أشرف العجرمي: حظر «الإخوان» أميركياً: مصير حركة «حماس»
أشرف العجرمي 26-11-2025: حظر «الإخوان» أميركياً: مصير حركة «حماس»
إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأحد الماضي في مقابلة مع موقع «جاست ذا نيوز» أن القرار بشأن اعتبار حركة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية أجنبية سوف يصدر وبأقسى الشروط، وأن الوثائق النهائية قيد الإعداد، والذي تبعه الأمر الرئاسي التنفيذي الذي يصنف فروع الإخوان في الخارج منظمات إرهابية، يضع الحركة في مأزق هو الأسوأ في العقود الأخيرة.
فمنذ تأسيس حركة «الإخوان المسلمين» في مصر بدعم من الحكومة البريطانية وهي تحظى بدعم الغرب.
وكانت لها ولا تزال مراكز مالية مهمة في بريطانيا والولايات المتحدة ودول غربية عديدة منحتها الملاذ وحرية العمل.
والسبب في ذلك أنها كانت تخدم سياسات تفتيت الدول القومية وخلق الشقاق والفتنة في المجتمعات.
والدول التي سيطر فيها «الإخوان» عانت من مشكلات كبرى وبعضها تمزق وتدمر تماماً.
ولعل المثال الأبرز هو السودان، الذي تم تقسيمه بسبب حكم عمر البشير الذي حاول فرض الشريعة الإسلامية في دولة جزء كبير من سكانها غير مسلمين أصلاً. ولا تزال دولة السودان الشمالية تعيش حرباً أهلية طاحنة حيث دفع الشعب السوداني ولا يزال ثمناً باهظاً.
ما قام به الرئيس ترامب وما يعتزم تنفيذه، هو تغيير جوهري في السياسة الأميركية، وعملياً استكمال لما بدأه في ولايته الأولى حيث حاول القيام بحظر الجماعة ولكن كانت هناك صعوبات بسبب معارضة جهات داخل النظام.
ولطالما دعا المحافظون في الحزب الجمهوري لاتخاذ موقف ضد «الإخوان» باعتبارها جماعة تدعم «الإرهاب» وتساهم في زعزعة الأمن والاستقرار الدوليين. وبعض النواب الجمهوريين تقدموا في أكثر من مناسبة بمشاريع قوانين للإعلان عن الحركة كمنظمة إرهابية.
وقرار ترامب يعزز موقف هؤلاء داخل الحزب. وهذا على خلاف موقف الحزب الديمقراطي التقليدي الذي تميز بالتعاون مع «الإخوان».
وأبرز الشواهد على ذلك ما كشفته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون التي اعترفت بالتحالف مع نظام الرئيس محمد مرسي الإخواني في مصر.
ولو استمر الأخير في الحكم لضاعت مصر وتم تدمير جيشها وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
موقف الولايات المتحدة الذي بدأ بتصنيف فروع جماعة «الإخوان» في مصر ولبنان والأردن منظمات إرهابية خارجية سيشجع الدول الأوروبية التي اتخذ بعضها مواقف متشددة ضد الحركة للمضي قدماً في حظرها، كما سيضع دولاً حليفة لواشنطن كبريطانيا وتركيا وقطر قي وضع حرج، فحتى لو لم يتطرق الأمر التنفيذي لترامب لفروع تركيا وقطر والفروع في الدول الأوروبية، فهذا لن يعفي هذه الدول من اتخاذ خطوات ما ضد «الإخوان».
وهذا يعني محاصرة الحركة مالياً وربما مصادرة أموالها أو على الأقل منعها من جمع التبرعات التي برعت فيها وجمعت في إطارها خلال العقود الطويلة مليارات الدولارات ولديها استثمارات هائلة.
وسيمنع أعضاؤها من السفر إلى الولايات المتحدة والدول التي ستحذو حذوها. وسيحظر تحويل الأموال إلى «حماس» والأذرع المختلفة التابعة لها.
وسيقاطع أي نظام سياسي سيسيطرون عليه مستقبلاً. وحتى قبل إعلان الرئيس ترامب صدر موقف أميركي بمنع «الإخوان» من أخذ أي دور في الحكم في السودان.
في الواقع، الموقف الأميركي الجديد مرتبط بشكل كبير بحرب غزة وموجه بالأساس لمحور إيران ويشمل السودان و»حماس» وفروع «الإخوان» في دول الطوق التي على علاقة وثيقة بحركة «حماس».
ويمكن القول إن هذا أحد «إنجازات» هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر فهو لم يدمر غزة ويسبب لها كارثة غير مسبوقة في العصر الحديث فحسب، بل قضى كذلك على «محور المقاومة» والآن وضع حركة «الإخوان المسلمين» في مأزق قد يقضي على دورها ونفوذها.
ولا شك في أن الإعلان الأميركي يثلج صدر العديد من دول المنطقة التي رأت في «الإخوان» تهديداً لها مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن وهذه جميعها حظرت نشاط الحركة.
لقد آن الأوان وبمناسبة طرح موضوع الإسلام السياسي بقوة على الأجندة الدولية أن يعاد النظر في الخطاب الإسلامي المتعصب والخالق للفتنة والانقسام والذي أدى لتخريب المجتمعات.
وعلى ساحتنا الفلسطينية بات مطلوباً من حركة «حماس» أن تتخلى عن ثوب «الإخوان» وأيديولوجيتهم وخطابهم وتتحول إلى حركة وطنية فلسطينية.
فما عدا ذلك سيقرر مصيرها خارجياً ونحن ندفع ثمناً متواصلاً كالذي دفعناه بسبب مغامرتها التي هي على علاقة بمصالح إيران ومحورها الذي تخلى عنها وتركها وحدها وترك الشعب الفلسطيني لمصيره.
«حماس» الآن على قائمة الشطب الدولية حتى لو سمح بوجودها مؤقتاً بسبب الفراغ فلن يكتب لها طول البقاء بسبب الموقف الإسرائيلي الذي لم يعد يحتمل وجودها حتى في إطار الدور الوظيفي الذي دعمته إسرائيل للحفاظ على الانقسام الفلسطيني ومنع قيام دولة فلسطينية. والذي سينفع «حماس» هو الشعب الفلسطيني إذا انحازت إليه وإلى مصالحه الوطنية.
وما يحميها ويحمي الشعب هو التخلي الكامل عن السلطة والسلاح الذي أصبح عبئاً كبيراً على الجميع ولا يخدم سوى مصلحة إسرائيل في إدامة الاحتلال وتقسيم قطاع غزة ومنع إعماره والحيلولة دون توحيد الضفة والقطاع في كيان سياسي واحد.



