ترجمات عبرية

يديعوت احرونوت: بين الخط الأحمر والخط الأصفر

يديعوت احرونوت – رون بن يشاي – 28/12/2025 بين الخط الأحمر والخط الأصفر

مبعوثو الرئيس الأمريكي والوسطاء يضغطون على إسرائيل للانتقال الى المرحلة الثانية من “خطة العشرين نقطة” في غزة، في لبنان سينفد يوم الأربعاء من هذا الأسبوع الإنذار الذي وجهه الرئيس الأمريكي ترامب لحزب الله لنزع سلاحه، وكذا الاتصالات بين إسرائيل وسوريا وصلت الى طريق مسدد. وبالتالي، عمليا، على الأرض يحصل القليل جدا. 

حماس وحزب الله يرفضان نزع سلاحهما. ومع أن للامريكيين خططا عظمى – لكنهم يستصعبون إقامة أجهزة تنفيذ. وعليه يشتد الضغط من واشنطن على إسرائيل بتقديم تنازلات، أساسا انسحابات أخرى حتى دون نزع سلاح حماس وحزب الله وذلك لاجل السماح لترامب بعرض حراك في كل الساحات وربما لدفعه الى الامام في الطريق الى جائزة نوبل. 

في الكريا بالمقابل يخشون من أنهم اذا ما استجابوا لهذه المطالب فستتآكل إنجازات حرب 7 أكتوبر. وعليه فان رحلة نتنياهو للقاء مع ترامب في الولايات المتحدة في هذه النقطة الزمنية ليست أقل من مصيرية. ما سيتفق عليه بين ترامب ومستشاريه وبين نتنياهو سيسمح بتنسيق جيد واكثر واقعية بين تطلعات البيت الأبيض وبين المصالح الأمنية الإسرائيلية، وسيقرر الترتيبات على الأرض التي ستكون سارية المفعول لسنتين – ثلاث سنوات على الأقل، هذا في افضل الأحوال.

عن أسوأ الأحوال ترفض محافل امن رفيعة المستوى الحديث. بعض منهم مقتنعون بان العلاقات بين نتنياهو وترامب جيدة وحميمية كما تنعكس في وسائل الاعلام، وان ترامب يحرص حقا على امن دولة إسرائيل ومواطنيها. وبالتالي، في المشاورات التي اجراها نتنياهو قبيل الرحلة عرض مسؤولو جهاز الامن على رئيس الوزراء مطالب الحد الأدنى التي تحققها حيوي لامن إسرائيل في السنوات القادمة. في القدس أخذت في الحسبان في هذا السياق أيضا الحقيقة المعروفة بان مدى انصات الرئيس الأمريكي محدود وان ليس له الصبر للتفاصيل. ولهذا فقد صيغت مباديء وليس مطالب امنية مفصلة. 

الهدف: الامتناع عن سيناريو زلنسكي

سيصر نتنياهو على ان إسرائيل تريد تثبيت امنها على مفهوم امني جديد، يتضمن إضافة الى المباديء القديمة دفاعا متقدما ووقائيا أيضا. سيطلب الأمريكيين ابداء تفهم وتأييد سياسي وعسكري في تنفيذ هذه المباديء في كل الساحات. ليس مؤكدا على الاطلاق ان يستجيب ترامب.

كما سيحاول نتنياهو ان يلطف في محيط ترامب حدة نفوذ الدول التي يسميها الجيش الإسرائيلي “محور الاخوان المسلمين” – تركيا وقطر اللتين لهما ولزعيميهما مكانة مفضلة ونفوذ في البيت الأبيض. في هذا الشأن من المتوقع جدال بل وربما مواجهة بين نتنياهو وترامب. 

كما سيطلب رئيس الوزراء ضمان مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في اطار خطة المساعدات الأمنية المتعددة السنين التالية، التي تجري حولها مفاوضات بين الدولتين وكذا من خلال فرض قيود مختلفة على توريد أسلحة حديثة لمحور الاخوان المسلمين والسعودية. 

في هذا الشأن من غير المتوقع، على ما يبدو خلافات جوهرية

في جهاز الامن وفي مجلس الامن القومي على وعي أيضا بحاجة نتنياهو ودولة إسرائيل للامتناع قدر الإمكان عن مواجهة مع ترامب ومع ادارته. في القدس يتذكرون المواجهة المهينة بين ترامب ورئيس أوكرانيا زلنسكي في البيت الأبيض ويخشون من سيناريو محتمل “ينقلب” فيه ترامب على نتنياهو ويتهم إسرائيل بنكران الجميل. بالمناسبة قبل يوم من وصول نتنياهو الى مار آلاغو يصل الى هناك زلنسكي الى لقاء مصيري ومشحون اكثر من لقاء نتنياهو. 

وعليه، ففي مداولات داخلية اعدت قائمة مباديء يرى جهاز الامن تنفيذها حيويا. بالنسبة لغزة، مطالب الجيش، ومعقول أيضا مطالب الشباك – تتضمن أولا وقبل كل شيء مقاتل وحدة “يسم” العريف أول دان غوئيلي الذي لم يجلب للدفن في إسرائيل. الطلب الثاني الذي يتعلق بغزة هو نزع سلاح حماس وقدراتها العسكرية التي تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية: قاذفات آر.بي.جي من أنواع معينة، قنابل هاون، مقذوبات صواريخ باليستية من كل الأنواع، صواريخ مضادة للدروع، مُسيرات وحوامات ثقيلة.  واضح لجهاز الامن انه لا يمكن جمع كل الأسلحة الخفيفة التي في القطاع، لكن إسرائيل تصر على تفكيك القدرات الثقيلة التي تهدد الجبهة الداخلية في إسرائيل وتتيح هجمة مفاجئة في الحدود الجنوبية.

يتضمن تجريد القطاع الهدم والإخراج عن الاستخدام بشكل تام ودائم الشبكات التحت الأرض وكذا منع انتاج السلاح والمواد المتفجرة. كما تطالب إسرائيل بالحظر المطلق على التدريبات العسكرية في القطاع. في المجال المدني مطلوب منع تام لمشاركة رجال حماس في أجهزة الحكم وانفاذ القانون وكذا في وظائف عليا في الحكم الفلسطيني المستقبلي. 

تطالب إسرائيل إضافة الى ذلك بآلية دولية فاعلة تمنع الترميم العسكري لحماس. وحسب الخطط، فان جهاز قوة الاستقرار الدولية سيؤدي هذه الوظيفة. إسرائيل لا تعارض عمل الجهاز في المناطق التي تحت سيطرتها شرقي الخط الأصفر او حتى فحص “خطة رفح الخضراء” كمشروع تجريبي لخطط الاعمار، لكن قدرة الأمريكيين والوسطاء على نزع سلاح وتجريد المنطقة التي توجد تحت سيطرة حماس غربي القطاع محدود جدا. على الرغم من ذلك يحتمل أن يطلب ترامب من نتنياهو أن ينفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا إسرائيليا إضافيا شرقا وشمالا. 

في جهاز الامن يوصون نتنياهو التشبث والايضاح لترامب بانه طالما لم ينزع سلاح حماس وغرب القطاع الذي تحت سيطرتها ليس مجردا من السلاح – فان الجيش الإسرائيلي لن ينفذ انسحابا إضافيا. اما على ما تبقى فيمكن المساومة والحديث. بكلمات أخرى: جهاز الامن يريد أن يشدد على أنه لا ينبغي باي حال الانسحاب عن الخط الأصفر اذا لم ينزع سلاح حماس واذا لم يفكك غرب غزة من الانفاق – حتى بثمن مواجهة مع ترامب. 

“الخط الأصفر هو خط حدود امني وخط انطلاق للهجوم”، قال مؤخرا رئيس الأركان الفريق ايال زمير عندما تجول في غزة. معقول جدا الافتراض بان هذه القول يعكس أيضا الموقف الذي سيعرضه نتنياهو في مار آلاغو ويحتمل ان يطلب من الرئيس الأمريكي السماح بتفكيك السلاح والتجريد في غربي القطاع. اما ترامب، الذي يهمس ممثلو قطر، تركيا والسعودية في اذنه وفي آذان مستشاريه، لن يسارع على ما يبدو للاستجابة للطلب. لعله سيقول على طريقته “We shall see” وربما يقول “لا” قاطعة. 

التخوف: “اتفاق سي” مع ايران

في الساحة اللبنانية أيضا تطالب إسرائيل تجريد جنوب لبنان من تواجد مسلح وبنى تحتية عسكرية لحزب الله فوق وتحت الأرض. والهدف هو السماح لسكان الشمال بالعودة الى الحياة الطبيعية دون الخوف من هجوم مفاجيء. في الجيش الإسرائيلي يعترفون بان هذا الهدف تحقق الى هذا الحد او ذاك في كل ما يتعلق بخط القرى الشيعية الأول والثاني امام الحدود مع إسرائيل – لكن حزب الله لا يتوقف عن محاولة التموضع وإعادة البناء العسكري من جنوب وشمال الليطاني.

كما تطلب إسرائيل أن تتفكك قدرات النار الثقيلة وبعيدة المدى لدى حزب الله بما في ذلك الصواريخ الباليستية، صواريخ شاطيء – بحر، مُسيرات، حوامات وقدرات بحرية هجومية.

حزب الله، الذي عمليا سلم مؤقتا بدحره من جنوب لبنان يرفض تماما هذا الطلب.

الان، مع نهاية الإنذار الأمريكي لحزب الله هذا الأسبوع، نشأ وضع جديد، ومعقول الافتراض بان ترامب سيسمع من نتنياهو بان إسرائيل تفكر بتشديد ذي مغزى للقتال. في الجيش يشددون بانه توجد منذ الان خطط عملياتية لمثل هذه الامكانية. ترامب يتحكم بامكانيات التمويل للاعمار الذي تتوق لها دولة لبنان المدمرة، وعليه فان نفوذه على حكومة لبنان ومؤيديها حاسم. 

في القدس يطالبون بنجاعة عمل آلية الانفاذ الدولية برئاسة جنرال امريكي كي تتمكن من التأكد من تنفيذ إزالة البنى التحتية لحزب الله في المنطقة. كما يطالبون في إسرائيل بحرية العمل الكاملة للقيام بعمل مستقل في المكان الذي لا يعمل فيه الجيش اللبناني بعامة او يعمل بالتظاهر فقط. هذا ما يحصل الان باذن الولايات المتحدة، لكن تتعاظم الضغوط على ترامب من جانب السعودية، قطر، تركيا وفرنسا لوقف الاعمال الإسرائيلية في لبنان وإزالة تواجد الجيش الإسرائيلي في الاستحكامات المتسللة الخمسة. 

بالنسبة لإيران، تطلب إسرائيل اتفاقا دوليا يلغي البرنامج النووي العسكري، يقيد تطوير ونشر الصواريخ والمسيرات ويمنع التآمر الإقليمي من خلال الوكلاء. الاتفاق يجب أن يتضمن رقابة دولية متوغلة ومتواصلة. صحيح حتى الان، ترفض ايران أي اتفاق من هذا النوع. في جهاز الامن يلاحظون أن ترامب معني بالامتناع عن مواجهات في الشرق الأوسط كي يتمكن هو وحلفاءه الاقليميون الى التفرغ للاعمال التجارية والى الأرباح من المنطقة. ولهذا يوصي جهاز الامن نتنياهو بالسعي الى منع التوقيع على اتفاق “سيء” مع ايران؛ وبالتوازي اذا لم يتحقق “اتفاق جيد” يضمن امن المنطقة وإسرائيل، يبحث نتنياهو مع الرئيس في سبل التصدي لإيران. 

يكاد لا يكون شك في أن الرئيس التركي هو الاخر سيطرح على النقاش في مار آلاغو. في إسرائيل يوجد اجماع يعارض تواجد عسكري تركي في غزة، وكذا في وسط وجنوب سوريا لاسباب عديدة وصحيحة. هذا تواجد يقيد حرية العمل الإسرائيلية لإحباط التهديدات. فعندما يحرض اردوغان ضد إسرائيل كآخر ا لجهاديين، فان كل شرارة صغيرة في المنطقة من شأنها ان تشتعل الى نار كبرى. نتنياهو كفيل بان يصطدم بضغط مضاد من جانب ترامب، الذي سيسعى للسماح لتركيا للمشاركة في قوة الاستقرار في غزة. هذا ينبع ليس فقط من محبة الرئيس الأمريكي لاردوغان، بل أيضا لانه تكاد لا تكون هناك دول أخرى مستعدة لارسال الجنود لفترة يفترض أن تدخل القطاع. هذه ستكون احدى المسائل الحساسة الأكثر تفجرا في اللقاء.

بالنسبة لسوريا، تسعى إسرائيل لمواصلة انتشارها الحالي في جنوب الدولة الى ان تتبين الطبيعية الحقيقية للنظام الجديد في دمشق. التخوف المركزي هو من هجمات مفاجئة تقوم بها جهات جهادية على الحدود في الجولان. لهذا الغرض يحتفظ بتواجد عسكري إسرائيلي في عدة استحكامات متقدمة في المنطقة الفاعلة بما في ذلك في منطقة جبل الشيخ.

في جهاز الامن يقدرون بانه في لقاء القمة في مار آلاغو ترامب سيطلب من نتنياهو تنازلات – بما في ذلك تنازلات من شـأنها في سنة الانتخابات ان تغيض “قاعدته”. وعليه فمعقول الافتراض بان نتنياهو سيقاتل على كل نقطة. هذه لن تكون بالنسبة له نزهة على شاطيء البحر في فلوريدا.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى