ترجمات عبرية

هآرتس: جولة أخرى مع ايران ستكون كارثية

هآرتس 23/12/2025، اسحق بريك: جولة أخرى مع ايران ستكون كارثية

إسرائيل غامرت مغامرة كبيرة عندما شنت هجوم مباشر في أراضي ايران. وقد حققت هذه المغامرة نجاح كبير، تجلى في الاضرار الجسيمة التي لحقت بالمشروع النووي الإيراني، ومنصات اطلاق الصواريخ ومخازن الصواريخ البالستية التابعة للجمهورية الإسلامية. مع ذلك، خلال المواجهة التي استمرت 12 يوم، اطلقت ايران مئات الصواريخ البالستية على إسرائيل، والجدير بالذكر هنا ان جهود ايران استهدفت بشكل رئيسي القواعد العسكرية والاهداف الاستراتيجية وليس المراكز السكانية المدنية.

على الرغم من ذلك ورغم مساعدة الولايات المتحدة في اعتراض الصواريخ، الى جانب القدرات المذهلة لمنظومة “حيتس” التي نجحت في اعتراض الكثير منها، فقد اصابت عشرات الصواريخ اهداف استراتيجية واحياء سكنية والحقت اضرار كبيرة. لو كانت جميع الصواريخ موجهة نحو مركز تل ابيب الكبرى لكانت هذه المجازفة قد انتهت بكارثة وطنية مخيفة. إضافة الى ذلك فقد انخفض مخزون صواريخ الاعتراض لدى إسرائيل والولايات المتحدة بشكل ملحوظ، وقد أوضحت الإدارة الامريكية بالفعل انها لن تتمكن من توفير نفس الكمية من الصواريخ في مواجهة قادمة مثلما فعلت في الجولة السابقة.

يجب تذكر ان المقامرين الكبار يميلون في معظم الأحيان الى خسارة ثروتهم بالكامل في نهاية المطاف. فعندما يقامر الشخص ببلاده فانه يعرضها لخطر الخسارة الكاملة. ويجب تذكر انه رغم الضربة القاسية التي وجهتها إسرائيل لإيران الا ان الإيرانيين يتعافون بسرعة. وبدعم من الصين يحصلون على آلاف الصواريخ البالستية الجديدة، ويتوقع ان تصل طاقتهم الإنتاجية في القريب الى 3 آلاف صاروخ في الشهر.

اذا قررت إسرائيل شن هجوم جديد، وهو ما ينوي بنيامين نتنياهو اقتراحه على الرئيس ترامب في لقائهما المخطط له في نهاية الشهر، فمن المرجح جدا ان يوجه الإيرانيون هذه المرة الصواريخ البالستية مباشرة الى المراكز السكانية، لا سيما منطقة غوش دان. وتهدد ايران بالفعل بالرد بمثل هذه الخطوة في حالة تكرار الهجوم. وهي في هذه المرة مستعدة اكثر بكثير من المرة السابقة، دفاعا وهجوما. وقد ينتج عن ذلك اضرار جسيمة لا تحصى، ستنعكس على الأرواح والبنى التحتية في منطقة غوش دان حيث يتركز 70 في المئة من سكان البلاد و80 في المئة من المراكز الاقتصادية الإسرائيلية.

يجب ان نتذكر أيضا علاقات القوة الجغرافية بين الدولتين.  حتى لو نجحت إسرائيل في إيقاع ضربة قاسية أخرى، وحتى المس بدرجة كبيرة بطهران، فهذا الامر لا يشبه تاثير المس الكثيف بتل ابيب الكبرى (غوش دان). فمساحة ايران اكبر 75 ضعف من مساحة إسرائيل. ايران بناء على ذلك تستطيع ان تبقى حتى لو تكبدت ضربات قاسية، ولكن ربما ان لا تستطيع إسرائيل ان تتعافى من ضربة شديدة في منطقة غوش دان.

لكن حتى اذا خرجت إسرائيل من المواجهة القادمة وهي منتصرة، رغم الثمن الباهظ الذي ستدفعه بلا شك، وحتى لو تلقت ايران ضربة قاسية، ففي غضون ستة اشهر فقط ستمتلك ايران نفس ترسانة الصواريخ التي تمتلكها الآن. هل تستطيع إسرائيل تحمل الانجرار الى جولة قتال كل بضعة اشهر؟ من الواضح لأي شخص عاقل انه في مثل هذه الحالة لن تتمكن إسرائيل من الصمود طويلا نظرا لصغر حجمها ومواردها المحدودة وضعف تماسكها الاجتماعي.

الطريقة الوحيدة التي بقيت اذا امام إسرائيل هي تعزيز الاتفاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة، ومع حلف الناتو ودول أخرى، وخلق ميزان رعب استراتيجي وسعي دائم لعقد اتفاقات سلام مع دول عربية أخرى.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى