إبراهيم كامل وشاح: الثورة الفلسطينية: من انكسار اللجوء إلى عنفوان الهوية
إبراهيم كامل وشاح * 26-12-2025: الثورة الفلسطينية: من انكسار اللجوء إلى عنفوان الهوية
إن الاحتفاء بذكرى انطلاقة “الثورة الفلسطينية” الـ61 ليس مجرد استحضار للتاريخ بل هو استنهاض للمستقبل إنها الراية التي تنتقل من جيل إلى جيل حاملةً معها إرث الرصاصة الأولى وعنفوان الحق التاريخي.
فعندما انطلقت الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية في منتصف ستينيات القرن الماضي لم تكن مجرد فعل عسكري عابر في صراع محتدم بل كانت بمثابة الانفجار الكبير في الوعي الجمعي الفلسطيني.
لقد جاءت هذه الثورة لتعيد صياغة الوجود الفلسطيني من العدم، محولةً الإنسان من مجرد “لاجئ” ينتظر المساعدات الدولية، إلى “فدائي” يمسك بزمام قدره ويعلن للعالم أن القضية ليست ملفاً إنسانياً بل هي معركة حرية وكرامة.
قامت فلسفة الثورة الفلسطينية منذ البداية على ركيزة صلبة هي الاستقلالية الوطنية ففي زمن كانت فيه الجغرافيا الفلسطينية تُدار كأوراق ضغط إقليمية جاءت الثورة لتنتزع القرار الوطني من التجاذبات الخارجية كان شعار “الفلسطيني سيد قراره” هو الدرع الذي حمى الهوية من الذوبان وحول الكوفية من مجرد غطاء للرأس إلى رمز أممي للتمرد على الظلم.
لم يكن مسار الثورة يوماً مفروشاً بالورود بل كان معبداً بتضحيات جسام وقوافل من الشهداء غير أن العبقرية الكامنة في هذه الثورة تجلت في قدرتها على المزاوجة بين بندقية الثائر وحكمة السياسي هذه الواقعية الثورية هي التي منحت القضية جواز مرور نحو المحافل الدولية وحولت منظمة التحرير الفلسطينية إلى ممثل شرعي ووحيد وصولاً إلى انتزاع الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
رغم الأعاصير التي عصفت بالمسيرة من حصار بيروت إلى اغتيال القادة المؤسسين وعلى رأسهم الرمز الشهيد ياسر عرفات ظلت الثورة الفلسطينية هي العمود الفقري للحركة الوطنية. وسر ديمومتها يكمن في كونها تياراً شعبياً عريضاً يستوعب كافة أطياف الشعب إنها التعبير عن الوجدان الفطري للفلسطيني الذي يرفض الانكسار، ويجيد الانبعاث من تحت الرماد.
إن جماهير الثورة الفلسطينية اليوم تؤكد من جديد أن الفجر لا يُستجدى بل يُصنع بالإرادة والوحدة والثبات وأن الحكاية التي بدأت بطلقة لن تنتهي إلا بالنصر وبزوغ فجر الحرية فوق مآذن وكنائس القدس.
*الناشط القانوني والسياسي عضو اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم البريج – مسؤول دائرة الشباب
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



