى ذلك.

حرب أهلية وفوضى. -إن اندلاع حرب أهلية أخرى، في أعقاب عملية السيطرة بالقوة لحزب الله أو بسبب اتساع أحداث العنف بمبادرة آخرين، دون نجاح أي من هذه القوى في السيطرة على الدولة.

توصيات لاسرائيل

أمام لبنان -نقطة انطلاق إسرائيل يجب أن تكون انه يوجد لها مصلحة في لبنان كدولة مستقرة مع نظام قادر على العمل ولكن بدون تأثير من حزب الله. بناء على ذلك على إسرائيل أن تدعم تقديم مساعدة غربية للبنان مع بذل جهود من أجل وضع قيود تمنع دمج أو سيطرة حزب الله على النظام اللبناني.

أمام حزب الله -على إسرائيل أن تواصل نضالها العسكري- السياسي- الفكري لإضعاف هذا التنظيم كقوة مهيمنة في لبنان، وكمن يسيطر على ميليشيا عسكرية مستقرة، مع التأميد على منع استمرار تعززه، وخاصة إفشال جهوده لتجميع مخارن صواريخ دقيقة، وكذلك أيضاً منع ترسخ بنية تحتية لحزب الله في هضبطة الجولان. في الساحة الدولية على إسرائيل أن تعمل من أجل استمرار عزله السياسي واعتباره تنظيماً ارهابياً دولياً، والمساعدة في الكشف وإحباط نواياه في تنفيذ إرهاب في الخارج، وتوضيح مخاطره على لبنان وعلى إسرائيل، وعلى المنطقة كنتيجة لعمليات عسكرية لهذا التنظيم على طول حدود إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى