ترجمات عبرية

هآرتس: دون أن تكون قادرة على أداء مهامها ودون ان تنهار، حماس عادت للسيطرة على غزة في الخفاء

هآرتس 25/12/2025، جاكي خوريدون أن تكون قادرة على أداء مهامها ودون ان تنهار، حماس عادت للسيطرة على غزة في الخفاء

تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب بشان انشاء مجلس السلام القريب وبداية التشغيل المتوقع للقوة متعددة الجنسيات، لا تثير دهشة سكان القطاع. فمنذ الاعلان عن وقف اطلاق النار في تشرين الاول هم يعيشون بدون حكومة قادرة على اداء عملها وبدون افق واضح. الواقع على الارض منذ ذلك الحين يوضح لهم انه حتى لو خرجت خطة الرئيس الامريكي الى حيز التنفيذ فان ذلك سيحدث بشكل بطيء وسترافقه مماطلة يمكن ان تستمر لاشهر كثيرة.

الغزيون الذين تحدثوا مع “هآرتس” قالوا انه في المنطقة في القطاع، التي لا يوجد لاسرائيل عليها سيطرة كاملة، تنجح حماس في الحفاظ على درجة معينة من النظام. بين انقاض البيوت والشوارع المدمرة، في الواقع لا توجد فوضى، لكن الحياة ما زالت بعيدة عن ان تكون روتين طبيعي، وحماس بعيدة عن تحقيق كامل لسلطتها. “فحماس لا تتصرف بصورة استعراضية”، قال للصحيفة اكاديمي مؤيد لحماس. “هي لا ترفع الاعلام ولا تملأ الفضاء العام بالشعارات، لكنها توجد هناك، في الليل، على مفترقات الطرق وفي الحواجز”. وحسب اقواله فان هذا هو واقع سلطة “قائمة وغير قائمة”. حماس تظهر حضور امني واضح، لكن ليست لها قدرة على الحكم، وهي تحاول الحفاظ على النظام في واقع من الدمار المدني العميق والمستمر.

“حماس ما زالت تحكم، لكن ليس بالمعنى المعروف للحكم السيادي”، أوضح لـ “هآرتس”، احد سكان القطاع الذي كان محسوب في حينه على أحد الاجهزة الامنية الفلسطينية. وقد اشار الى أنهم في حماس ما زالوا يشغلون اجهزة جباية الضرائب ويتحكمون بالتجارة الداخلية – لكن هذا ليس حكم يقوم بدوره. فهو لا يوفر خدمات عامة وليست له ميزانية منظمة ولا يدفع رواتب. الموظفون العامون يحصلون على جزء من الراتب فقط، احيانا مرة كل شهرين. السلطات المحلية في شمال ووسط قطاع غزة وفي مدينة غزة ايضا تعمل بموارد شبه معدومة. وباستخدام الجرافات والمعدات الثقيلة القليلة المتاحة تقوم باصلاح بعض الشوارع هنا وهناك وفتح معبر مائي مؤقت وترميم بعض البنى التحتية، لكنها عاجزة عن اصلاح الدمار. اضافة الى ذلك يتركز معظم العمل باستخدام الادوات الهندسية على البحث عن جثث المفقودين تحت الانقاض. في نفس الوقت منذ وقف اطلاق النار تعمل حماس على محاربة من استغلوا الحرب للربح، بل ان بعض التجار والمتورطين في الجريمة يحاولون مغادرة القطاع.

مع ذلك فان ظاهرة النهب والسرقة الصغيرة التي كانت سائدة في بداية الحرب اختفت تقريبا، كما صرح ابو ابراهيم، وهو احد سكان دير البلح، لـ “هآرتس”، وقال ان الناس يعرفون بوجود جهة يمكنهم التوجه اليها حتى لو كانت ضعيفة، وهم يشعرون بنوع من الأمان ويعرفون ان البديل – غياب سلطة حكومية – اسوأ بكثير.

“الجمهور في غزة لا يحب حماس. فهناك ارهاق وغضب وشعور بالاغتراب وخيبة الامل. وهو لا يرغب في رؤية حماس تحكم البلاد، ولا يغفر لها الثمن الباهظ الذي يدفعه القطاع. ولكن في نفس الوقت الكثير يعرفون ان انهيار حماس بالكامل كقوة حاكمة سيخلق فراغ خطير: العشائر مسلحة وصراعات عائلية عنيفة وسيطرة قسرية على المجموعات المحلية بدون أي رادع. عندما تعمل حماس ضد جماعات مسلحة فان جزء من الجمهور يؤيدها، ليس تأييد حكمها بل خشية من الفوضى”، قالت معلمة من قطاع غزة.

سكان القطاع يقولون ايضا بأن طابع حماس الايديولوجي قد تغير. فحسب اقوالهم لم يعد يوجد اكراه ديني يومي أو رقابة حازمة على الملابس أو حفلات الزفاف أو المناسبات الاخرى. في قاعات الافراح يغني الضيوف ويرقصون ويتصرفون كما يحلو لهم. أما في المساجد فالخطب حذرة ومشفرة ومقيدة. جمال، المعارض لحماس، قال ان خطاب الحركة لم يتغير فقط، بل بات هناك تمييز واضح بين الجناح العسكري والشرطة المدنية، لا سيما في ظل التهديد الذي يلوح في الافق على افراد الجناح العسكري. هكذا تسير الحياة في غزة: ليس في ظل حكم سيادي قادر على اداء عمله، لكن ايضا ليس في ظل انهيار مطلق للانظمة. السيطرة هي جزئية وهشة وتعتمد على الخوف من البديل أكثر مما تعول على الشرعية الجماهيرية. ايضا حماس لا تعرف مستقبلها، وفي غضون ذلك هي تحافظ على النظام، لكنها غير قادرة على بناء قوتها. الجمهور يعيش بين الخوف من المنظمة وبين الاعتماد القسري عليها، ويواجه حرب بقاء كل يوم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى