منوعات

بكر أبو بكر: الشباب وحق المعارضة وصلاح خلف

بكر أبو بكر 21-12-2025: الشباب وحق المعارضة وصلاح خلف

نستكمل الحديث عن الطلبة والشبيبة فنقول تميز المعارضون للثورة والمقاومة الفلسطينية وحركة فتح بتأبط الشعارات الكبيرة الخلابة، لكنها لا تُطعم جائعًا ولا تكسي عريانًا ولا تساعد ثائرًا أوتُسهم بتقدم المسيرة لذلك كان اللجوء من هذه الشخصيات وأتباعهم من الأبواق الطلابية بالجامعة، الى الاتهام والتشويه والتخوين والتكفير (ومازال المسلسل قائمًا حتى اليوم).

ففي محاضرة ألقاها عضو مجلس شعب (مجلس الأمة) من الأخوة الكويتيين من المحسوبين على اليسار أدان واتهم وشتم وعرّض بمنظمة التحرير الفلسطينية والزعيم ياسر عرفات بما لا حجّة فيه، فتصديت له بقوة وصوت عالٍ وصراخ شديد أوقفه عن الكلام دفاعًا عن الفكرة والمؤسسة، فما كان منه الا أن ازداد غلوًا وتهديدًا وكأنه يقول: من أنت الطالب الضعيف لتقوّمني أو تصلحني؟ أو تعترض علي؟! وهو ما كان لاحقًا من موقفي الحاد ضد أحد رؤساء التحرير للصحف الكويتية في ندوة بالجامعة حيث مارس ذات الأسلوب، فقمتُ وقصفته بما يستحق حتى ظهر وجهه المشوّه فقام بشتمي فسقطت الحجّة.

صلاح خلف والمعارضون

أما في مجال معاملتنا الطلابية مع أهل الاختلاف يمينًا إن شئت تصنيفهم أو اليسار فكنتُ والأخوة والأخوات معي نلجأ للحوار والنقاش ونعفّ عن الألفاظ والشتائم والاتهامات ونجعل من العمل لمصلحة الطلاب ومن أجل رضا الخالق، ولفلسطين ديدننا حيث بالقيم والأخلاق كسبنا القلوب حتى أن المعارضين من التيار الديني الإقصائي، وأولئك من اليسار اقتربوا منَا ودامت صداقتي للكثير منهم رغم الخلاف الفكري أو السياسي زمنًا طويلًا، ومنهم الى الآن.

لقد كان صلاح خلف “أبوإياد” بما عُرف عنه كالرجل الثاني في المقاومة الفلسطينية أي بعد الزعيم ياسر عرفات شهيرًا بنَفَسه المعارض الحاد أحياناً، ولكن من داخل المؤسسة بقسوة ومن خارجها بنقد الظواهر والعموميات والحالات التي تسبب السوس في جسد الثورة. لقد كان يفهم المعادلة جيدًا فلم يعترض ليحرق أو ليدمّر أو لينفّس عن غضبه فقط، أو ليظهر، أو ليتخطى المؤسسة وإنما كان جُلّ همه الحفاظ على الفكرة والكيان والنظام النضالي، وبما هو خدمة لفلسطين والشعب.

لم يكن “أبوإياد” متهاونًا في رصد وتحليل ثم إطلاق النار على الظواهر دون المساس بالشخوص، لا سيما وهو الذي طالما ردّد أمامنا كطلاب في حضرته العبارة الشهيرة المنسوبة للأديب والفيلسوف الفرنسي “فولتير”: “قد أختلف معك في الرأي ولكنني على استعداد أن أموت دفاعًا عن رأيك”.

في ندوة عقدناها في الجامعة أي جامعة الكويت للشهيد صلاح خلف ذو السطوة والهيلمان والشخصية الآسرة (الكاريزمية) تصدّى له أحد الطلبة المعارضين بسيل من الشتائم طالت الثورة والقيادة، وظن أنه حقق الهدف باستفزاز أبوإياد الذي ظل هادئًا! على عكس ما توقع. والمفاجأة أن تصدى له عدد من الطلاب ممن ينتمون لتياره موضحين له أن “أبوإياد” لم يقل الا ما تعبر عنه لكن بأسلوب عقلاني، وحصلت مجادلة وكادوا يضربون هذا الطالب حتى تدخل العملاق “أبوإياد” وأوضح لهم أن للشاب أن يعبر عن رأيه، وإن خانته الكلمات فاستخدم العبارات النابية. فكان درسًا للمعارضين ولنا، ومنّا من كان يتأهب للرد على الشاب المعارض بمثل أسلوبه.

وفي هذا المجال لديّ الكثير مما عايشته من أحداث أصابت روح التمرد وعدد من المغامرات وحُسن أوسوء الفهم. وتتكلم عن الثورة والطموح، الذي لا تحدّه الجبال ولا يقف عند حدود السماء، وتظهر روح المعارضة التي تنقضّ على فعل الخاطئ بشدة لكن بلا إساءة لشخصه، وما تغيّر عبر الزمن هو الانتقال من الشدة والعنف بالطرح الى الوسطية والاعتدال، ومن الجنوح أحيانًا الى الاستقرار النفسي الذي يغلف الانسان بالسكينة التي ترتبط بالثقة بالله والنصر، وباستقرار المفاهيم، وقليل من الحكمة ربما. (يتبع)

 

*هي بالحقيقة كما علمنا لاحقًا ليست ل”فولتير”، بل للكاتبة “إيفلين بياتريس هول” وان استوحتها من كتابات فولتير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى