ترجمات عبرية

هآرتس: الاحتلال هو ورم في جسد اسرائيل، فقط المقاطعة يمكن أن تنقذها

هآرتس 25/11/2025، اوري بار يوسيفالاحتلال هو ورم في جسد اسرائيل، فقط المقاطعة يمكن أن تنقذها

فيما يلي أمر يجب أن يقال، دولة اسرائيل مريضة بالسرطان. هذا السرطان له اسم وهو الاحتلال. اضراره الاولى ارسلها بعد حرب الايام الستة في 1967، ومنذ ذلك الحين استمر في الانتشار، احيانا بشكل بطيء، واحيانا مثلما في هذه الاثناء، بوتيرة قاتلة. وكان اول من شخصه هو البروفيسور يشعياهو لايفوفيتش، وايضا اسحق رابين ساهم بدوره عندما قال باسلوبه المباشر والمستقيم في 1976 بان حركة غوش ايمونيم هي “سرطان في النسيج الاجتماعي – الديمقراطي في دولة اسرائيل”.

مثل أي مرض خبيث فانه يمكن لسرطان الاحتلال القضاء على المريض حسب طريقة التعامل معه. في هذه المرحلة، بعد مرور ستين سنة على العملية، هناك أمر واحد واضح وهو انه لا يمكن لدولة اسرائيل والمجتمع الاسرائيلي والقيادة السياسية الاسرائيلية مواجهة هذا المرض لوحدها، حتى مع اضراره الواضحة. نحن اضعنا هذه الفرصة مبكرا عندما وافقت حكومة اشكول، بضغط من مناحيم بيغن ويغئال الون ووزراء آخرين، على اقامة المستوطنات الاولى في غوش عصيون وغور الاردن والخليل.

كل محاولات التعامل مع سرطان الاحتلال باءت بالفشل. رابين حاول الدفع قدما بتسوية جزئية مع الاردن في الضفة الغربية في العام 1974، لكن بسبب ضغط اليمين اضطر الى الاستسلام. لقد تم احباط عملية اوسلو التي قادها على يد يغئال عمير في 4 تشرين الثاني، وعندما فاز نتنياهو في انتخابات 1996 تأكد انها كانت عملية اغتيال. اريئيل شارون حاول اخذ زمام المبادرة بعملية الانفصال، ويبدو أن نيته كانت مواصلة المضي قدما حتى في مواجهة ضغوط المستوطنين، لكن هذا لم يكن كاف. اهود باراك واهود اولمرت، عمل بطريقته، على انهاء الاحتلال ولكنهما فشلا في نهاية المطاف. ومنذ ذلك الحين لم تكن هناك أي محاولة للتعامل مع المشكلة التي تهدد بتدمير اسرائيل كدولة سليمة.

حتى الاحتلال اسرائيل كانت قصة نجاح غير مسبوقة. فخلال اقل من عشرين سنة عدد سكانها ازداد باربعة اضعاف، واقتصادها نما بـ 10 في المئة في السنة، الزراعة تقدمت بخطوات ضخمة، واسرائيل كان فيها جهاز تعليم فاخر (الحاصلون على جائزة نوبل الآن هم الذين تعلموا في ذلك الوقت)، ويضاف الى كل ذلك جيش قوي وشبكة أمن استراتيجية حولت اسرائيل الصغيرة الى الدولة النووية السادسة في العالم (حسب منشورات اجنبية).

كل شيء لم يكن مثالي، لكن السياسيين عملوا بجهد لحل المشكلات بدلا من افتعالها. وخلافا لما كان سائدا في حينه، كانت المشكلات الامنية على الحدود الهشة اقل. في العقد قبل حرب الايام الستة قتل اقل من 200 جندي ومدني في العمليات القتالية، وفي العقد التالي، على حدود “أكثر أمنا” وبميزانية دفاع مضاعفة وجيش اقوى بكثير، قتل اكثر من 4 آلاف شخص. أي ان الاحتلال لم يوفر الامن، بل العكس هو الصحيح.

حتى العام 1967 كان طموح اسرائيل هو تحقيق السلام، لكن الاحتلال وضع طموحات اخرى مثل “الحدود الآمنة”، “ارض اسرائيل الكاملة”، “من البحر الى النهر”. الآن حتى يئير غولان يحذر من استخدام كلمة سلام، وفقط الاحزاب العربية، التي قد يكون وقتها محدود، هي التي تتحدث بصراحة عن حل الدولتين.

في داخل الدولة سرطان الاحتلال أدى الى شرخ آخذ في الاتساع، والى تطرف اليمين الوطني الذي هو غير مستعد للتنازل حتى ولا عن شبر واحد. حتى العام 1967 احتلت الصدارة القضايا الاقتصادية والاجتماعية. ومن العام 1967 وحتى 2022 الحملات الانتخابية ركزت بصورة معينة على مستقبل المناطق. ومنذ بداية 2023 سرطان الاحتلال، على شاكلة زعران التلال مثل بن غفير وسموتريتش وستروك ونصف الليكود على الاقل، انبت اورام خطيرة في نسيج مناعة الديمقراطية في الدولة. ومن غير الواضح اذا كان النظام السياسي والقانوني المتين الذي بني هنا على مر السنين سيكون قادر على مواجهة هذا التهديد.

منذ العام 1967، وهو الوقت الذي تم فيه صياغة مقولة “الاراضي مقابل السلام” كطريقة لحل النزاع، جر الاحتلال المتواصل اسرائيل من مكانة الدولة الديمقراطية المتقدمة، التي تعمل على ان تكون “منارة للاغيار”، الى مكانة الدولة المنبوذة، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتل شعب آخر لفترة طويلة.

دمار غزة وموت عشرات آلاف المدنيين من الشيوخ والنساء والاطفال، اكمل المهمة ووضع اسرائيل على رأس قائمة الدول المنبوذة. معظم الاسرائيليين لا يعرفون لماذا نحن نستحق ذلك. ولكن مواطني العالم الآخرين يشاهدون الصور من غزة واعمال شغب المستوطنين في الضفة، والرد هو امر طبيعي. مكانة اسرائيل الدولية الآن هي بشكل كبير من صنع يديها. وخلافا لكوريا الشمالية أو السودان ذات يوم كنا في مكان مختلف. خلافا لهذه الدول نحن نواصل الحصول على المساعدات السخية من امريكا ومن دول الاتحاد الاوروبي.

علاج السرطان هو امر صعب ومؤلم. وفي ظل عدم وجود القدرة الداخلية على مواجهة الاحتلال فاننا لا نعتمد الا على باقي العالم وضغطه الذي سيجلب لنا الدواء. هذا يخلق مفارقة لان اصدقاءنا بالتحديد الذين ياملون لنا الخير هم الذين يمكن ان يساهموا في تدميرنا. فمثلا، عندما تعلن المستشارة الالمانية أن مقاطعة اسرائيل في مسابقة اليوريفزيون امر محظور، وعندما ترفع المانيا حظر السلاح، فان النية قد تكون حسنة، ولكن النتيجة سيئة. لانه من غير مقاطعة دولية، ثقافية ورياضية وسياحية، وربما اقتصادية وأمنية، فانه لا توجد فرصة لموافقة اسرائيل على انهاء الاحتلال. ومثلما انه بدون علاج كيميائي أو اشعاع سيموت المريض، فانه ايضا بدون ضغط، بالذات من قبل اصدقائنا، فان سرطان الاحتلال سيقتلنا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى