هآرتس: من الذي سيحقق في ما حدث في 8 اكتوبر؟
هآرتس 30/12/2025، الوف بن: من الذي سيحقق في ما حدث في 8 اكتوبر؟
الجدال حول لجنة التحقيق في اخفاقات 7 اكتوبر يركز على مسالة كيفية تاثير تعيين الاعضاء فيها على تحديد مسؤولية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن الكارثة. اللجنة يجب عليها التحقيق في ماذا ومن الذي مكن من الهجوم المفاجيء لحماس في غلاف غزة، ونتنياهو يريد ان يشمل الفحص مدة سابقة من اجل القاء التهمة على اسلافه، اسحق رابين (اوسلو) واريئيل شارون (الانفصال)، بدلا من القائها عليه. ولكن رغم النبش في الماضي فانه لا يوجد تقريبا أي نقاش عام أو نقاش سياسي حول فحص القرارات التي اتخذت منذ 7 اكتوبر.
الامر لا يقتصر على نقص المواضيع التي تستدعي التحقيق فيها: قتل عشرات آلاف الفلسطينيين الذين في معظمهم من الابرياء، نساء واطفال؛ تهجير معظم سكان القطاع وتجميعهم في مخيمات؛ التدمير الممنهج لمدنهم وقراهم، المستمر حتى بعد اتفاق وقف اطلاق النار؛ التاخير المطول في اعادة المخطوفين؛ خرق اسرائيل لوقف اطلاق النار في آذار الماضي؛ قرارها عدم ادخال الغذاء الى القطاع وتفعيل “الصندوق الامريكي” بعد ذلك، الامر الذي تسبب بكارثة انسانية؛ انشاء ادارة “الترانسفير” في وزارة الدفاع؛ تاثير الحرب في غزة على اداء الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية وفي لبنان وفي سوريا؛ سير الحرب على جبهة لبنان وجبهة ايران، والقائمة طويلة.
يوجد لكل هذه القرارات مسؤول واضح وهو نتنياهو. فقد تجاهل فشل 7 اكتوبر وقال انه “لم يوقظوني” قبل ان تعبر حماس سياج الحدود. قوله هذا هو قول اجوف، وهو محاولة لتضليل الناس وحرف الانتباه عن مسؤوليته المطلقة عن ادارة السياسة الامنية بشكل عام وعن العلاقات مع حماس بشكل خاص، وتجاهله للتحذيرات من الحرب. ولكن ذرائعه عما حدث سابقا لا تنطبق قطعا على القرارات التي اتخذت بعد ان استيقظ. منذ 8 تشرين الاول اصبح نتنياهو وحيد في القيادة، وكانت الكلمة الفصل له. من الضروري فحص كيف اتخذت القرارات التي كلفت حياة الكثيرين وتسببت بالدمار بابعاد ضخمة في غزة، وتسببت بمئات القتلى الاسرائيلي ومعاناة فظيعة للمخطوفين. مهم ايضا فهم ماذا كانت الاستشارة القانونية التي قدمت للكابنت وهيئة الاركان في قضايا القانون الانساني الدولي والخوف من ارتكاب جرائم حرب.
لكن هذه التساؤلات لم تثر أي اهتمام في اسرائيل. بل مجرد طرحها للنقاش اعتبره نتنياهو ومساعدوه مساعدة للعدو. وتجنبت وسائل الاعلام الاسرائيلية تغطية ما يحدث في غزة، وعلى أي حال، ايدت الاغلبية الساحقة من الشعب اليهودي معاقبة الفلسطينيين بشدة على المذبحة التي حدثت في الغلاف. واضح ايضا ان أي لجنة تحقيق اسرائيلية، بغض النظر عن اعضائها، لن تتمكن من اقناع الفلسطينيين ومؤيديهم وكل من يتهم اسرائيل بارتكاب ابادة جماعية، باستنتاجاتها. ايضا مشكوك فيه في هذه المرحلة من ان يؤدي أي تحقيق يقوم به مسؤول اسرائيلي مخول في القرارات التي اتخذت اثناء الحرب، لن يؤدي الى الغاء مذكرات الاعتقال الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية بحق نتنياهو ويوآف غالنت.
مع ذلك، رغم اللامبالاة الداخلية والتشكيك الدولي فانه من المهم التحقيق في قرارات الحرب، سواء لاسباب اخلاقية أو لان الجهود التي بذلت وكل عمليات القتل والتدمير في غزة، رغم كل الثمن الداخلي والعزلة الدولية، لم تحقق الهدف الرئيسي للحرب وهو تفكيك حكم حماس وقوتها العسكرية. أما الهدف الثاني، اعادة الرهائن، فقد تحقق من خلال الصفقات وليس بالقوة العسكرية، مثلما كان واضح من البداية.
ان من حق الجمهور ان يعرف كيف ولماذا تلاشى وعد نتنياهو بـ “النصر المطلق”، ولماذا تأخرت اعادة المخطوفين، وما اذا كانت هناك جرائم حرب خطيرة ارتكبت بشكل متعمد. الاجابة على هذه الاسئلة، التي ستثقل على اسرائيل لاجيال قادمة، لا تقل اهمية عن سؤال من الذي يتحمل المسؤولية الاكبر عن فشل 7 اكتوبر، هل نتنياهو أو قادة الجيش والاستخبارات؟ ومن الذي سيحقق في هذا الامر؟.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook



