ترجمات عبرية

هآرتس: خالد مشعل يحاول تقديم حماس أنها حل وليس مشكلة، وتصويرها بالمفاهيم الغربية

هآرتس 23/12/2025، رونيت مارزن: خالد مشعل يحاول تقديم حماس أنها حل وليس مشكلة، عن طريق تصويرها بالمفاهيم الغربية

تحليل المقابلة التي اجراها خالد مشعل مع موقع “دروب سايت نيوز” في كانون الأول 2025، يكشف عن حملة تاثير ذكية، التي تجرى برعاية قطر وتستهدف إعادة تشكيل الراي العام في أمريكا. مشعل يدير استراتيجيتين متوازيتين. فمن جهة، هو يستغل ميل الإدارة الامريكية في واشنطن للمصالح التجارية واحترام الغرب للقوي ويقترح عليهم “صفقة عقلانية”، يصور فيها حماس كقوة واقعية لم تهزم، وانها هي الوحيدة التي تستطيع تحقيق الاستقرار. ومن جهة أخرى، يستغل موجة التعاطف الشعبي الأمريكي، مستقطبا جيل الشباب التقدمي الذي ينظر الى إسرائيل كعبء، والى حماس والفلسطينيين كـ “مناضلين من اجل العدالة”. وفي نفس الوقت يغازل معسكر الميغا “لنجعل أمريكا عظيمة من جديد”، الذي يعتبر تقديم المساعدات لإسرائيل تبذير للموارد ويضر بالمصالح الوطنية. بهذه الطريقة فان مشعل ينشيء حركة توعية: تحويل حماس الى “شريك ضروري” بالنسبة للإدارة الامريكية، و”شريك أخلاقي” بالنسبة للشارع.

مشعل وقطر ينفذون في الواقع “إعادة تنظيم تجاري” لرواية النزاع. هم يشخصون الإدارة الامريكية كمن تعمل حسب اعتبارات الربح والتكلفة، ويصنفون إسرائيل كـ “مشروع فاشل”، يشكل عبء سياسي واقتصادي للولايات المتحدة. الرسالة لواشنطن هي: نحن القوة الوحيدة على الأرض، التي يمكن عقد الصفقات معها، في حين ان إسرائيل تجركم الى الخسارة. من اجل تمهيد الأرض لصفقة فان مشعل يفصل حماس عن سياق الإرهاب الإسلامي، ويعرضها كمنظمة تحرير وطنية تدير نضال شرعي على أساس القانون الدولي. هو يجند سوابق مثل الثورة الامريكية، نضال نيلسون مانديلا في جنوب افريقيا، وحتى نضال ديغول ضد النازيين.

في ذروة خطوته الخطابية قام بتجنيد أبو محمد الجيلاني من سوريا من اجل ان يضع امام الغرب صورة دقيقة ومحرجة: اذا كنتم، باسم الاستقرار الإقليمي، وافقتم على تطبيع العلاقات مع شخص تم ربطه في السابق بتنظيم القاعدة فلماذا لا ترغبون في اتباع نفس النهج تجاه حماس، الذي يقول بانها ليست منظمة إرهابية، بل “حركة اجتماعية – ديمقراطية نظيفة مع حكم مثبت”؟.

خلال ذلك ادمج مشعل تحذير استراتيجي صريح ضد تكرار الخطأ في العراق. فتفكيك الجيش والحكومة، كما يقول، لا يؤدي الى الديمقراطية، بل الى فراغ خطير، ويستدعي صعود قوى متطرفة مثل داعش.

هو يعيد تعريف مواصلة حيازة السلاح ليس كوسيلة للارهاب، بل كاداة لتحقيق الاستقرار، ويقترح اطار يبقى فيه السلاح مخزن ضمن ترتيب إقليمي، محولا بذلك القوة العسكرية لحماس من مشكلة الى حل: جهة فاعلة تمنع الفوضى. في نفس الوقت يصور إسرائيل ككيان خائن ينتهك الاتفاقيات، ويصور السلطة الفلسطينية ككيان اجوف وخاضع ويفتقر الى الشرعية الشعبية.

بشأن الفضاء العربي والإسلامي يتبنى مشعل نهج يقوم على “المدح والذم”. فهو يمدح مواقف بعض الزعماء، لكنه يرى أنها “قليلة جدا ومتاخرة جدا”. في ظل غياب قيادة مركزية يمكنها توجيه العمل الجماعي، وفي عالم يحكمه رجل اعمال يميل الى المغامرة والنزوات، يوضح ان الدول العربية ستبقى أسيرة للمصالح الاقتصادية وشراء السلاح والتحالفات الدفاعية. لذلك، حسب رؤيته، فان رجل الاعمال ترامب وحده هو القادر على فرض انهاء الاحتلال الإسرائيلي. ومن اجل تجاوز الفجوة الأساسية بين رؤية تحرير “كل فلسطين” والحاجة الى الاعتراف الدولي فان مشعل يقترح على الغرب وعلى العالم العربي صفقة يتخلون فيها عن “المظاهر”، ولكن في نفس الوقت يبقون أوفياء للجوهر. من جهة، يوجهون رسالة للشارع الفلسطيني تفيد بان حماس ما زالت تلتزم بعدم الاعتراف بإسرائيل وتحقيق حق العودة. من جهة أخرى، الذين يتبنون لغة إدارة الاخطار والواقع السياسي، مستعدون لقبول “دولة في حدود 1967” من اجل تحقيق الوحدة الوطنية التكتيكية وتقديم “منتج دبلوماسي” يمكن للمجتمع الدولي استيعابه.

المفارقة الخطيرة في “عقيدة مشعل” لا تكمن في اكاذيبه، بل في استعداد النخب الغربية لتبنيها كاساس للحوار. فعلى الرغم من تمسك مشعل بارث الجهاد، الا انه ينجح في خلق “تنافر معرفي” في واشنطن. فالغرب في السعي الى الاستقرار وتجنب “الخطأ العراقي” ينخدع بالاعتقاد بإمكانية فصل أيديولوجيا المنظمة القاتلة عن قدرتها الإدارية. هذا خطأ استراتيجي كبير، لان الغرب يفضل العامل “القوي” على الأرض على قيمه. ان غض النظر عن حركة تضطهد شعبها وتنهب المال العام وتقدس سفك الدماء، هو خيانة لكل قيم الديمقراطية. هكذا فان حماس تقوم بما لا يصدق: هي تجعل اعظم قوة في العالم ترى “حكم الفوضى” الذي تمارسه كذخر استراتيجي والرسالة المدوية هي مدمرة – الإرهاب هو اسرع طريقة من اجل الحصول على كرسي شرعي على “طاولة الصفقات” الامريكية.

الصورة المرفقة بالمقابلة التي يظهر فيها مشعل وهو يعانق جيمي كارتر في 2008، تكمل المفارقة: اذا كان الحائز على جائزة نوبل للسلام قد اعتبر مشعل محاورا، فان وصفه بالارهابي ليس سوى تعليق سياسي عابر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى